تراشق اتهامات بين اسرائيل وقطر مؤشر على فشل المفاوضات

مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي وافق على خطط لعملية موسعة في قطاع غزة، واستدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط.

القدس – هاجم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو دولة قطر التي تقوم مع مصر بوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن الذين لا تزال حماس تحتجزهم، وحضها على التوقف عن "الازدواجية" في القول والعمل، في مؤشر لوصول المفاوضات إلى طريق مسدود مع استعداد اسرائيل لتوسيع الهجوم في القطاع غزة.

وكتب نتنياهو على منصة اكس "حان الوقت لكي تتوقف قطر عن اللعب على الجانبين بحديثها المزدوج وتقرر ما إذا كانت إلى جانب الحضارة أم إلى جانب وحشية حماس". مضيفا "اسرائيل ستنتصر في هذه الحرب المشروعة بوسائل مشروعة"، في إشارة واضحة إلى وضع حد لأي مفاوضات.

 وأعلنت قطر الأحد عن رفضها القاطع لتصريحات نتنياهو، وأعرب المتحدث الرسمي باسم الخارجية القطرية ماجد الانصاري عن "رفض دولة قطر بشكل قاطع التصريحات التحريضية الصادرة عن مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والتي تفتقر إلى أدنى درجات المسؤولية السياسية والأخلاقية".

ورغم جهود الوسطاء المصريين والقطريين لاستعادة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لم تُبد إسرائيل ولا حماس أي استعداد للتراجع عن مطالبهما الأساسية، ويُلقي كل طرف بالمسؤولية على الآخر في عدم التوصل إلى اتفاق.

وتصر إسرائيل، التي تطالب بعودة 59 رهينة لا يزالون محتجزين في غزة، على ضرورة نزع سلاح حماس وإبعادها عن أي دور في حكم القطاع في المستقبل، وهو شرط ترفضه حماس.

من جهتها، تصر حماس على ضرورة وقف القتال نهائيا وانسحاب القوات الإسرائيلية كشرط للتوصل إلى اتفاق يقضي بإطلاق سراح بقية الرهائن.

وانتقد الأنصاري تصوير الصراع في غزة على أنه دفاع عن "التحضر"، وقال إن هذا التصوير "يعيد إلى الأذهان خطابات أنظمة عبر التاريخ استخدمت شعارات زائفة لتبرير جرائمها بحق المدنيين الأبرياء".

وفي منشوره على منصة إكس، تساءل الأنصاري عما إذا كان إطلاق سراح 138 رهينة قد تحقق من خلال العمليات العسكرية أم من خلال جهود الوساطة، التي قال إنها "تُنتقد اليوم وتُستهدف ظلما".

وأشار أيضا إلى الوضع الإنساني المتردي في غزة قائلا إن الشعب الفلسطيني هناك "يعاني من حصار خانق وتجويع ممنهج وحرمان من الدواء والمأوى إلى استخدام المساعدات الإنسانية كسلاح للضغط والابتزاز السياسي".

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية الجمعة أن مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي وافق على خطط لعملية موسعة في قطاع غزة، مما يزيد من المؤشرات على عدم إحراز أي تقدم في المحاولات الرامية لوقف القتال وإعادة الرهائن المحتجزين لدى حماس.

وأطلق نتنياهو الذي يرزح تحت ضغط حلفائه من اليمين المتطرف، تصريحات متكررة يتعهد فيها بتعزيز العمليات العسكرية.

وكان الجيش الإسرائيلي استأنف هجومه على قطاع غزة في 18 مارس/آذار منهيا هدنة استمرت شهرين مع حماس في الحرب التي اندلعت ردا على هجوم غير مسبوق شنته الحركة الإسلامية الفلسطينية على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وتقول حكومة نتانياهو إن الضغط العسكري هو السبيل الوحيد لإجبار حماس على إطلاق سراح الرهائن. لكن منتدى عائلات الرهائن، المنظمة الإسرائيلية الرئيسية لأقارب المحتجزين، حذّر من أن "أي تصعيد للقتال من شأنه أن يعرّض الرهائن لخطر مباشر".

وأضاف المنتدى في بيان "بالنسبة للغالبية العظمى من الإسرائيليين فإن عودة الرهائن هي أولوية أخلاقية قصوى للدولة"، معتبرا أنه لا يزال من الممكن "التوصل إلى اتفاق من شأنه إنقاذ الأرواح ومنع المزيد من الخسائر البشرية".

وأتاحت الهدنة في قطاع غزة الإفراج عن 33 رهينة، من بينهم ثمانية فارقوا الحياة، مقابل إطلاق سراح نحو 1800 فلسطيني تحتجزهم إسرائيل.

ومنذ 18 مارس/آذار، يقصف الجيش الاسرائيلي قطاع غزة يوميا، وقد استعاد السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي التي كان قد انسحب منها.

وبعد التحسن الذي طرأ خلال الهدنة، أصبح الوضع الإنساني لنحو 2.4 مليون فلسطيني في القطاع خطيراً مرة أخرى.

وبدأ الجيش الاسرائيلي بإرسال أوامر تعبئة إلى عناصر الاحتياط، تمهيدا لاستدعاء عشرات الآلاف منهم بهدف توسيع نطاق هجومه على حماس في قطاع غزة، بحسب مراسلين عسكريين لوسائل إعلامية اسرائيلية عدة.

وأوردت المعلومات التي نقلها أيضا العديد من المراسلين العسكريين، بينهم مراسل إذاعة الجيش، أنه سيتم إرسال هؤلاء للحلول محل جنود ينتشرون في أنحاء البلاد وفي الضفة الغربية المحتلة، بحيث يتاح إرسال هؤلاء الجنود للقتال في قطاع غزة.

وبحسب التلفزيون الاسرائيلي الرسمي، من المقرر أن يجتمع مجلس الوزراء الأمني لإسرائيل الأحد لبحث الموافقة على توسيع الهجوم العسكري على غزة.

وجاء نبأ استدعاء جنود الاحتياط بعد أن نشرت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت مقطع فيديو يظهر رجلا ممددا وقد لف رأسه وذراعه اليسرى بضمادات مع بقع بنّية عليها.

ويظهر الرجل في الفيديو، متحدثا باللغة العبرية بلكنة روسية، ويقدم نفسه على أنه "السجين الرقم 24"، ويلمح إلى أنه أصيب في قصف إسرائيلي.

وحددت وكالة فرانس برس، ومعها معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية، هوية الرهينة على أنه مكسيم هيركين الذي يتم نهاية هذا الشهر عامه السابع والثلاثين، ولكن من دون أن تتوافر وسائل للتحقق من حاله الصحية.

ونشرت عائلته بيانا طلبت فيه من وسائل الإعلام عدم عرض فيديو حماس.

ومساء السبت، تجمع آلاف الإسرائيليين مجددا حاملين صور الرهائن في تل أبيب للمطالبة بأن تتخذ حكومتهم إجراءات لتأمين إطلاق سراحهم.

وقالت أرونا ماسكيل البالغة 64 عاما "نحن هنا لأننا نريد أن يعود الرهائن إلى الوطن، ولا نعتقد أن الحرب في غزة اليوم لا يزال لها أي مبرر".

وقال الناطق باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل إن 11 فلسطينيا قتلوا فجر السبت في "قصف منزل عائلة البيرم في خان يونس".

وأشار إلى أن من بين القتلى الثمانية الذين حُددت هويتهم، وجميعهم من عائلة واحدة، فتاة وطفلا يبلغان عاما واحدا، بالإضافة إلى طفل رضيع لم يتخطَّ عمره الشهر.

وأكد الجيش الإسرائيلي الغارة، قائلا إنها استهدفت "إرهابيا من حماس"، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.

واستخدم عناصر إنقاذ ومدنيون مصابيح يدوية للبحث بين الأنقاض لانتشال الضحايا، وقد غادر أحدهم حاملا جثة طفل صغير.

وتحاصر إسرائيل نحو 2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة، وتمنع منذ الثاني من مارس/آذار دخول أي مساعدات إنسانية ترتدي أهمية حيوية بالنسبة للسكان الذين يعانون وضعا إنسانيا كارثيا ويواجهون خطر المجاعة بحسب الأمم المتحدة.