ترامب لن يغادر البيت الأبيض في هدوء

بمجرد أن يغادر ترامب الرئاسة، سيجد نفسه مضطرا لمواجهة العديد من الدعاوى القضائية التي ستصبح جميعها أكثر تهديدا له بعد أن يخسر الحماية القانونية التي حظي بها بحكم منصبه.
ترامب يخطط لإعلان ترشحه لانتخابات الرئاسة 2024 يوم تنصيب بايدن
ترامب شكل لجنة سياسية لجمع الأموال وممارسة النفوذ في الحزب الجمهوري
الرئيس المنتهية ولايته يخطط لمشاريع سياسية وإعلامية ضخمة تبقيه في دائرة الضوء
دعاوى تتعلق بالاحتيال والتهرب الضريبي والاغتصاب تنتظر ترامب

واشنطن - تستعد الولايات المتحدة اعتبارا من الشهر القادم لمراسم تنصيب الرئيس المنتخب الديمقراطي جو بايدن، فيما يغادر الرئيس الحالي المنتهية ولايته الجمهوري دونالد ترامب البيت الأبيض، لكن لا يبدو أن مغادرته ستكون في هدوء وفي الوقت ذاته تبرز تساؤلات كثيرة حول مصير ما بعد الرئاسة وسط مستقبل غامض وتهديدات قضائية.

عمليا انتهت المعركة الانتخابية وسقطت معها تقريبا الدعاوى القضائية التي رفعها ترامب وفريقه للطعن في نتائج الانتخابات، لكن قطب العقارات الأميركي سيخوض على أرجح التقديرات الكثير من المتاعب ولن يكون غيابه عن المشهد في هدوء خاصة مع ما يروج من أحاديث حول استعداداته لخوض غمار الانتخابات الرئاسية القادمة.

وبعد فشل مساعيه القضائية لتغيير نتيجة انتخابات الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني التي انتهت بفوز السياسي الديمقراطي واعتمد المجمع الانتخابي نتائجها يوم الاثنين، سيعود ترامب إلى حياته الشخصية يوم 20 يناير/كانون الثاني وفي جعبته فرص عدة.

ومن بين هذه الفرص إمكان ترشحه مرة أخرى للرئاسة عام 2024 أو الدخول في مشروعات إعلامية جديدة، لكن مخاطر قضائية محتملة وتحديات في مجال الأعمال تلقي بظلالها على خططه ومشاريعه المستقبلية.

والأكيد هو أن تعطش ترامب للأضواء سيجعله حتما لا يسير على خطى رؤساء أميركيين سابقين مثل جورج دبليو بوش الذي اتجه في هدوء إلى الرسم أو جيمي كارتر الذي انخرط في أنشطة حقوقية عالمية.

ومن المرجح أن يتسم مستقبل الرئيس المنتهية ولايته كرئاسته بالصخب والاندفاع والمواجهة والتحدي. كما أن مستقبله لن يكون تحت سيطرته تماما، فهو يواجه دعاوى قضائية مدنية وجنائية شتى تتعلق بالأعمال التجارية لعائلته وأنشطته قبل تولي الرئاسة. وقد تكتسب هذه المساعي قوة دافعة بمجرد تجريده من الامتيازات القانونية التي يحصل عليها من يجلس في المكتب البيضاوي.

ويفكر ترامب، المطور العقاري الذي تحول إلى أحد نجوم تلفزيون الواقع، في عدة مناورات للبقاء في دائرة الضوء. وقال لحلفائه إنه يفكر في الترشح مرة أخرى للرئاسة.

بل إنه بحث عدم حضور مراسم تنصيب بايدن وإعلان ترشحه في انتخابات 2024 في ذلك اليوم، في خطوة ستسمح له بمواصلة التجمعات الانتخابية الصاخبة التي اعتمد عليها عامي 2016 و2020.

ومن شأن هذا أن يعقد الأمور أمام قائمة طويلة من الجمهوريين الآخرين الذين يفكرون في الترشح عام 2024 مثل نائب الرئيس مايك بنس وسفيرة واشنطن السابقة في الأمم المتحدة نيكي هيلي وعضوي مجلس الشيوخ ماركو روبيو وتوم كوتون، إذ سيتعين عليهم بحث المسألة قبل اتخاذ قرار منافسة ترامب الذي لا يزال يطلق ادعاءات لا أساس لها بتزوير واسع النطاق في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

لكن من شأن هذه الخطوة أن تكون من نوعية خطوات الخروج عن القواعد والمعايير والمألوف الأثيرة لدى ترامب. ويسمح الدستور الأميركي بانتخاب الرئيس لفترتين ولا يتعين أن تكونا متعاقبتين.

وجروفر كليفلاند هو الرئيس الأميركي الوحيد الذي تولى المنصب لفترتين غير متعاقبتين. وكان قد غادر البيت الأبيض عام 1889 بعد خسارة مسعاه لفترة ثانية وفاز بالرئاسة مرة أخرى عام 1893.

وشكل ترامب بالفعل لجنة للعمل السياسي ستسمح له بجمع الأموال وممارسة النفوذ في الحزب بعد أن يترك المنصب سواء ترشح ثانية أم لا.

واتضحت رغبته في الحفاظ على نفوذه السياسي أيضا في تأييده مؤخرا تولي حليفته المقربة رونا مكدانيال رئاسة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري لفترة أخرى.

وسيصوت أعضاء اللجنة في أواخر يناير/كانون الثاني على بقاء مكدانيال في المنصب وسيعد ذلك اختبارا مبكرا لما تبقى لترامب من نفوذ ومدى استعداد الجمهوريين لإخضاع الحزب لرغباته.

قال مستشارون إن ترامب الذي سبق له تقديم برنامج تلفزيون الواقع 'ذي أبرنتيس' (المتدرب)، بحث أيضا عددا من المشروعات الإعلامية المحتملة ليبقى في بؤرة الضوء ومن بينها إطلاق قناة تلفزيونية أو شركة للتواصل الاجتماعي لمنافسة شركات يشعر الرئيس بأنها خانته.

وسترفع القناة التلفزيونية الجديدة راية التحدي لقناة فوكس نيوز التي كانت حليفة وثيقة لترامب قبل أن تثير حنقه منذ الانتخابات لعدم دعمها له بما يكفي على حد قوله. وقال معاونون إن الغضب استبد به من فوكس نيوز لحديثها ليلة الانتخابات عن فوز بايدن بولاية أريزونا المتأرجحة في حين لم تكن النتيجة قد تأكدت بعد.

وفاز بايدن بأريزونا في نهاية المطاف، لكن معظم الشبكات التلفزيونية الأخرى لم تذكر أن الرئيس المنتخب فاز بالولاية إلا بعد ذلك بأيام.

وقد يتعاون ترامب مع شبكات تلفزيونية محافظة مثل شبكتي وان أميركا نيوز نتوورك أو نيوزماكس اللتين ركزتا بشدة على تقديم صورة إيجابية له.

وبحث مع مستشاريه أيضا خطة لتأسيس شركة للتواصل الاجتماعي تنافس شركة تويتر التي نشرت مرارا تحذيرات من محتوى تغريدات لترامب عن ادعاءات لا أساس لها بتزوير الانتخابات.

لكنه يواجه تحديات مالية كبيرة منها تضرر الأنشطة التجارية التي تحمل اسمه برئاسته التي أثارت الاستقطاب وكذلك تأثر شركاته القابضة في مجالات العقارات والسفر والترفيه بجائحة فيروس كورونا.

وقدرت مجلة فوربس في سبتمبر/أيلول أن ثروة ترامب الصافية تراجعت بنحو 600 مليون دولار العام الماضي إلى 2.5 مليار. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أنه قدم ضمانات شخصية لديون قيمتها 421 مليون دولار تخص شركاته.

وبمجرد أن يغادر ترامب الرئاسة، سيجد نفسه مضطرا لمواجهة العديد من المسائل القضائية التي ستصبح جميعها أكثر تهديدا له بعد أن يخسر الحماية القانونية التي حظي بها بحكم منصبه.

ويجري سايرس فانس مدعي محكمة منطقة مانهاتن تحقيقا جنائيا بشأن ترامب وشركة عائلته التي تحمل اسم "ذا ترامب أورجانايزيشن". وركز التحقيق في البداية على مدفوعات قبل انتخابات عام 2016 لشراء صمت امرأتين قالتا إنهما مارستا الجنس معه (ترامب) وهو ما ينفيه.

لكن فانس الذي ينتمي للحزب الديمقراطي، أشار في مستندات قضائية قدمها في الآونة الأخيرة إلى أن نطاق التحقيق اتسع وقد يركز الآن على احتيال يتعلق بالبنوك والضرائب والتأمين وكذلك تزوير سجلات أعمال تجارية. وقال ترامب إن القضية لها دوافع سياسية.

وتجري ليتيتا جيمس مدعية نيويورك العامة وهي من الديمقراطيين أيضا، تحقيقا في اتهام ترامب وشركة العائلة بالاحتيال الضريبي. وبدأ هذا التحقيق بعد أن أبلغ مايكل كوهين المحامي السابق لقطب العقارات، الكونغرس بأن الرئيس ضخّم قيم أصول لديه بغية توفير أموال من القروض والتأمين وقلل منها لخفض الضرائب على العقارات.

وقالت شركة "ذا ترامب أورجانايزيشن" إن القضية وراءها دوافع سياسية. والقضية مدنية وقد تؤدي إلى عقوبات مالية لا السجن.

ويواجه ترامب أيضا دعاوى تشهير منفصلة تتعلق باتهامين بالاعتداء الجنسي ينفيهما ووجهتهما له إي. جين كارول، الكاتبة السابقة في مجلة إل، وسامر زيرفوس التي كانت من المتنافسين في برنامج 'ذي أبرنتيس' عام 2005.

وأقامت ماري ترامب ابنة شقيق الرئيس دعوى قضائية تتهمه واثنين من أفراد العائلة بالاحتيال والتآمر لحرمانها من نصيبها في إمبراطورية العقارات التي تملكها العائلة.

وقد يواجه أيضا دعوى جنائية تقيمها ضده وزارة العدل الأميركية بسبب اتهامات بالتهرب من ضريبة الدخل الاتحادية. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز في الآونة الأخيرة أن ترامب لم يدفع سوى 750 دولارا من ضرائب الدخل الاتحادية في عامي 2016 و2017.

ورفض ترامب ما توصلت إليه الصحيفة ولم يتضح إن كان قد خالف القانون. وستثير أي محاكمة اتحادية الجدل. ويتوخى بايدن الحذر حيال الأمر وتساءل عن قيمة مثل هذه المحاكمة، لكنه يقول إنه لن يتدخل في رأي وزارة العدل.