تحقيق أممي يفاقم مأزق فرنسا في مالي

امانويل ماكرون يواجه المزيد من الضغوط المحلية والخارجية على خلفية مقتل مدنيين في مالي في غارات فرنسية فاقمت موجة العداء في دول الساحل الإفريقي لكل ما هو فرنسي.
ماكرون يواجه اتهامات متزايدة بعداء الإسلام والمسلمين
ماكرون يتعرض لضغوط داخلية وخارجية على خلفية تنامي الإرهاب في الساحل
تقرير أممي يتهم فرنسا بقتل مدنيين وسط مالي في غارات جوية

باماكو - من المتوقع أن تواجه فرنسا مزيدا من الضغوط بعد أن أثبت تحقيق أممي أن إحدى غاراتها في مالي حيث تقود حملة عسكرية ضد تنظيمات جهادية منذ سنوات، تسببت في مقتل 19 مدنيا، فيما تدعي باريس أن الغارة المذكورة لم تصب سوى مسلحين متطرفين.

وأفادت مقتطفات من تحقيق للأمم المتحدة من المقرر أن تنشر نتائجه في وقت لاحق اليوم الثلاثاء أن ضربة جوية فرنسية في وسط مالي في الثالث من يناير/كانون الثاني أسفرت عن مقتل 19 مدنيا وثلاثة مسلحين.

وقالت وزارة الدفاع الفرنسية في بيان إنها تعيد التأكيد على أن الضربة استهدفت من وصفتهم بأنهم إرهابيون مسلحون، مضيفة أن لها عدة تحفظات على النهج الذي استخدم في وضع تقرير الأمم المتحدة.

وقال سكان إن الضربة الجوية التي وقعت قرب قرية بونتي أصابت حفل زفاف حضره مدنيون. وقال الجيش الفرنسي في السابع من يناير/كانون الثاني الماضي إن قوة برخان الفرنسية قتلت في هذا المكان نحو 30 متشددا إسلاميا رصدتهم المراقبة الجوية.

وأجرى قسم حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما) تحقيقا في الحادث وزار مكانه الموجود في منطقة موبتي في وسط مالي في أواخر يناير/كانون الثاني.

وقال قسم حقوق الإنسان في التقرير "جمعت مينوسما معلومات تسمح لها بتأكيد أن 22 شخصا على الأقل لقوا حتفهم في ضربة قوة برخان".

وأضاف أن 19 شخصا هم 16 مدنيا وثلاثة من خمسة مسلحين كانوا في المكان قتُلوا على الفور، بينما لقي ثلاثة مدنيين آخرين حتفهم خلال نقلهم لتلقي العلاج الطبي.

وتابع قسم حقوق الإنسان أنه يعتقد أن المسلحين ينتمون لجماعة مسلحة تابعة لتنظيم القاعدة.

وتتعرض فرنسا لحملة محلية تندد بتدخلها في مالي ولم يعد الوضع كما كان عليه فحين أطلقت عملية برخان في العام 2014 في عهد الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند كان يفرش له السجاد الأحمر حين يزور مالي، أما اليوم فتواجه موجة كراهية متصاعدة في مستعمراتها السابقة في دول الساحل الإفريقي.

وبات ينظر للوجود العسكري الفرنسي على أنه غير مرحب به وسط احتجاجات متكررة منذ العام 2017 تطالب برحيل القوات الفرنسية، حيث رفع محتجون في عدة مناسبات لافتات كتب عليها "فرنسا ارحلي".

كما دشن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي حملة تدعو إلى إنهاء الوجود العسكري الفرنسي من مالي ودول الساحل الإفريقي بينما تصاعد العداء لكل ما هو فرنسي.

وتنامى في الفترة الأخيرة اعتقاد بأن الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون معاد للمسلمين وللاسلام وليس للجماعات الإسلامية المتطرفة فقط.

وأثارت مواقف ماكرون المؤيدة لإعادة نشر رسوم كاريكاتورية اعتبرت مسيئة للإسلام وللنبي محمد، موجة غضب عارمة في العالم الإسلامي غذّت في الوقت ذاته العداء لكل ما هو فرنسي في معظم دول منطقة الساحل الإفريقي.

كما يواجه ماكرون انتقادات داخلية على خلفية فشل التدخل العسكري الفرنسي في مالي وتصاعدت الضغوط من أحزاب المعارضة خاصة بعد مقتل عدد من الجنود الفرنسيين في دول الساحل الإفريقي، ما رفع حصيلة قتلى الجيش الفرنسي إلى 50 قتيلا منذ بداية العمليات العسكرية الفرنسية في شمال مالي.

وعلى خلاف ما كان مأمولا، تقول تقارير إن التدخل الفرنسي في دول الساحل الإفريقي لم يكبح الإرهاب بل على العكس ساهم في تفرعه وانتشاره في دول كانت آمنة.

وتبحث فرنسا عن منفذ للخروج من أسوا مأزق خارجي لها عبر اشراك اكبر لقوات دول الساحل في العمليات العسكرية وتراهن على مشاركة أوروبية وأميركية لسحب أو إعادة انتشار آلاف من جنودها.