تحركات إقليمية للدفع بحل سياسي في ليبيا

اجتماع ثلاثي مرتقب في القاهرة لتفعيل لجنة "6+6" للتوافق النهائي على القوانين الانتخابية ووضعها موضع التنفيذ.

طرابلس – يدور الحديث عن تحركات إقليمية وأميركية لطرح مبادرة جديدة تتعلق بالحل السياسي في ليبيا والترتيب للانتخابات مع بدء مهمة الأميركية ستيفاني خوري، خليفة المبعوث الأممي المستقيل عبدالله باتيلي بالإنابة، فيما يُرتقب أن يلتئم اجتماع ثلاثي في القاهرة لمعالجة الخلاف استكمالا لمباحثات الاجتماع السابق الذي احتضنته القاهرة مارس/آذار الماضي.

وبحسب جريدة بوابة الوسط المحلية فإنه في خضم تجليات الأزمة السياسية بما فيها انقسام السلطة التنفيذية والإنفاق الحكومي، دفع مجلس النواب قبيل ساعات من مباشرة ستيفاني خوري مهمتها مطلع الشهر الجاري باعتماد الموازنة العامة للحكومة المكلفة من قبل مجلس النواب لأول مرة منذ ظهورها في مارس/آذار 2023، بقيمة 90 مليار دينار ليبي (18.5 مليار دولار) باستثناء بند خاص بمشروعات التنمية.

واعتبر مراقبون أن الخطوة أمر مفروض على مساعي الدفع بعملية التسوية السياسية، خاصة أن الموازنة استخدمتها حكومة "الوحدة الوطنية الموقتة" لعدة سنوات ضد خصومها، وتهدف لاستقطاب الشارع إلى جانبها من خلال إطلاق مشاريع تنموية، والزيادة في رواتب الموظفين، وتقديم المنح المختلفة، لكن الأمر اختلف منذ أشهر على خلفية الخلاف الحاصل بين رئيس الحكومة الموقتة عبدالحميد الدبيبة ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، وهو ما يثير التكهنات حول مصير الميزانية وإلى أين ستؤول.

مجلس النواب قبيل ساعات من مباشرة المبعوثة ستيفاني خوري مهمتها الأممية دفع باعتماد الموازنة العامة للحكومة المكلفة من قبل مجلس النواب لأول مرة بقيمة 90 مليار دينار ليبي (18.5 مليار دولار).

ونقل عن الصديق الكبير هذا الأسبوع أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استقبله بمدينة إسطنبول التركية للاطمئنان على الوضع الاقتصادي والمالي والسياسي في ليبيا، والتحديات التي تواجه المصرف في أداء مهامه، في سياق ما وصفه بـ"الانقسام الحكومي ودور المصرف المركزي في المحافظة على الاستدامة المالية للدولة"، ودعا الكبير في وقت سابق إلى تشكيل حكومة موحدة جديدة وميزانية وطنية، وحث على إنهاء ما وصفه بالإنفاق الموازي من مصادر غير معروفة.

وسبق جولات ستيفاني خوري تحرك ثان ينتظر أن يكون عبر مفاوضات مجلس الدولة مع مجلسي النواب والرئاسي أطراف لقاء القاهرة، حيث صرح رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة أنه بصدد عقد لقاء جديد لم يحدد موعده، مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح في القاهرة تحت رعاية جامعة الدول العربية، متوقعاً ظهور نتائج وصفها بالمبشرة حول خارطة للطريق.

وقال تكالة في مداخلات تلفزيونية إن المبعوث الأممي السابق عبدالله باتيلي تشبث برأيه لأنه كانت لديه غاية أخرى وهي جلوس الأطراف على الطاولة الخماسية، واجتماع القاهرة كان على الطاولة الثلاثية لذلك ليس موافقاً عليها.

وكانت الجولة الأولى بين ثلاثي لقاء القاهرة انتهت بالاتفاق على عدة نقاط في مقدمتها تشكيل حكومة موحدة، لكن يبدو هذه المرة أنه سوف ستجرى إعادة تفعيل لجنة "6+6" المشتركة بين مجلسي النواب والدولة للتوافق النهائي على القوانين الانتخابية ووضعها موضع التنفيذ.

ولم تتوقف المناكفات السياسية بين أطراف الأزمة؛ إذ أطلق عبدالحميد الدبيبة تصريحات خلال حضوره بمطار طرابلس الدولي الجمع العام لمنتسبي وزارة الداخلية، تساءل فيها عن أسباب عدم طرح الدستور الذي أعدته اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور للاستفتاء عليه من قبل الشعب، وإجراء انتخابات لتجديد السلطة التشريعية بدلاً من تمديد الأجسام الجاثمة على صدر البلاد منذ سنوات، وتسبّبت في تعاقب الحكومات والإنفاق الموازي.

في المقابل، لم يخرج رد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح عن تصريحاته السابقة حين قال "إن هناك أناساً لا يريدون أن يتركوا الكرسي في ليبيا.. وإنني رئيس البرلمان المنتخب الوحيد الذي يطالب بإجراء الانتخابات اليوم قبل غد؛ لأن مصلحة الوطن تقتضي إجراء الانتخابات"، ووعد بإجراء انتخابات عامة في البلاد قبل نهاية العام الحالي، مستدركاً بقوله "لا يمكن إجراء الانتخابات في ظل حكومتين واحدة في الشرق وأخرى في الغرب". وأضاف "الأمر يتطلب في البداية تشكيل حكومة واحدة، فلا يصح أن تجرى انتخابات في ظل حكومتين واحدة في الشرق وأخرى في الغرب".

وكشف صالح في تصريحات صحفية على هامش حضوره اجتماعات البرلمان العربي الذي انعقد في العاصمة المصرية القاهرة أن القاعدة الدستورية وقانون انتخاب الرئيس وقانون انتخابات البرلمان "صدرت، وأن مفوضية الانتخابات جاهزة، وآلية انتخاب رئيس الحكومة موجودة، ونريد من المجتمع الدولي أن يشجعنا".

وظهر نزاع بين المجلس الرئاسي وهيئة الرقابة الإدارية، الأربعاء، بعدما وزع الأول على أجهزته الأمنية حكماً قضائياً يطعن في أحقية وجود رئيس هيئة الرقابة الإدارية الحالي عبدالله قادربوه على رأس الهيئة، عقب إصدار الأخير قراراً مفاجئاً بوقف رئيس الشركة الليبية المغربية القابضة سامي المنفي الشقيق الأكبر لرئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي لدواعي ومقتضيات المصلحة العامة، على حد قوله.

ووسط هذه المشاحنات، خرج المبعوث الأممي السابق السنغالي عبدالله باتيلي عن صمته منذ استقالته من مهمته، ليعرب عن أسفه لما وصفه بغياب الوعي لدى أطراف الأزمة في ليبيا وشركائهم بضرورة إخراج بلادهم من الأزمة التي تعانيها منذ أكثر من عقد، وأضاف خلال لقاءه برئيس جمهورية الكونغو دينيس ساسو نغيسو، "بسبب تباين المصالح بين تلك الأطراف، لاحظت أنهم جميعاً حريصون على الحفاظ على الوضع الراهن كما هو، كما أن المنافسات زادت حدتها في الآونة الأخيرة لدرجة أنهم لا يريدون حتى الجلوس حول طاولة الحوار".

وتابع أن "كل هؤلاء القادة مرتبطون بشركاء خارجيين على المستوى الإقليمي والدولي، وأدركت أن الوقت لم يحن بعد للاتفاق على إيجاد حل توافقي لليبيا". خاتما "ما دام لا يوجد اتفاق وإرادة سياسية من هؤلاء لإنقاذ بلادهم من التفكك، وما دامت لا توجد إرادة من جانب شركائهم الإقليميين والدوليين لمساعدة هؤلاء الليبيين على الالتقاء معاً على المدى القصير والمتوسط، فإنه لا يرى حلاً في الأفق".