تحرك جزائري للتشويش على التقارب بين المغرب وموريتانيا

وفد برلماني جزائري يزور نواكشوط بعد فترة قليلة من الزيارة التي أداها وفد مغربي إلى موريتانيا وتوجت باتفاقيات لتعزيز التعاون في كافة القطاعات.

نواكشوط - تعكس الزيارة التي أداها رئيس البرلماني الجزائري إبراهيم بوغالي على رأس وفد رفيع خلال الأسبوع الجاري إلى نواكشوط، مخاوف بلاده من التقارب المتنامي بين المغرب وموريتانيا، في وقت تتزايد فيه المؤشرات على أن الأخيرة تتجه إلى تغيير موقفها إزاء قضية الصحراء المغربية من الحياد الإيجابي إلى دعم واضح لسيادة الرباط على الإقليم، وبالتالي الانضمام إلى قائمة الدول التي تؤيد الحل المغربي لإنهاء النزاع المفتعل وهو ما من شأنه أن يوجه ضربة موجعة لداعمة جبهة بوليساريو الانفصالية.

وينظر إلى زيارة بوغالي إلى العاصمة الموريتانية على أنها محاولة للتشويش على العلاقات المغربية الموريتانية التي تشهد زخما لافتا بدليل الزيارات المتبادلة بين البلدين وآخرها مشاركة وفد رفيع قاده رئيس البرلمان المغربي رشيد الطالبي العلمي في المنتدى البرلمان الاقتصادي الذي احتضنته نواكشوط الشهر وتوج باتفاقات على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والتنسيق بين البلدين في القضايا المشتركة.

وفشلت الجزائر خلال الآونة الأخيرة في استقطاب موريتانيا التي تدرك أن مصالحها تقتضي تعزيز علاقاتها مع المغرب، فيما أبدى مسؤولون موريتانيون في تصريحات سابقة رغبة بلادهم في الاستفادة من التجارب التي راكمها المغرب في عدة قطاعات حيوية. 

وأرسلت نواكشوط إشارات تؤكد اعتزامها التعويل على الخبرة المغربية في مكافحة الإرهاب والتصدي للمخاطر الأمنية، خاصة في ظل الاضطرابات التي تشهدها المنطقة.

ويواجه المغرب وموريتانيا تحديات أمنية مشتركة في منطقة الساحل، بما في ذلك الجريمة المنظمة، فيما تسعى المملكة بدورها إلى تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي مع نواكشوط لضمان استقرار حدودها الجنوبية.

ويرى بعض المحللين أن الجزائر تسعى من خلال زيارات مسؤوليها إلى نواكشوط إلى إعطاء انطباع بأنها لا تعيش عزلة، وإيجاد حلول لتراجع حضورها الإقليمي والدولي.

وتربط المغرب وموريتانيا علاقات تاريخية وثقافية ودينية عميقة، في وقت تكثف فيه الرباط جهودها لتعزيز هذه الروابط من خلال التعاون في عدة مجالات.

ورغم أن نواكشوط تحرص على الحفاظ على حيادها الإيجابي إزء قضية الصحراء، إلا أن التقارب مع المملكة قد يُفسر على أنه انفتاح أكبر على المبادرات المغربية، وخاصة مقترح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية تحت سيادة المغرب وأي تحول في الموقف الموريتاني، حتى لو كان طفيفًا، سيكون ذا أهمية استراتيجية للرباط.

وترى الجزائر في موريتانيا امتداداً لنفوذها الجيوسياسي في منطقة الساحل وتعتبر التقارب المغربي الموريتاني بمثابة تقليص لحضورها في المنطقة، ويشكل تحديًا لاستراتيجيتها الإقليمية.

ويدرك الجانب الجزائري أن دعم نواكشوط المحتمل للمبادرة المغربية للحكم الذاتي سيمثل ضربة لمساعيها الرامية لإطالة أمد النزاع المفتعل حول الصحراء، خاصة في ظل الانتصارات الدبلوماسية التي حققتها الرباط في القضية التي تقيس على أساسها علاقاتها مع الدول وفق مقاربة أرسى دعائمها العاهل المغربي الملك محمد السادس. 

وتشير بعض التحليلات إلى أن المبادرات الجزائرية تجاه موريتانيا قد تكون "تكتيكية" وغير ذات عمق إستراتيجي في بعض الأحيان، بينما ينظر الموريتانيون للمغرب كشريك دولي موثوق في مواجهة الرهانات الاقتصادية والأمنية.

وتُعد موريتانيا المنفذ الأقرب والأكثر حيوية للجزائر للوصول إلى المحيط الأطلسي وأسواق غرب إفريقيا، في وقت تواجه فيه البلاد عزلة في جوارها ومحيطها الافريقي بعد تصدع علاقاتها مع عدة دول من بينها تحالف الساحل الذي يضم مالي والنيجر وبوركينا فاسو.