تحريك الشارع رهان المعارضة لإسقاط الاتفاق الإطاري في السودان

الكتلة الديمقراطية تعلن إيقاف المشاورات غير الرسمية مع الموقعين على الاتفاق مطالبة بتحويلها إلى لقاءات رسمية عبر لجان مشتركة.

الخرطوم – يبدو أن حلحلة الأزمة السياسية الخانقة التي يعيشها السودان منذ أكثر من عام عبر اتفاق إطاري بين قادة الجيش والقوى السياسية المدنية تواجه عقبات في ظل معارضته من طرف بعض المكونات وفي مقدمتها حركة الحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية) التي توعدت بتحريك قواعدها الشعبية ضده.  

ففي اليوم الذي أعلنت فيه الآلية الثلاثية المؤلفة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد، عن انطلاق المرحلة الأخيرة من العملية السياسية لتجاوز الأزمة في السودان، كانت حركة "الحرية والتغيير" (الكتلة الديمقراطية) تقف في الجهة الأخرى مطالبة بإسقاط الاتفاق الإطاري، معلنة توقف المشاورات غير الرسمية مع الموقعين عليه.

وأطلقت قوى سياسية ومهنية بينها الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، وقادة المؤسسة العسكرية الأحد، المرحلة النهائية من العملية السياسية الخاصة بتسليم السُّلطة إلى المدنيين، بعد قرابة شهر من التوقيع على الاتفاق الإطاري.

وتشمل العملية السياسية للتوصل لاتفاق نهائي 5 قضايا، هي: العدالة والعدالة الانتقالية، الإصلاح الأمني والعسكري، مراجعة وتقييم اتفاق السلام، تفكيك نظام 30 يونيو 1989، قضية شرقي السودان.

وترفض القوى المدنية المُوقعة على الاتفاق الإطاري التحاور مع الكتلة الديمقراطية وتقول إنها مصنوعة وأيدت الانقلاب العسكري، لكنها تستثنى منهم حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان باعتبارها من القوى الموقعة على اتفاق السلام ومعنية بالعملية السياسية.

وقال القيادي في الكتلة الديمقراطية مصطفى طمبور، خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماع بمنزل زعيم حركة العدل والمساواة السودانية جبريل إبراهيم إنه "إذا استمر الطرف الآخر في المضي قدما، ستكون خياراتنا مفتوحة ومن بينها تحريك قواعدنا الشعبية لإسقاط الاتفاق الإطاري".

وشدد على امتلاكهم قاعدة جماهيرية كبيرة تؤيد موقفهم الرافض للاتفاق الإطاري.

وتضم الكتلة الديمقراطية تحالفا من حركات مسلحة في دارفور والحزب الاتحادي بقيادة جعفر الميرغني علاوة على قيادات بشرق السودان يتقدمهم ناظر عموم الهدندوة محمد الأمين ترك، حيث يتهم المجلس المركزي للحرية والتغيير هذه الأطراف بدعم الانقلاب العسكري الذي أطاح بالحكومة المدنية في 25 أكتوبر 2021.

وقال رئيس حركة جيش تحرير السودان، الأمين العام لقوى نداء السودان والقيادي بالحرية والتغيير، مني أركو مناوي إن تدشين المرحلة النهائية من الاتفاق الإطاري في وقتٍ يجري الحوار مع "المجلس المركزي" بتسهيل من المكون العسكري، تعد "إشارة سلبية وإظهار روح أحادية".

الأمر نفسه أشار إليه القيادي في الكتلة الديمقراطية مبارك أردول، والذي قال إن الكتلة أبلغت رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان بقرارها إيقاف النقاشات غير الرسمية مع موقعي الاتفاق الإطاري، وطالبوه بعدم اعتماد المواقف الشخصية للمنتمين للكتلة.

وقال السياسي السوداني إن المشاورات غير الرسمية تركزت على ضرورة تجاوز الاتفاق الإطاري، موضحًا أنهم طالبوا بتحويلها إلى لقاءات رسمية عبر لجان مشتركة.

وبشأن الدعوة المصرية، قال اردول إن الكتلة تدعم أي منبر يُقارب بين السودانيين، موضحا إن مصر دولة مهمة للسودان كما الأمن القومي للبلدين مشترك، مشددًا على أن وجود القاهرة في تسهيل العملية السياسية مهم.

ورفضت الحرية والتغيير اقتراح قدمه رئيس المخابرات المصرية عباس كامل لاستضافة القاهرة لقاءات بينها والكتلة الديمقراطية؛ وقالت إن أطراف المرحلة السياسية مُحددة مُسبقًا.

وقال القيادي في الكتلة الديمقراطية معتز الفحل إنهم قوى حقيقية غير مصنوعة ويعملوا على إنجاح الانتقال الديمقراطي.

من جانبه، قال رئيس حزب الأمة السوداني مبارك الفاضل إن إعلان رئيس البعثة الأممية في السودان فولكر بيرتس انطلاق المرحلة النهائية من العملية السياسية بقيام الورش حول القضايا المؤجلة في الاتفاق محاولة لنفخ الروح في الاتفاق.

ورغم تلك الإشارات، إلا أن نورا بدأ يلوح في الأفق قد يبدد ظلمة ذلك المسار السياسي، كان مصدره تصريحات رئيس مجلس السيادي السوداني عبدالفتاح البرهان، على هامش إطلاق الموقعين على الاتفاق الإطاري، الأحد، المرحلة النهائية للعملية السياسية، التي تهدف إلى الوصول إلى اتفاق سياسي نهائي وعادل.

وقال رئيس مجلس السيادة السوداني إن المؤسسة العسكرية "ستخضع عاجلا أم آجلا للسلطة المدنية"، مشيرا إلى أن "المؤسسة العسكرية ملتزمة بالعمل مع الشركاء السياسيين والمدنيين لوضع الأسس التي تؤطر لعمل القوات المسلحة في الوضع المدني الديمقراطي".

وأكد أن "القوات المسلحة جزء من الدولة، ويجب أن يتشارك الجميع في إدارتها"، أضاف "نؤكد للجميع أننا لن نخذلهم ولن نتراجع عما وقعناه والتزمنا به من عمل يفضي إلى التحول المدني الديمقراطي".

وبدوره، أكد نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو الشهير بـ"حميدتي" الالتزام بإنهاء الوضع القائم من خلال توقيع اتفاق نهائي تتشكل بموجبه سلطة مدنية كاملة، على أن تتوجه المؤسسة العسكرية لأداء دورها في حماية البلاد من المهددات الخارجية.

وأشار إلى أن تأخر إطلاق المرحلة النهائية من العملية السياسية كان بسبب العمل على إلحاق بعض القوى غير الموقعة على الاتفاق الإطاري، مجددا التأكيد على الوصول إلى اتفاق نهائي شامل في أسرع فرصة ممكنة.

ومن المقرر أن تبدأ اليوم الإثنين مشاورات واسعة حول خمس قضايا محددة في الاتفاق السياسي الإطاري، في مؤتمر مدّته أربعة أيام، حول خارطة طريق تجديد عملية تفكيك "نظام الـ30 من يونيو".

ومن المتوقع أن ينتج عن مجموعات العمل والمؤتمرات القادمة خرائط طريق حول كلّ من القضايا التي سيتم النظر فيها في الاتفاق السياسي النهائي، حسب البعثة الأممية في السودان.

في السياق نفسه، قال رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان "التيار الثوري الديمقراطي" ياسر عرمان إن هناك مشاورات تجريها قوى الاتفاق الإطاري مع حركتي العدل والمساواة وجيش تحرير السودان، لانضمامهما إلى العملية السياسية.

ودعا قوى "ثورة ديسمبر" لاقتناص الفرصة للمضي قدما نحو الأمام، مشيرا إلى وجود تحديات تجابه التحوّل المدني الديمقراطي للوصول إلى حكم مدني، بينها عدم وجود مشاورات مع بعض القوى السياسية لضمها للعملية السياسية.