تداعيات كورونا تخيم على مفاوضات حاسمة بشأن بريكست

الهوة بين مواقف الاتحاد الأوروبي وبريطانيا لا تزال واسعة بعد ثلاث جلسات من المناقشات منذ أوائل مارس، بمعدل جلسة واحدة في الشهر، والوضع معقد نظرا لانتشار فيروس كورونا المستجد الذي يجبر مئات المفاوضين من كلا الجانبين على المشاركة عبر الفيديو.

بروكسل - تستأنف المفاوضات بين البريطانيين والأوروبيين الثلاثاء عبر الفيديو حول العلاقة في مرحلة ما بعد بريكست لكن بدون أمل كبير في التوصل إلى نتيجة رغم الضغوط مع اقتراب انتهاء المهلة ومخاطر "عدم التوصل الى اتفاق".

وحذر كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي حول بريكست ميشال بارنييه، في مقابلة مع صحيفة تايمز البريطانية الأحد، من أنه "لن يكون هناك إتفاق" إذا ما عادت لندن عن مواقفها السابقة، منتقدا البريطانيين لاختيارهم "ما يناسبهم فقط" من السوق الموحدة الأوروبية.

واتهمت رئاسة الحكومة البريطانية بروكسل الإثنين بأنها ترغب في إدراج "مقترحات غير متوازنة تربط المملكة المتحدة بالقواعد أو المعايير الأوروبية" في المفاوضات، ونددت بالمطالب "غير المسبوقة في اتفاقيات التجارة الحرة".

وبعد ثلاث جلسات من المناقشات منذ أوائل آذار/مارس، بمعدل جلسة واحدة في الشهر، لا تزال الهوة واسعة بين مواقف الطرفين. والوضع معقد نظرا لانتشار فيروس كورونا المستجد الذي يجبر مئات المفاوضين من كلا الجانبين على المشاركة عبر الفيديو.

ويرى بارنييه أن هذه الجولة الجديدة من المحادثات المقرر عقدها حتى الجمعة يجب أن تؤدي إلى "معرفة ما إذا كانت المملكة المتحدة تريد مغادرة السوق الداخلية والاتحاد الجمركي (...) مع أو بدون اتفاق معنا".

ويجب إعداد نتائج المداولات في حزيران/يونيو قبل عقد اجتماع على أعلى مستوى بين رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.

وجعلت لندن من هذه المرحلة موعدا نهائيا ملوحة بعدم مواصلة المحادثات ما لم يكن التقدم كافيا. لكن ذلك كان قبل الصدمة التي سببها الوباء، الذي أغرق أوروبا في ركود غير مسبوق وقلب المعادلة.

ودخلت العلاقة مع لندن، بالنسبة لبروكسل، بعد الطلاق في 31 كانون الثاني/يناير إثر 47 عامًا من الحياة المشتركة، في منزلة متراجعة بعد بروز مواجهة طارئة لإنعاش الاقتصاد.

وتبدو حكومة جونسون في أسوأ حالاتها خاصة في الداخل بعد الفضيحة التي أحاطت بمستشاره الرئيسي دومينيك كامينغز، حيث يواجه أسئلة صعبة حول المملكة المتحدة التي لديها أكبر عدد من الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في أوروبا، لذلك سيكون شهر يونيو القادم بالغ الأهمية إذا أراد استعادة السلطة التي تسلمها بداية 2020.

واعتبر الخبير أناند مينون من مركز الأبحاث "المملكة المتحدة في أوروبا متغيرة" أن "ليس هناك الكثير مما يمكن توقعه من هذه المناقشات الجديدة. لكنني لا أعتقد أن البريطانيين سينفصلون في غياب التقدم. لقد تغير الوضع تمامًا مع الفيروس".

ومع ذلك، يتحتم على لندن أن تقرر قبل نهاية حزيران/يونيو بشأن طلب تأجيل نهاية الفترة الانتقالية لمدة عام أو حتى عامين. وقد استبعدت الحكومة البريطانية مرارا هذا الاحتمال، حتى وإن كان ذلك بطلب من الاتحاد الأوروبي.

واعتبر إيريك موريس من مركز شومان أن "بوريس جونسون يريد دون شك خلال لقائه مع أورسولا فون دير لاين تمرير رسالة استباقية حول تاريخ 31 كانون الأول/ديسمبر. هذا لا يعني أنه تخلى عن أمله بالتوصل إلى إتفاق، ولو بالحد الأدنى بحلول كانون الأول/ديسمبر.

وتوقع مينون أنه في حال قررت المملكة المتحدة وقف المحادثات، وبالتالي المخاطرة بعدم التوصل إلى اتفاق "لأسباب سياسية، فسيكون ذلك مع اقتراب نهاية كانون الأول/ديسمبر".

ويرغب الجانبان التوصل إلى إيجاد توافق، رغم إظهارهما مواقف متباينة إزاء المواضيع الرئيسية للمفاوضات، أي بنية الاتفاق (واحد أو أكثر) وشروط المنافسة العادلة (حول المعايير البيئية والاجتماعية والضريبية) وتسوية الخلافات وحق الصيادين بالوصول إلى المياه البريطانية.

وتوقع الخبير البريطاني "إذا تم التوصل إليه فسيكون ذلك في نهاية المناقشات وليس قبل الخريف".

ورأى مراقبون آخرون أن لندن يمكن أن تميل إلى عدم التوصل إلى اتفاق حيث يمكن أن ينسب أثره المدمر المحتمل إلى العواقب الاقتصادية لصدمة الوباء.