تحويلات مالية بملايين الدولارات تورط قطر في قضايا فساد رياضي

رسائل إالكترونية تكشف عن تحويل مبالغ مالية دفعت من الجانب القطري لشراء حقوق بث مسابقات رياضية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مقابل حصول الدوحة على تنظيم بطولات رياضية دولية.

الدوحة - تتوالى فضائح ملفات الفساد والرشاوى التي دفعت لنيل قطر استضافة البطولات الرياضية الدولية، يوما بعد يوم، وآخرها رسائل بريد إلكتروني كشفت تحويلات مالية مشبوهة تورط رئيس ديوان أمير دولة قطر تميم آل ثاني.

وكشفت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية في تقرير تناول ملف فساد يدين الدوحة، بسبب تورط أحد أفراد العائلة القطرية المالكة عبر رسائل بريد إلكترونية مسربة في صفقة يجري التحقيق فيها حول نيل حقوق تنظيم بطولة العالم لألعاب القوى 2017 واستضافة أولمبياد 2020.

وقالت الصحيفة البريطانية أن المحققين الفرنسيين قضوا ثلاث سنوات للتدقيق في تحويلات مالية مشبوهة بقيمة 3.5 مليون دولار تمت في شهري أكتوبر/تشرين الأول وأخرى في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 ، أي قبل شهر من تصويت الجمعية الدولية لاتحادات ألعاب القوى  (IAAF) لتحديد الدولة التي ستستضيف بطولة العالم لعام 2017. 

وكشف التقرير إلى أن رسائل البريد الإلكتروني التي اطلعت عليها الصحيفة البريطانية وموقع "ميديابارت" الفرنسي، تشير إلى مناقشات حول تحويل مبالغ مالية إلى بابا ماساتا دياك ابن السنغالي لامين دياك رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى، عبر حساب يديره الشيخ خالد بن خليفة آل ثاني رئيس ديوان الشيخ تميم بن حمد أمير قطر، قبيل تحويل مبلغ 3.5 مليون دولار مرتين.

وقالت "ذا غارديان" إن الأموال التي دفعت من الجانب القطري كانت لشراء حقوق بث المسابقات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مقابل حصول الدوحة على تنظيم نسخة العام الجاري.

وأضافت ذا غارديان أن المحققون الفرنسيون شككوا في البداية أن التحويلات ربما كانت رشوة لكسب أصوات قطر للحدث الذي فازت به بريطانيا في النهاية.

ولم يتطرق القضاء الفرنسي لهذه الرسائل المسربة عند التحقيق مع الخليفي بعد الاشتباه بفساد يشوب عملية تنظيم بطولة العالم لألعاب القوى 2017 في قطر.

وكتب بابا ماساتا دياك الملاحق من قبل الإنتربول في قضايا فساد، في إحدى رسائل البريد الإلكتروني المسربة إلى الشيخ خالد بن خليفة "شكرًا مرة أخرى على الضيافة وحسن استقبالك أثناء إقامتي في الدوحة". ثم أرفقها بتفاصيل بنكية من أجل تحويل 4.5 مليون دولار.

وشدد دياك في الرسالة على أن يتم تحويل المبلغ بشكل عاجل لإنهاء "الأمور" مع الرئيس. في إشارة على الأرجح إلى والده لامين دياك.

وبعد 8 أيام من تلك الرسالة، حولت شركة مملوكة لناصر الخليفي وأخوه 3.5 مليون دولار إلى حساب شركة في السنغال تعود ملكيتها إلى بابا ماساتا دياك.

وتشير الرسائل الإلكترونية أيضًا إلى أن بابا ماساتا دياك كان على اتصال مباشر بأمير قطر، عندما كان ولياً للعهد في ذلك الحين. وقال دياك في رسالة موجهة إلى رئيس الديوان الأميري إنه لا يشعر بأنه مضطر لإرسال شهادة تثبت أنه مسؤول في الاتحاد الدولي لألعاب القوى إلى شركة  الخليفي، لكنه ربما سيحظى بهذه الشهادة "من صاحب السمو ومنكم، إذ إنكما الوحيدان اللذان تدركان حجم الدور الذي ألعبه في هذا الملف".

 ويشتبه النائب العام أن عملية دفع 3.5 مليون دولار، والتي تمت قبل شهر واحد من التصويت على منح مونديالات 2017، ساعدت إما على التأثير على ليامين دياك (خسرت قطر ولكنها كسبت نسخة 2019)، أو أنها كانت نظير الاتفاقية المكتوبة التي قدمها رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى قبل ثلاثة أشهر لمونديالات 2017 وأولمبياد 2020 المزمع عقدها في شهر سبتمبر، وهو شرط أساسي لتتمكن قطر من الترشح لهذه الحدثَيْن.

وكانت النيابة العامة المالية في فرنسا فتحت في 2016 تحقيقا أوليا حول "فساد خاص" و"تآمر جنائي" و"استغلال نفوذ واخفاء استغلال نفوذ" حول منح روسيا وقطر حق استضافة مونديالي 2018 و2022.

والاثنين الماضي، كشفت مصادر لوكالة فرانس برس أن لامين دياك ونجله بابا ماساتا دياك، المشتبه بتورطهما في نظام فساد للتغطية على حالات منشطات تخص الرياضيين الروس، سيحاكمان أمام القضاء الفرنسي.

لامين دياك ونجله متورطان في قضايا فساد وسيحاكمان أمام القضاء الفرنسي
لامين دياك ونجله متورطان في قضايا فساد وسيحاكمان أمام القضاء الفرنسي

ورئس دياك الاتحاد الدولي لألعاب القوى بين 1999 و2015، لكن ولايته الأخيرة انتهت بفوضى عارمة بعد اتهامه ونجله بعرقلة العقوبات على الرياضيين الروس المتنشطين، مقابل بدل مالي.

وفي أمر المحاكمة الذي وقع في 19 حزيران/يونيو الحالي قال ثلاثة قضاة بقيادة قاضي التحقيق في مسائل مكافحة الفساد رينو فان رويمبيكي أن "تجميد العقوبات مقابل رشاوى مالية تم التفاوض عليه من قبل لامين دياك مع فالنتين بالاخنيشيف الذي كان رئيس الاتحاد الروسي لألعاب القوى وأمين صندوق الاتحاد الدولي لألعاب القوى".

وفي اتهام وجه في أيار/مايو الماضي، أبدت النيابة العامة المالية في فرنسا رغبتها برؤية لامين دياك يحاكم أمام المحكمة الجزائية مع خمسة آخرين وجهت اليهم التهم ذاتها.

ولم يستجب بابا ماساتا دياك المقيم في دكار، على طلبات القضاء الفرنسي بالتعاون في التحقيق، علما بأن القضاء أصدر مذكرة توقيف بحقه، وطالب السلطات السنغالية بالتعاون في هذا التحقيق.

كما يتهم دياك الإبن بتلقي ملايين اليوروهات من الرشاوى من خلال عقود تسويقية أو لترجيح كفة ريو دي جانيرو وطوكيو لاستضافة أولمبيادي 2016 و2020.

ويتهم الرئيس السابق للاتحاد الدولي بـ"خيانة الثقة" لأنه سمح، "بموجب صلاحياته"، لنجله بـ"تحويل عائدات للاتحاد الدولي من حقوق الرعاية لحسابه الخاص" حسب الاتهام.

وقبل حوالي أسبوعين، ألقت السلطات الفرنسية القبض على الرئيس السابق للاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) الفرنسي ميشيل بلاتيني، لاستجوابه فيما يتعلق بالتحقيق الجنائي المرتبط بمنح قطر حق استضافة مونديال 2022.

وقالت مصادر صحفية بريطانية أن شرطة مكافحة الفساد في نانتير غرب باريس، أخلت سبيل بلاتيني الموقوف عن ممارسة أي نشاط كروي، بعد 24 ساعة من التحقيق في كيفية خسارة الولايات المتحدة في التصويت على كأس عالم 2022 أمام قطر، وعلاقة ذلك باجتماع في باريس شارك فيه الرئيس الفرنسي آنذاك نيكولا ساركوزي وبلاتيني وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني.