تدريب القابلات التقليديات يزيد من أمل الحياة عند الولادة

تدني الوعي الصحي في الصومال وعدم توفر الرعاية الصحية المطلوبة خلال الحمل، يضاعف خطر الموت عند الأمهات والمواليد الجدد.
أطباء يهدفن لإنقاذ الحوامل من مقصلة الموت
مشروع تأهيلي من أجل ولادة آمنة في 300 قرية
حياة الحوامل تقف رهن قابلات بدائيات

مقديشو - أطلقت هيئات محلية في الصومال مشروعًا لتدريب القابلات التقليديات في المدن والأرياف، لتعزيز وعيهن وتوفير الخدمات الصحية الإنجابية، في محاولة لخفض نسبة وفيات الأمهات والمواليد.

ويهدف مشروع تأهيل القابلات إلى إيصال خدمة الولادة الآمنة إلى نحو 300 قرية خلال عام، على أن تزور كل قابلة استفادت من مشروع تدريب المدربين نحو 24 قرية وتدرب القابلات التقليديات في تلك القرى.
وشاركت 15 قابلة تقليدية في دورة نظمتها مؤخرًا مؤسسة الشباب الصومالي للنزاهة واستمرت نحو أسبوعين. 
وجاءت القابلات من جميع أقاليم الصومال بما فيها إقليم الصومال الغربي الخاضع لسيطرة إثيوبيا.
ويرجح صندوق الأمم المتحدة للسكان موت واحدة من بين 12 سيدة حامل أثناء الولادة في الصومال، بسبب مضاعفات مرتبطة بالحمل وعدم زيارة المراكز الصحية عند بداية الحمل.
قالت ديقة آدم طبيبة أمراض نساء ورئيسة منظمة 'هجرل' المحلية المنفذة للمشروع التدريبي إن "تدني الوعي الصحي بالصومال وخاصة المناطق النائية، ساهم كثيرًا في زيادة معدلات وفيات الأمهات والمواليد الجدد؛ لعدم توفر الرعاية الصحية المطلوبة خلال الحمل”.

وأضافت ديقة أن "أسباب وفيات الأمهات الحوامل يمكن الوقاية منها، إذا توافرت لهن مراكز صحية ورفعنا الوعي الصحي في المدن والمناطق النائية، بجانب متابعة حالاتهن منذ بداية الحمل حتى الولادة، كي لا يصبحن عرضة للموت".
وأوضحت أن هذه الدورة "تهدف إلى توفير الصحة الإنجابية الآمنة للمرأة الصومالية، عبر تدريب القابلات الريفيات وتعريفهن بالأساليب الحديثة للولادة الآمنة خاصة بالنسبة للحالات المستعصية خلال الولادة".
وقالت حليمة محمود علي طبيبة ومدربة لأمراض النساء إن "الولادة باتت مقصلة موت للأمهات الصوماليات بسبب تشبثهن بثقافة تقليدية تشجعهن على الاستعانة بمهارات القابلات، بدلًا من المراكز الصحية المعنية التي تتوفر فيها كافة إمكانيات الولادة في حال تعرضت حياتهن للخطر".
وأضافت حليمة "بما أن هذه الثقافة التقليدية سائدة في المجتمع مع زيادة معدل وفيات الأمهات الحوامل حتى في المدن، فإن تثقيف القابلة التقليدية بات أمرًا ملحًا لتفادي استمرار وفيات الأمهات".
وتُعتبر القابلة التقليدية مرجعًا مهمًا بشأن الولادة لكثير من الأسر الصومالية، رغم انتشار المستشفيات في المدن الكبرى.
ويزيد هذا الوضع من نسبة الوفيات بين النساء، وهو ما دفع هيئات محلية إلى العمل على تأهيل القابلات، للحد من مخاطر الموت المحدق بالأمهات.
وقالت فاطمة حسن قابلة تقليدية منذ ثلاثين عامًا في إقليم شبيلى الوسطى إن "القابلات التقليديات قدمن الكثير للأمهات الصوماليات طيلة العقود الماضية رغم قلة إمكانياتهن".
وأضافت فاطمة أن "الدورات المقدمة للقابلات التقليديات ستغير مفاهيم كثيرة يتمسكن بها أثناء الولادة، ما يساهم في خفض الوفيات بين النساء، إلى جانب تقديم المشورة لهن خلال الحمل".
ووفق هيئات محلية تعتمد 55 بالمئة من الأمهات الحاملات على القابلات التقليديات في المناطق النائية وبعض المدن، ما يزيد نسبة الوفيات بين الأمهات أثناء الولادة بسبب مضاعفات مرتبطة بالحمل مثل فقر الدم والنزيف الداخلي.
وتفقتر أغلبية المناطق الريفية في الصومال للخدمات الصحية، مما يفاقم الوضع الصحي للنساء منذ بداية الحمل ويضع حياتهن تحت رحمة قابلات غير ماهرات في وضع ينتهي كثيرًا بموت الأم أو الجنين.
وقالت حبيبة أدم قابلة منذ 25 عامًا في إقليم باي (جنوب غرب) إن "النساء الحوامل يثقن بالقابلات التقليديات".
وأرجعت الوضع إلى قلة الوعي الصحي وعدم توفر المراكز الصحية في المناطق الريفية وأسعارها الجنونية إن وجدت، بينما لا تزال تكلفة القابلة التقليدية قليلة.
وقالت حليمة بلال وهي حامل في شهرها السابع "أنجبت أربعة أطفال عن طريق قابلات تقيلديات، وهو وضع كثير من النساء الحوامل ولم أزر قط المراكز الصحية لمتابعة حالتي خلال الحمل".
واستدركت حليمة "عند ولادة ابني البكر تعرضت حياتي للخطر، حيث فقدت الوعي لساعات بسبب حالتي المستعصية والتي شاركت فيها عدة قابلات".
ويعد المقابل المالي القليل الذي تتقاضاه القابلة التقليدية عند الولادة السبب الأبرز لوفيات الأمهات الحوامل.
ويختلف المقابل المادي إن كان المولود ذكرًا أو أنثى، ما دفع قابلات إلى التمسك بالمرأة عند مشاهدة عاملات تظهر أنه ذكر، حتى في الحالات المستعصية، وهو ما أودى بحياة أمهات بسبب المقابل المادي.
ويختلف المقابل المادي من قابلة إلى أخرى في المناطق الريفية، حيث يبلغ في المتوسط 600 ألف شلن صومالي (30 دولارًا) إن كان المولود ذكرًا، و400 ألف شلن (20 دولارًا) إن كانت أنثى.