مساع أميركية لحل القضايا الخلافية بين ادارة الشرع وقسد

مصادر تؤكد أن المبعوث الأميركي إلى سوريا يستعد لعقد لقاء ثلاثي مرتقب يجمعه بكل من الشرع ومظلوم عبدي وذلك بهدف دفع عجلة تنفيذ اتفاق مارس الذي يتضمن إعادة دمج مؤسسات 'قسد' ضمن بنية الدولة السورية.
ملف مكافحة فلول تنظيم داعش من بين المواضيع المطروحة

دمشق - تسعى واشنطن حاليًا إلى لعب دور الوسيط النشط بين الحكومة السورية و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، في محاولة لتقريب وجهات النظر وتفعيل اتفاق سياسي جرى توقيعه في 10 مارس/آذار الماضي، وسط تصاعد التوترات الميدانية في مناطق شمال شرقي البلاد، واستمرار الخلافات حول بعض الملفات الجوهرية، لا سيما تلك المتعلقة بحقوق المكوّن الكردي، وترتيبات تقاسم السلطة.
ووفقًا لمصادر مطّلعة تحدثت لموقع "تلفزيون سوريا"، فإن المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم باراك، يستعد لعقد لقاء ثلاثي مرتقب يجمعه بكل من الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد "قسد" مظلوم عبدي، وذلك بهدف دفع عجلة تنفيذ اتفاق مارس/آذار، والذي يتضمن إعادة دمج مؤسسات "قسد" ضمن بنية الدولة السورية.
وأفاد المصدر أن لقاءًا تمهيديًا سيُعقد خلال الأيام المقبلة بين باراك وعبدي، في خطوة تهدف إلى تنسيق المواقف قبيل الاجتماع الموسّع مع الرئيس الشرع، دون تحديد موقع اللقاء النهائي، الذي يُرجّح أن يُعقد خارج الأراضي السورية، وسط تكتم أمني ودبلوماسي.
كما أشار المصدر إلى أن فرنسا ستنضم إلى جانب الولايات المتحدة في رعاية مراحل تنفيذ الاتفاق، لضمان انسيابية التطبيق ومنع الانزلاق نحو أي تصعيد عسكري، خاصة في المناطق التي تشهد توترًا بين "قسد" وقوات موالية للحكومة السورية، لا سيما في ريف الحسكة والرقة.
وقد تضمن الاتفاق الموقع في مارس/اذار الماضي بين دمشق و"قسد" تضمّن مجموعة من البنود أبرزها: دمج المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة لقسد ضمن إدارة الدولة السورية، إشراف الحكومة المركزية على المعابر والمطار، ووضع حقول النفط والغاز تحت إدارة مشتركة.
كما أكد الاتفاق على اعتبار الأكراد "جزءًا أصيلًا من النسيج السوري"، مع تعهدات دستورية بضمان حقوقهم كاملة، ورفض أي خطابات تقسيم أو تحريض طائفي أو عرقي.
لكن بعض النقاط لا تزال موضع نقاش وتفاوض، وخصوصًا تلك المتعلقة بآليات دمج القوات العسكرية، وتوزيع السيطرة على الموارد الحيوية، والفترة الزمنية لتنفيذ الاتفاق، حيث تطالب "قسد" بتمديد المهلة المحددة لنهاية العام الحالي، لضمان انتقال منضبط ومن دون صدام.
في موازاة التحركات الداخلية، كشفت مصادر إعلامية أميركية أن المبعوث الأميركي سيزور أربيل في وقت قريب، حيث يُتوقع أن يعقد لقاءً مع رئيس وزراء إقليم كردستان العراق، مسرور بارزاني، ضمن جولة تهدف إلى تأمين دعم إقليمي للمسار التفاوضي.
وكان موقع "المونيتور" قد أشار إلى احتمال عقد لقاء بين باراك ومظلوم عبدي في أربيل، حيث يتم تداول معلومات حول اجتماع مصغّر لمراجعة تطورات الملف السوري، وبحث التنسيق الأمني والعسكري في سياق مكافحة تنظيم "داعش".
وأكد مصدر كردي سياسي مستقل أن اتصالًا تم بين باراك وبارزاني مؤخرًا، وأن الأخير رحّب بزيارة المبعوث الأميركي، معتبرًا أنها "خطوة داعمة لأي مسار يؤدي إلى استقرار سوريا ووحدة أراضيها".

بعض المناطق شمال شرق سوريا شهدت توترا أمنيا بين قسد والقوات الحكومية
بعض المناطق شمال شرق سوريا شهدت توترا أمنيا بين قسد والقوات الحكومية

ورغم الحراك الدبلوماسي، يشهد الشمال السوري تصعيدًا ميدانيًا متزايدًا خلال الأسابيع الأخيرة، لا سيما في مناطق التماس بين قوات الحكومة السورية ومجموعات تابعة لـ"قسد"، وسط اتهامات متبادلة بخرق تفاهمات التهدئة، وإشارات إلى تدخل أطراف خارجية لتعطيل الاتفاق.
وفي هذا السياق، شدّد المصدر المطّلع على أن واشنطن تسعى لمنع تدهور الأوضاع الميدانية بالتوازي مع جهودها السياسية، مؤكدًا أن هدف الإدارة الأميركية هو الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، ومنع أي سيناريو يؤدي إلى انفجار عسكري واسع النطاق قد يستفيد منه تنظيم "داعش" أو قوى أخرى تسعى لزعزعة الاستقرار.
ويبدو أن الاتفاق الموقع في مارس/اذار لا يزال قائمًا من الناحية السياسية، لكنه يواجه تحديات حقيقية تتطلب توافقًا عميقًا حول الملفات الخلافية، وثقة متبادلة بين الأطراف.
ويهدف الدور الأميركي، المدعوم فرنسيًا، إلى مرافقة هذا المسار الشائك وتفكيك العقد المتراكمة منذ سنوات الحرب، مع محاولة الحفاظ على خيوط التوازن بين الشركاء المحليين والدوليين.
وبينما تبقى تفاصيل اللقاءات المقبلة غير مؤكدة، تشير المؤشرات الأولية إلى انفتاح نسبي من الطرفين على مبدأ الحوار المباشر، والتفاوض حول مستقبل العلاقة بين الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا والدولة المركزية في دمشق.