تحركات 'فاغنر' تؤجج التوتر بين مالي وموريتانيا

وزير الدفاع الموريتاني يتوجه إلى باماكو للحصول على إيضاحات بشأن تعرض مواطنيه العزّل لاعتداءات متكررة داخل الأراضي المالية.

نواكشوط – التقى رئيس المجلس العسكري المالي، وزير الدفاع الموريتاني في باماكو، على خلفية توتر دبلوماسي حاد بين البلدين، حسبما أعلنت الرئاسة المالية والخارجية الموريتانية.

والجمعة، استدعت وزارة الخارجية الموريتانية سفير مالي في نواكشوط “لتبلغه احتجاجها على ما يتعرض له مواطنون موريتانيون أبرياء عزّل من اعتداءات متكررة داخل الأراضي المالية”.

وقالت الخارجية الموريتانية في بيان “يستمر هذا الوضع غير المقبول على الرغم من التنبيهات التي دأبت بلادنا على القيام بها بمناسبة الحوادث المماثلة، انطلاقا من مبدأ المحافظة على حسن الجوار والعلاقات الوثيقة بين الشعبين الموريتاني والمالي والمصالح المشتركة بين البلدين”.

وفي هذا الإطار، توجه وزير الدفاع الموريتاني إلى باماكو للحصول على إيضاحات.

ولم تشهد موريتانيا، الدولة الصحراوية الشاسعة البالغ عدد سكانها 4.5 ملايين نسمة، أي هجوم منذ عام 2011، بينما انتشر الجهاديون في أماكن أخرى في منطقة الساحل.

أما مالي، فتواجه من جانبها هجمات جهادية وقد غرقت في أزمة عميقة متعددة الأبعاد منذ عام 2012 وكسرت التحالف مع فرنسا وشركائها الأوروبيين عام 2022 واتجهت عسكريًا وسياسيًا نحو روسيا.

وقبل نحو أسبوعين، اتهمت موريتانيا الجيش المالي وحلفاءه الروس بأنهم لاحقوا مسلحين داخل الأراضي الموريتانية. وكانت باماكو قد أرسلت وفدا رفيع المستوى إلى نواكشوط لمحاولة تهدئة الأمور.

وقال مصدر أمني موريتاني على الحدود بين البلدين إن “عددا من مواطنينا المدنيين قتلوا على يد الجيش المالي ومقاتلين من مجموعة فاغنر في معسكرات موريتانية على الحدود. أرسلنا أدلة إلى باماكو”.

وبحسب بيان للرئاسة المالية، استقبل رئيس المجلس العسكري الحاكم منذ 2020، اسيمي غويتا وزير الدفاع الموريتاني حننه ولد سيدي، حاملا رسالة من الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.

وتحدث الوزير ولد سيدي خلال هذا الاجتماع عن “العلاقات الأخوية والتاريخية التي تجمع البلدين وأكد أن الحفاظ على هذه الروابط المميزة وتعزيزها مسؤولية جماعية”، حسبما جاء في البيان الذي شدد على أن هذا اللقاء يمثل “خطوة مهمة لتعزيز العلاقات الثنائية بين مالي وموريتانيا”.

ومنذ أن تمركزت عناصر "فاغنر" الروسية قرب الشريط الحدودي بين موريتانيا وجارتها الشرقية المضطربة أمنياً مالي، تنامت حوادث قتل واختطاف الموريتانيين، الذين يمارس أغلبهم التجارة بين قرى البلدين المتناثرة على طول الشريط، على حد قول أسر المواطنين المختطفين.

وكانت قوة من فاغنر العاملة مع الجيش المالي دخلت الأراضي الموريتانية وتحديدا الحدود الجنوبية الشرقية واقتحمت قريتي "دار النعيم"، و"مد الله" قبل أيام قليلة.

وبحسب مصادر محلية، فإن المجموعة أطلقت أعيرة نارية واعتقلت أشخاصاً كانت تطاردهم تصفهم بالإرهابيين من داخل أحد المنازل بقرية مد الله، وأصابت ثلاثة أشخاص بجراح قبل أن تنسحب خارج الأراضي الموريتانية.

فيما أثار الحادث موجة احتجاجات وإدانات واسعة في موريتانيا، ما دفع قيادة الجيش إلى طمأنة سكان المنطقة الحدودية بأن هذه التوغلات لن تتكرر مستقبلا وبأن الجيش قادر على حمايتهم.

يذكر أن موريتانيا ومالي تشتركان في حدود يبلغ طولها أكثر من ألفي كيلومتر، وبسبب غياب المراقبة الأمنية على الحدود الشاسعة تتوغل عادة عناصر الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش إلى داخل الأراضي الموريتانية بعد كل عملية ملاحقة يقوم بها الجيش المالي.