تحف فنية من الأزياء العراقية في مهرجان قرطاج
تونس - يلعب التراث الثقافي دوراً حيوياً في تشكيل الهويات الفردية والجماعية في أيّ مجتمع، لاسيما المجتمعات المتحضرة صاحبة المنجز الثري. ويعد هذا التراث مهماً بشكل كبير في تعزيز الشعور بالانتماء، وربط الناس وتذكيرهم بماضيهم.
وبهدف نقل صور مشرقة عن أيّ حضارة أو تراث، تقام المهرجانات السنوية المتخصصة، لإيجاد نوع من التبادل المعرفي، واطلاع الشعوب على ثقافات بعضها البعض، ويعد مهرجان قرطاج الذي يقام في العاصمة التونسية، واحداً من أبرز وأهم المهرجانات العربية، وهو يضم في فعالياته العديد من الأنشطة.
وفي هذا السياق وضمن إطار التعاون المشترك تلقت دار الأزياء العراقية، دعوة للمشاركة في مهرجان قرطاج الذي يقام في الفترة من الـ19 من يوليو/تموز الجاري وحتى الـ21 من أغسطس/آب القادم.
وتجرى الاستعدادات حالياً على قدم وساق في الأقسام الفنية المتخصصة لدار الأزياء لإنتاج التحف الفنية التاريخية والتراثية المشاركة في المهرجان.
وتعد هذه المشاركة، فرصة مهمة لعرض التراث العراقي الأصيل من خلال أزياء تاريخية وتراثية مستوحاة من حضارة العراق العريقة، بما يسهم في إبراز الهوية الثقافية الوطنية أمام جمهور عربي ودولي واسع، وهي بمثابة رسالة مهمة يحملها على عاتقهم صنّاع هذا المنجز المميز لأنه يحاكي تاريخ الحضارة البابلية والسومرية عابراً بها من النطاق المحلي إلى النطاق العربي بغية توضيح القيمة الثقافية العليا التي كانت وستبقى عنواناً للعراق.
واهتمت الدار في بداية تأسيسها عام 1970 في العاصمة العراقية بغداد بإبراز حضارة وادي الرافدين، وأهم ما تمتاز به الأزياء الأكدية والسومرية والآشورية، وقدمت أول عروضها في دولة الكويت. ومن هناك اشتهرت واتسعت وكان لها حظوة كبيرة من الرعاية والاهتمام كونها تعبر عن حضارة البلاد، وسفيرة للجمال في المهرجانات والنشاطات الفنية العربية والعالمية.
وظلت هذه المؤسسة الثقافية الفنية، طوال رحلتها تعمل على توثيق تاريخ العراق من خلال الأزياء، مستندة إلى الفهم الواعي لدور الفن في إخراج النفائس والروائع الحضارية من متاحفها وخزاناتها لكي يراها العالم، ودائما بأسلوب مبتكر يفوح من ثناياه الطابع الإنساني، علما بأن الأزياء تكون عموما مستوحاة من حضارات وادي الرافدين وفق التسلسل الزمني لتلك الحضارات. فهناك أزياء سومرية (سنة 3500 ق.م) وأخرى مستوحاة من الحضارة الأكدية (سنة 2350 ق.م) أو من الحضارة الآشورية (سنة 650 ق.م) أو الحضارة الحضر (سنة 200 ق.م) وصولاً إلى أزياء فولكلورية تمثل التراث الشعبي العراقي، في امتداد زمني يصنع حضارة تمتد إلى ستة آلاف سنة.