ترامب منفتح على التفاوض مع إيران شرط التخلي عن البرنامج النووي

الرئيس الأميركي يشير إلى احتمال تخفيف العقوبات المفروضة على طهران لمساعدتها على إعادة البناء.

واشنطن - وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقف الحرب الإسرائيلية الإيرانية بأنه "انتصار للجميع"، مبديا انفتاحه على التباحث مع طهران بشأن اتفاق ينهي طموحاتها النووي، مشيرا إلى احتمال تخفيف العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية لمساعدتها على إعادة البناء .

وقال ترامب إن قراره الانضمام إلى هجمات إسرائيل باستهداف مواقع نووية إيرانية بقنابل ضخمة خارقة للتحصينات أنهى الحرب، متجاهلا تقييما مبدئيا لوكالة المخابرات التابعة لوزارة الدفاع الأميركية يفيد بأن مسار إيران نحو صنع سلاح نووي ربما يكون قد تأخر لأشهر فحسب وقال إن النتائج "غير قاطعة" وإنه يعتقد أن المواقع النووية دُمرت، مضيفا أن "الأضرار جسيمة جدا. كان تدميرا تاما".

وأفاد، متحدثا من لاهاي، حيث حضر قمة حلف شمال الأطلسي اليوم الأربعاء، بأنه لا يتوقع أن تنخرط إيران مجددا في تطوير أسلحة نووية. ودأبت طهران لعقود على نفي اتهامات القادة الغربيين لها بالسعي لامتلاك قنبلة نووية.

وأضاف "سنتحدث معهم الأسبوع المقبل، مع إيران. قد نوقع اتفاقا. لا أعلم. بالنسبة لي، لا أعتقد أن ذلك ضروري".

ويسعى الإيرانيون والإسرائيليون القلقون إلى استئناف حياتهم الطبيعية بعد أشد المواجهات على الإطلاق بين العدوين.

وقدرت الوكالة النووية الإسرائيلية أن الضربات "أعادت قدرة إيران على تطوير أسلحة نووية سنوات للوراء". ونشر البيت الأبيض التقييم الإسرائيلي، غير أن ترامب نفى الاعتماد على معلومات مخابرات الدولة العبرية.

وعبر ترامب عن ثقته في أن طهران لن تحاول إعادة بناء مواقعها النووية وستنتهج بدلا من ذلك مسارا دبلوماسيا نحو تسوية الأمر، قائلا "سأقول لكم، آخر ما يريدون فعله هو تخصيب أي شيء في الوقت الحالي. إنهم يريدون التعافي".

وأضاف أنه إذا حاولت إيران إعادة بناء برنامجها النووي، "فلن نسمح بحدوث ذلك. أولا، لن نفعل ذلك عسكريا"، مضيفا أنه يعتقد "أننا سنتمكن في النهاية من إقامة علاقة ما مع طهران" لحل هذه القضية.

وردا على سؤال عما إذا كان سيخفف عقوبات النفط المفروضة على إيران، قال ترامب "سيحتاجون إلى المال لإعادة البلاد إلى سابق عهدها. نريد أن نرى ذلك يحدث".

وأكد الثلاثاء أن الصين يمكنها مواصلة شراء النفط الإيراني بعد أن اتفقت إسرائيل وإيران على وقف إطلاق النار، لكن البيت الأبيض أوضح لاحقا أن تصريحاته لا تشير إلى تخفيف العقوبات الأميركية.

وفرض ترامب حزما متتالية من العقوبات المتعلقة بإيران على عدد من المصافي الصينية المستقلة ومشغلي الموانئ بسبب مشترياتها من النفط الإيراني.

أما المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي فرفض ما أسماه "نهج الساعة الرملية" لتقييم الأضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني بالتركيز فقط على الشهور اللازمة لإعادة بنائه وليس على حل طويل الأمد للمشكلة.

وقال "على أي حال، المعرفة التكنولوجية والقدرة الصناعية موجودة. وهذا أمر لا يمكن لأحد أن ينكره. لذا، علينا أن نعمل معهم"، مضيفا أن أولويته القصوى هي ضمان عودة المفتشين الدوليين إلى المنشآت النووية الإيرانية.

وأدت حملة إسرائيلية بدأت بهجوم مباغت على إيران في 13 يونيو/حزيران إلى مقتل عدد من كبار قادتها العسكريين ومن أبرز علمائها النوويين. وردت إيران بإطلاق صواريخ اخترقت دفاعات إسرائيل بأعداد كبيرة لأول مرة.

وقالت السلطات الإيرانية إن 627 شخصا قتلوا وجرح ما يقرب من خمسة آلاف في إيران ولم يتسن التأكد من حجم الأضرار على نحو مستقل بسبب القيود الصارمة المفروضة على وسائل الإعلام. وقُتل 28 شخصا في إسرائيل.

وأعلنت كل من إيران وإسرائيل النصر، إذ قالت تل أبيب إنها حققت أهدافها في تدمير المواقع النووية والصواريخ الإيرانية، بينما أكدت طهران أنها فرضت نهاية للحرب باختراقها الدفاعات الإسرائيلية خلال ردها على الهجمات. لكن ترامب قال إن الجانبين منهكان لكن الصراع قد يتجدد.

وربما يشكل إظهار إسرائيل أن بإمكانها استهداف القيادة الإيرانية العليا على ما يبدو أكبر تحد على الإطلاق لحكام إيران الدينيين في مرحلة حرجة يتعين عليهم فيها إيجاد خليفة للزعيم الأعلى علي خامنئي (86 عاما) الذي يتولى السلطة منذ 36 عاما.

وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وهو معتدل نسبيا انتخب العام الماضي فيما مثل تحديا لهيمنة المحافظين على مدى سنوات إن أجواء التضامن الوطني خلال الهجمات الإسرائيلية ستحفز الإصلاح الداخلي.

وأوضح في بيان نقلته وسائل الإعلام الرسمية "هذه الحرب وما عززته من تعاطف بين الشعب والمسؤولين فرصة لتغيير نظرة الإدارة وسلوك المسؤولين بما يمكنهم من بناء الوحدة".

ورغم ذلك، سارعت السلطات الإيرانية إلى إظهار سيطرتها وأعلنت السلطة القضائية اليوم إعدام ثلاثة رجال أدينوا بالتخابر لصالح جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد" وتهريب معدات استخدمت في عملية اغتيال. وذكر موقع ''نور نيوز'' التابع للدولة أن إيران اعتقلت 700 شخص بتهمة إقامة علاقات مع إسرائيل خلال الصراع.

وأشار نتنياهو وترامب علنا خلال الحرب إلى أنها قد تنتهي بإسقاط نظام الحكم الديني الإيراني بأكمله الذي تأسس في ثورة 1979.

لكن ترامب قال بعد وقف إطلاق النار إنه لا يريد أن يرى "تغييرا في النظام" في إيران لأن ذلك سيوجد فوضى في وقت يريد فيه استقرار الوضع.

وفي إيران وإسرائيل، أبدى السكان ارتياحهم لنهاية أسوأ مواجهة على الإطلاق بين الجانبين، اللذين يتناصبان العداء منذ فترة طويلة، لكنهم عبروا أيضا عن قلقهم إزاء المستقبل.

وقالت فرح (67 عاما) التي عادت إلى طهران قادمة من لواسان قرب العاصمة حيث فرت هربا من القصف الإسرائيلي "عدنا بعد إعلان وقف إطلاق النار. يشعر الناس بالارتياح لتوقف الحرب لكن هناك الكثير من عدم اليقين بشأن ما سيحدث لاحقا".

وأضافت أن أحفادها قلقون من أن ترد السلطات بفرض قواعد أكثر صرامة على الزي وقيود أخرى على الحريات الاجتماعية، مشيرة إلى أن "العالم سيتجاوز الحرب لكننا سنتعايش مع عواقبها".

وفي تل أبيب، قالت روني هوتر-إيشاي ماير (38 عاما) إن نهاية الحرب أوجدت مشاعر متباينة من الارتياح لعودة الأطفال للمدارس واستئناف الحياة الطبيعية إلى الإنهاك الناجم عن التوتر والقلق.

وقالت "إنه أمر مرهق جدا. كان الأسبوعان الماضيان كارثيين في إسرائيل ونحن منهكون للغاية ونحتاج إلى استعادة طاقتنا الطبيعية".

ولا يزال التقارب بين طهران والغرب يتطلب اتفاقا يحكم طموحات إيران النووية طويلة المدى مقابل رفع العقوبات الأميركية والدولية.

وقال ستيف ويتكوف مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط في وقت متأخر أمس الثلاثاء إن المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران "واعدة" وإن واشنطن تأمل في التوصل إلى "اتفاق سلام طويل الأمد ينهض بإيران".

وأفاد موقع نور نيوز بأن البرلمان وافق اليوم على مشروع قانون لتعليق التعاون مع وكالة الطاقة الذرية لكنه أشار إلى أن مثل هذه الخطوة تتطلب موافقة أعلى هيئة أمنية في إيران.