ترامب وإردوغان: صفقات الأصهار أم خارطة طريق للحل؟!

علاقة الصهرين كوشنر والبيرق ليست كافية رغم العقود والصفقات التي تحدثت عنها نيويورك تايمز لتفادي عقوبات الكونغرس وحل الخلافات حول سوريا والأس-400 والتنقيب عن الغاز في قبرص.

بقلم: جويس كرم

يحل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضيفا على نظيره الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض اليوم في أول زيارة له إلى واشنطن منذ عامين، قد ترسخ نهج الصفقات والعقود بين الرجلين وصهرهما جاريد كوشنر وبيرات البيرق، أو قد تفتح بابا لخارطة طريق نحو تعاون استراتيجي يوفر على أنقره موجة عقوبات من الكونغرس.

تأتي زيارة إردوغان في لحظة تقاطع حرج للعلاقة التركية ـ الأميركية ووسط غضب غير مسبوق من السلطة التشريعية الأميركية حيال الوجهة السياسية التي اختارتها أنقرة بالاقتراب من روسيا وشراء صواريخ الأس-400، والدخول في عملية عسكرية في سوريا بدايتها مؤرقة ولا نهاية واضحة لها.

هناك قلق أميركي غير مسبوق منذ اعتلاء إردوغان السلطة في 2003 على مستقبل العلاقة مع تركيا وتشكيك على مستوى الرأي العام والأحزاب بجدوى التحالف والضرر الناتج من التصدعات على حلف شمال الأطلسي.

هذا القلق عكسته تشريعات ورسائل من الكونغرس إلى ترامب في الأشهر الأخير فحواها ضرورة الضغط على أنقرة لتعديل مسارها. ففي الأسبوعين الأخيرين فقط، أقر مجلس النواب الأميركي مشروع عقوبات يجمد مبيعات أسلحة لتركيا ويعاقب مؤسساتها المالية، واعتبر المذبحة ضد الأرمن إبادة جماعية، وبعث النواب برسالتين للخارجية الأميركية لإلغاء زيارة إردوغان وحماية المتظاهرين بعد أن اعتدى عليهم حراس الرئيس التركي في 2017.

أما القضاء الأميركي فسيبت في اتهامات خطيرة ضد مصرف "هالك بنك" التركي لتورطه بصفقة تحايل على العقوبات ضد إيران حجمها مليارات الدولارات، ودعوة ثانية من المتظاهرين الذين تم ضربهم من حراس إردوغان ضد الرئيس التركي.

يخطئ إردوغان بتعويله على ترامب لإنقاذه وإنقاذ العلاقة التركية ـ الأميركية من منزلق ومأزق محتم في حال عدم القيام بتغييرات جذرية. فعلاقة الصهرين كوشنر والبيرق ليست كافية رغم العقود والصفقات التي تحدثت عنها نيويورك تايمز لتفادي عقوبات الكونغرس وحل الخلافات حول سوريا والأس-400 والتنقيب عن الغاز في قبرص.

صفقات صهر ترامب وصهر إردوغان نجحت إلى حد كبير في شراء الوقت والتحايل على المؤسسات الأميركية وإعطاء ضوء أخضر لتركيا في سوريا وإلى حد كبير تجميد قطار العقوبات بعد الصفقة التركية مع روسيا، إنما مفعولها بدأت تنتهي صلاحيته. فمن دون تراجع تركيا عن صفقة أس-400 لا مهربا من العقوبات، ومن دون مراجعة واقعية لأهداف العملية في سوريا، لا حلا قريب هناك وبالتالي يجب توقع المزيد من العقوبات والضغوط الأميركية القانونية والاقتصادية.

عقيدة إردوغان تختصر بقناعته بأنه قادر على أن يضع قدما في الكرملين وقدما في البيت الأبيض، وأن يكون الزعيم التركي القادر على التوفيق بين الشرق والغرب بالبقاء في الناتو ومغازلة روسيا، والرقص مع إيران واجتياح شمال سوريا. هذا التوازن ولو أنه يبدو قائما اليوم، إلا أنه مبني على أعمدة رملية ومن شأنه أن يتهاوى في حال لم تع تركيا المصالح الأميركية وضرورة التراجع في أكثر من ملف.

فترامب، الذي سيلتقي إردوغان في الوقت نفسه الذي يستمع به مجلس النواب إلى جلسات استماع حول إقصائه، لا يملك الرأسمال السياسي لمنح إردوغان استثناء امتلاك السلاح الروسي والبقاء تحت المظلة الدفاعية الأميركية. خارطة الطريق الاستراتيجية بين أميركا وتركيا تتطلب إعادة نظر ومراجعة كاملة بملف أس-400، التفاهم مع أكراد سوريا، وتطبيق كامل للعقوبات على إيران.

ابتسامات البيت الأبيض بين ترامب وإردوغان ستغطي لدقائق عمق الخلاف وجديته بين الحليفين. أما صفقات كوشنر والبيرق لا معنى لها في الكونغرس الذي سيطبق العقوبات وسيفرض مزيدا منها في حال لم يغير إردوغان نهجه، ولن تكون مؤثرة في معادلة القضاء الأميركي الذي أفلس عدة مصارف قبل "هالك بنك"، وأوقع بمن هم أكبر من حراس إردوغان.

نُشر في شبكة الشرق الأوسط ببإرسال