تداعيات إفلاس "توماس كوك" تبدأ باحتجاز سياح في تونس

وزير السياحة روني الطرابلسي تدخل لإنهاء احتجاز نزل تونسي لسياح بريطانيين بسبب ديون وكالة "توماس كوك" التي تعاملوا معها.

تونس - تدخلت وزارة السياحة التونسية اليوم الاثنين لتمكين سياح بريطانيين من مغادرة تونس بعد أن تحدثت وسائل إعلام بريطانية عن احتجازهم في نزل بسبب تخلف شركة السياحة البريطانية "توماس كوك'' المهددة بالإفلاس عن تسديدها.

ونفت وزارة السياحة والصناعات التقليدية التونسية في بيان الأحد، الخبر الذي تناقلته الصحف البريطانية والذي تحدث عن احتجاز نزل بمدينة الحمامات (65 كلم عن العاصمة تونس) لعدد من السياح البريطانيين ومنعهم من السفر، ووصفته بـ"المبالغ" فيه.

وتواجه شركة "توماس كوك" وهي أقدم شركة سفر في العالم إفلاسا وشيكا بسبب تراكم ديونها الضخمة ويجتمع اليوم الأحد، ممثلوها مع الدائنين في إطار السعي في اللحظة الأخيرة لضخ الأموال لتجنب انهيار الشركة.

وتسعى المجموعة إلى تجنب عملية إعادة مكلفة لمئات الآلاف من المسافرين ودفع تعويضات لهم.

وقالت وزارة السياحة التونسية إن "اجراءات خروج السياح البريطانيين من النزل تعطلت فقط ولمدة وجيزة بطلب من صاحب هذه المؤسسة السياحية إلى حين التثبت مع منظم الرحلات الذي يتعامل مع وكالة "توماس كوك" من طريقة خلاص مدة إقامة هؤلاء السياح".

واوردت صحف بريطانية منها صحيفة "الاندبندنت" و"ذا سان" أن مسؤولي أحد النزل في مدينة الحمامات التونسية "احتجزوا ليلة السبت، عشرات من السياح البريطانيين وتمت مطالبتهم بدفع ثمن إقامتهم قبل المغادرة إلى بلدانهم عبر مطار النفيضة الدولي".

والسبت، أبقي بعض السياح البريطانيين لوقت إضافي قصير في مدينة الحمامات بتونس حيث طلب فندقهم مبلغاً إضافياً من المال خشية من ألا تتمكن "توماس كوك" من دفع الرسوم المتوجبة عليها لاحقاً.

وذكرت الاندبندنت أن النزل طلب من السياح دفع حوالى 2500 جنيه استرليني (3117 دولار أميركي) ليتمكنوا من المغادرة، وقد رفض أغلبهم الدفع مجددا لأنهم دفعوا فواتير إقامتهم مسبقا لوكالة الأسفار، التي تعاني من صعوبات مالية قد تتسبب في حالة من الفوضى تمتد لأنحاء متفرقة من العالم.

واستأنفت توماس كوك رحلاتها نحو تونس في 2018 بعد غياب تجاوز السنتين، وقالت مصادر إن الشركة لم تسدد ديونها لعدد من النزل في تونس منذ ثلاثة أشهر، لكنها تعهدت بدفعها في أكتوبر القادم.

وتساءل تونسيون على مواقع التواصل الاجتماعي بعد تداول فيديوهات للسياح البريطانيين في النزل بالحمامات، عن كيفية سماح وزارة السياحة بالتوقيع على اتفاقية مدتها 3 سنوات في مايو الماضي، دون أن تدرك الوضع الكارثي للعملاق البريطاني.

وأعلنت وزارة السياحة التي تسعى لاستعادة تعافي القطاع الذي تضرر بسبب العمليات الإرهابية في السنوات الأخيرة، مؤخرا عن نمو في إيراداتنها بـ 46 بالمئة من أول يناير/كانون الثاني إلى 30 سبتمبر/أيلول، مسجلة أربعة مليارات دينار، وبعدد سياح بلغ 6.6 مليون.

وقال بيان وزارة السياحة التونسية إن وزير السياحة روني الطرابلسي تدخل لإنهاء مأزق السياح البريطانيين في النزل بالحمامات مشددا "على عدم اقحام أي سائح، أجنبيا كان أو تونسيا قادم عن طريق وكالة أسفار، في مشاكل واجراءات الحجز فهي مسألة يجب حلها مهنيا بين الأطراف المعنية وبمتابعة من الوزارة".

واليوم الأحد، اجتمع فريق إدارة المجموعة البريطانية بقيادة بيتر فانكهاوزر مع البنوك وحملة السندات في مقر مكتب محاماة في لندن، قبل اجتماع لمجلس الإدارة في المساء لتحديد ما إذا كان يمكنها الاستمرار وتجنب وضع الإفلاس.

ويستبعد مراقبون موافقة الحكومة البريطانية على ضخّ المبلغ الذي تحتاجه الشركة كدعم الفرصة الأخيرة.

وزير السياحة التونسي طلب عدم اقحام السياح في اجراءات الشركة البريطانية
الشركة البريطانية مطالبة بإعادة 600 ألف سائح من حول العالم في حال إفلاسها

وقال براندون لويس، وزير الدولة بوزارة الداخلية البريطانية "آمل أن تؤدي المحادثات إلى نتيجة إيجابية".

وتدير "توماس كوك" فنادق ومنتجعات وشركات طيران وسفنا سياحية وهناك أكثر من 600 ألف عميل لها يمضون العطلات حاليا مما يعني أن الحكومات وشركات التأمين ستضطر للتدخل وإعادتهم لبلادهم إذا أفلست الشركة.

وتكافح الشركة، التي تأسست في 1841، للبقاء بعد أن هدد المقرضون بإلغاء صفقة إنقاذ يجري الإعداد لها منذ شهور.

وتضررت "توماس كوك" جراء مستويات الدين المرتفعة والمنافسة الإلكترونية والضبابية الجيوسياسية. وتحتاج الشركة لمبلغ 200 مليون جنيه استرليني (250 مليون دولار) وحزمة بقيمة 900 مليون استرليني جرى الاتفاق عليها بالفعل لتستمر خلال فصل الشتاء حين يتعين عليها سداد مستحقات الفنادق عن خدماتها خلال أشهر الصيف.

وفي حالة انهيار "توماس كوك" فإن ذلك سيفضي إلى أكبر عملية إعادة أفراد إلى الوطن في وقت السلم في تاريخ بريطانيا.

وفي حال الإفلاس، سيكون على الشركة إعادة 600 ألف سائح من حول العالم، بينهم 150 ألف بريطاني، قد تستمر عملية إعادتهم لأسبوعين، وهي المدة القصوى للرحلات السياحية التي تنظمها "توماس كوك".

وأعدت الحكومة والجهة التنظيمية خطة للتدخل والاستعانة بشركات طيران أخرى لإعادة البريطانيين لبلدهم إذ اقتضت الضرورة. 

وسعى وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب لطمأنة المصطافين بأنه لن تتقطع بهم السبل خارج بلادهم.

وأبلغ هيئة الإذاعة البريطانية "نأمل أن تتمكن "توماس كوك" من الاستمرار لكن على أي حال، وكما هو متوقع، لدينا خطط طوارئ تكفل لنا في أسوأ الأحوال أن ندعم جميع من قد تتقطع بهم السبل".

ويبلغ عدد عملاء الشركة 19 مليون شخص سنويا في 16 دولة وتعاني من ديون متراكمة قدرها 1.7 مليار استرليني.

وتنظم هيئة الطيران المدني عملية الإعادة، كما فعلت عند إفلاس شركة "مونارك" الجوية البريطانية في تشرين الأول/أكتوبر 2017.

ويفترض أن تكلف العملية مليارات الجنيهات، ضمنها 600 مليون جنيه في المملكة المتحدة وحدها.

وتملك هيئة الطيران المدني خطة طوارئ تسمى "العملية ماتيرهورن"، وهو اسم عملية القصف الأميركية للقوات اليابانية في الحرب العالمية الثانية. وسيعمم رقم هاتف أيضاً على السياح المعنيين بالعملية.

وتؤكد "توماس كوك" لزبائنها البريطانيين أن مصالحهم مضمونة بموجب بنود "ترخيص منظمي السفر".

وهذا النظام المنبثق من توجيه أوروبي، تديره هيئة الطيران المدني ويطبق على سياح قاموا بشراء حزمة سفر كاملة، تتضمن بطاقات السفر وحجز الفنادق.

ويمكن للسياح الذين يمضون عطلتهم أصلاً إنهاء زيارتهم، والعودة لاحقاً بشكل طبيعي عبر شركات أخرى. أما من لم يسافروا بعد فسيتم تعويضهم مالياً أو بعرض حزمة عطلة جديدة.