ترامب يحذر إيران من مواجهة مباشرة في حال استهداف مصالح أميركية
القاهرة– حذّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأحد إيران من أنها ستواجه "كامل قوة" الجيش الأميركي إذا هاجمت الولايات المتحدة، مؤكدا أن واشنطن "لا علاقة لها" بالضربات الإسرائيلية على طهران.
وشنت إسرائيل ضربات جديدة استهدفت البرنامج النووي الإيراني الأحد، وردت إيران بهجمات صاروخية أسفرت عن مقتل ثمانية أشخاص على الأقل في إسرائيل، في اليوم الثالث من التصعيد العسكري غير المسبوق بين البلدين.
وكتب ترامب على منصته "تروث سوشال" الأحد "إذا تعرضنا لهجوم من إيران بأي شكل من الأشكال، فإن كامل قوة وقدرة القوات المسلحة الأميركية ستنزل عليكم بمستويات لم تُشهد من قبل".
من جهة أخرى، أكد ترامب "يمكننا بسهولة إبرام اتفاق بين إيران وإسرائيل، وإنهاء هذا الصراع الدامي".
واستهدفت إسرائيل منذ الجمعة مئات المواقع العسكرية والنووية الإيرانية وقتلت عددا من القادة العسكريين إضافة إلى علماء نوويين. وردّت إيران بإطلاق دفعات من الصواريخ البالستية على الدولة العبرية.
وتراجعت ايران تدريجا عن التزاماتها بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع القوى الكبرى، بعدما سحب ترامب بلاده منه في العام 2018 خلال ولايته الأولى وفرض عقوبات مشددة على طهران. وأتاح الاتفاق رفع عقوبات عن إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
وأجرت الولايات المتحدة وإيران جولات محادثات عدة منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، ولكن التفاؤل الذي ساد في البداية تبدّد في الأيام الأخيرة.
وفي خطوة تشير إلى محاولة إيران احتواء التصعيد واستبدال لغة التهديد بالتهدئة نتيجة الخسائر الكبيرة التي تكبدتها ومن المتوقع أن تزداد، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الأحد أن إطلاق الصواريخ على إسرائيل سيتوقف حين توقف الدولة العبرية هجومها على إيران المستمر منذ الجمعة.
وقال عراقجي خلال اجتماع مع دبلوماسيين أجانب نقله التلفزيون "إننا ندافع عن أنفسنا، دفاعنا مشروع تماما"، مضيفا أن "هذا الدفاع هو رد على عدوان. إن توقف العدوان، بالطبع سيتوقف ردنا أيضا".
بدوره، قال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول إن ألمانيا وفرنسا وبريطانيا مستعدة لإجراء محادثات على الفور مع إيران بشأن برنامجها النووي في محاولة لتهدئة الوضع في الشرق الأوسط.
وأضاف فاديفول، الذي يزور الشرق الأوسط حاليا، أنه يحاول المساهمة في تهدئة الصراع بين إسرائيل وإيران، وأشار إلى أن طهران لم تغتنم الفرصة في السابق للدخول في محادثات بناءة.
وقال لهيئة البث الألمانية (إيه.آر.دي) في وقت متأخر من السبت "آمل أن يكون ذلك لا يزال ممكنا… ألمانيا، إلى جانب فرنسا وبريطانيا على استعداد. إننا نعرض على إيران إجراء مفاوضات على الفور حول البرنامج النووي، وآمل أن يتم قبول (العرض)".
من جهتها، قالت جماعة الحوثي اليمنية الأحد إنها شنت هجمات على إسرائيل بالتنسيق مع طهران، وهي المرة الأولى التي تُعلن فيها جماعة متحالفة مع إيران عن مثل هذا التعاون في شن هجمات.
وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع إن الجماعة اليمنية استهدفت يافا في وسط إسرائيل بعدة صواريخ باليستية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وقال في كلمة بثها التلفزيون "انتصارا لمظلومية الشعبين الفلسطيني والإيراني، وردا على جريمة التجويع والتعطيش التي يقترفها العدو الصهيوني بحق إخواننا في قطاع غزة نفذت القوة الصاروخية في القوات المسلحة اليمنية عملية عسكرية استهدفت أهدافا حساسة للعدو الإسرائيلي في منطقة يافا المحتلة وذلك بعدد من الصواريخ الباليستية فرط صوتية".
وأضاف "تناسقت هذه العملية مع العمليات التي ينفذها الجيش الإيراني والحرس الثوري ضد العدو الإسرائيلي المجرم".
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن في وقت سابق عن تفعيل صفارات الإنذار في عدة مناطق عقب إطلاق صواريخ من إيران واليمن.
وواصلت إسرائيل وإيران تبادل الهجمات الصاروخية منذ أن شنت إسرائيل أكبر ضربة عسكرية لها على الإطلاق ضد عدوها اللدود يوم الجمعة.
وفي اليوم نفسه الذي شنت فيه إسرائيل هجومها على إيران، قالت إسرائيل إن صاروخا أُطلق من اليمن نحوها سقط في الخليل بالضفة الغربية المحتلة. لكن الحوثيين لم يعلنوا المسؤولية عن إطلاق الصاروخ.
وتشن الجماعة هجمات على إسرائيل، تم اعتراض معظمها، في ما تصفه بأنه دعم للفلسطينيين في غزة خلال الحرب بين إسرائيل وحركة حماس المستمرة هناك منذ هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023.
ونفذت إسرائيل سلسلة من الهجمات ردا على الحوثيين. كما شنت الولايات المتحدة هجمات مكثفة على الجماعة هذا العام، قبل أن يوقف الرئيس دونالد ترامب الهجوم بعد موافقة الحوثيين على وقف الهجمات على السفن الأميركية.
وأدت موجات من الهجمات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل إلى مقتل ثمانية أشخاص على الأقل ليل السبت الأحد، بينهم أطفال، وفق خدمة الاسعاف الاسرائيلية، بعد أن دفعت صفارات الإنذار ملايين الأشخاص ليهرعوا إلى الملاجئ.
وفي وسط اسرائيل، قُتل أربعة أشخاص على الأقل، بينهم طفل يبلغ 10 أعوام، وأصيب نحو 100 آخرين في هجوم صاروخي، وفقا للمتحدث باسم نجمة داوود الحمراء. وأضاف المتحدث أن 37 شخصا آخرين أصيبوا في منطقة شفيلا.
وأكدت الشرطة الإسرائيلية في منشور على منصة اكس أن ضربة في منطقة تل أبيب أدت إلى مقتل عدة أشخاص وإصابة العشرات.
وبعد أن دمر هجوم سابق مبنى من ثلاثة طوابق في منطقة الجليل الغربي في إسرائيل في وقت متأخر السبت، قالت نجمة داوود الحمراء إن ثلاث نساء قُتلن. وأكدت خدمة الإسعاف في بيان وفاة امرأتين في الموقع فيما أعلنت وفاة الثالثة في المستشفى.
وقالت خدمة الإسعاف إن صاروخا إيرانيا أصاب منزلا في منطقة حيفا السبت ما أسفر عن مقتل امرأة في العشرينات وإصابة 14 شخصا آخرين.
وقال متحدث باسم خدمة نجمة داوود الحمراء للقناة ال12 الإسرائيلية إن قرابة 200 شخصا أصيبوا في ضربات صاروخية إيرانية ليلا.
وليل السبت أعلنت إسرائيل إنها تعمل على اعتراض وابل من الصواريخ التي أطلقت من إيران وتنفيذ ضربات على طهران في وقت واحد.
وأعلنت إيران مقتل 78 شخصا في اليوم الأول من الحملة الإسرائيلية عليها وسقوط عشرات آخرين في اليوم الثاني من بينهم 60 شخصا عندما دمر صاروخ مبنى سكنيا من 14 طابقا في طهران وكان من بين القتلى 29 طفلا.
وقالت إيران إن مستودع النفط في شهران استُهدف في هجوم إسرائيلي لكن الوضع تحت السيطرة، وأفادت وكالة تسنيم للأنباء اليوم الأحد بأن حريقا اندلع بعد هجوم إسرائيلي على مصفاة للنفط قرب العاصمة وأن الغارات الإسرائيلية استهدفت أيضا مبنى وزارة الدفاع في طهران، مما أدى إلى وقوع أضرار طفيفة.
وأفادت الوكالة بتعليق إنتاج الغاز في جزء من حقل بارس الجنوبي، وهو أكبر حقل غاز في العالم، في أعقاب هجوم إسرائيلي على الموقع السبت أدى لاندلاع حريق.
ويقع حقل بارس الجنوبي قبالة ساحل إقليم بوشهر بجنوب إيران، وهو مصدر معظم الغاز الذي تنتجه إيران.
وأدت المخاوف من التعطيل المحتمل لصادرات النفط في المنطقة إلى ارتفاع أسعار الخام بنحو تسعة بالمئة يوم الجمعة، على الرغم من أن إسرائيل لم تستهدف قطاع النفط والغاز الإيراني في اليوم الأول من حملتها.
وقال الجنرال الإيراني وعضو مجلس الشورى (البرلمان) إسماعيل كوثري إن طهران تدرس جديا إغلاق مضيق هرمز، منفذ وصول الناقلات إلى الخليج.
ومع إعلان إسرائيل أن عمليتها قد تستمر لأسابيع وحث نتنياهو الشعب الإيراني على الانتفاض على حكامه من رجال الدين، تتزايد المخاوف من تصعيد في المنطقة يستقطب قوى خارجية.
وحذرت طهران حلفاء إسرائيل من أن قواعدهم العسكرية في المنطقة ستتعرض للقصف أيضا إذا ساعدوا في إسقاط الصواريخ الإيرانية.
لكن الحرب المستمرة منذ 20 شهرا في غزة والأعمال القتالية في لبنان العام الماضي تسببا في إضعاف أقوى حليفين لطهران، وهما حركة حماس في غزة وجماعة حزب الله في لبنان، مما قلص خيارات الرد المتاحة أمام إيران.
وترى إسرائيل البرنامج النووي الإيراني تهديدا لوجودها، وقالت إن حملة القصف تهدف إلى منع طهران من اتخاذ الخطوات المتبقية نحو انتاج سلاح نووي.