ترامب يكافح إيران ويخدم أجندتها في سوريا!

ضمن تداعيات قرار الانسحاب الأميركي من سوريا، واشنطن تسعى الى إقناع شركائها بالبقاء خصوصا فرنسا التي لديها 'شيء واحد لا تفهمه' وألمانيا التي تحذر: ندخل معا ونخرج معا.
إعلان وشيك من ترامب حول دولة الخلافة
وزير الدفاع الأميركي يصف الانسحاب من سوريا بالتغيير التكتيكي

ميونيخ (ألمانيا) - قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان الجمعة إن سياسة الولايات المتحدة بشأن شمال شرق سوريا "لغز" بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب القوات لأن ذلك سيصب في صالح إيران التي تريد واشنطن تشديد السياسات تجاهها.
وأثار قرار سحب القوات الذي أعلنه ترامب في ديسمبر/كانون الأول قلق حلفاء الولايات المتحدة في قتال تنظيم الدولة الإسلامية في شمال شرق سوريا. وقال السناتور الأميركي لينزي غراهام خلال مؤتمر أمني في ميونيخ الجمعة إن الولايات المتحدة ستحتفظ بقدراتها في المنطقة.
وقال لو دريان لغراهام "ثمة شيء واحد لا أفهمه بشأن السياسة الأميركية في هذه المنطقة. كيف يمكن للمرء أن يكون حازما ضد إيران وفي نفس الوقت يتخلى عن شمال شرق سوريا، عندما يعلم المرء أن ذلك سيخدم في نهاية المطاف الأنشطة الإيرانية في المنطقة"؟ وأضاف "هذا لغز بالنسبة لي".

لو دريان: هذا لغز بالنسبة لي
لو دريان: هذا لغز بالنسبة لي

وفرنسا أحد حلفاء واشنطن الرئيسيين في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الدولة الإسلامية في سوريا والعراق. وتساهم فرنسا في عمليات التحالف بنحو 1200 عنصر. وكانت طائراتها الحربية تستخدم في ضرب أهداف المتشددين كما أن مدفعيتها الثقيلة تدعم المقاتلين الذين يقودهم الأكراد فضلا عن وجود قواتها الخاصة على الأرض.
وقال مصدر حكومي فرنسي لوكالة الصحافة الفرنسية "من غير الوارد بقاء جنود فرنسيين على الأرض من دون وجود الأميركيين".
من جهة ثانية، قال جنرال أميركي كبير الجمعة إن الولايات المتحدة ينبغي أن تواصل تسليح ومساعدة قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد بعد الانسحاب الأميركي المزمع من سوريا شريطة أن تواصل الضغط على تنظيم الدولة الإسلامية.

من غير الوارد بقاء جنود فرنسيين على الأرض من دون وجود الأميركيين

وتمثل توصية الجنرال جوزيف فوتيل قائد القيادة المركزية والذي يشرف على القوات الأميركية في الشرق الأوسط واحدة من أقوى الإشارات حتى الآن على آمال الجيش الأميركي في شراكة دائمة مع قوات سوريا الديمقراطية رغم مخاوف تركيا حليفة الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي والتي تقول إن مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية الأكراد إرهابيون.
وقال فوتيل في مقابلة مع وكالة رويترز للأنباء "ما داموا يقاتلون ضد داعش ويواصلون الضغط عليهم، أعتقد أنه يبدو لي أن في مصلحتنا مواصلة تقديم وسائل القيام بذلك".
وسعى وزير الدفاع الأميركي باتريك شاناهان الجمعة إلى إقناع شركائه في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية بالمساعدة في حماية ما أنجزوه في سوريا بعد انسحاب القوات الأميركية منها.
والجمعة قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه سيصدر اعلانا بشأن "خلافة" تنظيم الدولة الإسلامية في غضون 24 ساعة، في حين تحاول قوات سوريا الديموقراطية، وهي فصائل كردية وعربية مدعومة من التحالف الدولي، استكمال تقدمها باتّجاه آخر بقعة لا تزال خاضعة لسيطرة الجهاديين في شمال شرق سوريا.
وفي ميونيخ سعى وزراء الدفاع الـ13 للدول الكبرى المشاركة في التحالف الدولي، الذين اجتمعوا على هامش مؤتمر الأمن لإيجاد حل لمشكلة انسحاب أكبر مساهم في هذا الحلف العسكري.
وقال شاناهان "لقد حان الوقت لخفض عديد القوات الأميركية على الأرض في شمال شرق سوريا، لكن الولايات المتحدة تبقى ملتزمة قضية التحالف، وهي إنزال هزيمة دائمة بتنظيم الدولة الاسلامية في الشرق الأوسط وخارجه".

فوتيل يدعم الشراكة الدائمة مع خصوم تركيا
فوتيل يدعم الشراكة الدائمة مع خصوم تركيا

ووصف قرار ترامب سحب القوات بأنه "تغيير تكتيكي" ووعد بالإبقاء على "قدرات مكافحة الإرهابيين في المنطقة" والبقاء "إلى جانب الحلفاء والشركاء"، بدون أن يضيف أي تفاصيل.
وبعد نحو أسبوع من إطلاق قوات سوريا الديموقراطية المرحلة الأخيرة من هجومها، بات مقاتلو التنظيم يتحصنون في مساحة كيلومتر مربع، يشمل جزءاً من بلدة الباغوز في أقصى ريف دير الزور الشرقي مع مخيم جنوب البلدة.
وستنسحب القوات الأميركية من المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديموقراطية ما إن يتم دحر مقاتلي التنظيم الجهادي تنفيذا لقرار ترامب الذي أعلن في كانون الأول/ديسمبر انسحاب قواته البالغ عديدها ألفي عسكري من سوريا.
وقالت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير ليين التي استضافت اجتماع الجمعة وتساهم بلادها في طلعات المراقبة والدعم اللوجستي إن المهمة يجب أن يكون شعارها "ندخل معا ونخرج معا".

ألمانيا: القرارات مشتركة
ألمانيا: القرارات مشتركة

وتابعت أن "القرارات في سوريا والعراق حيث شارك تقريبا كافة أعضاء حلف شمال الأطلسي في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية يجب ان تكون مشتركة".
وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية إن أيا من الشركاء في التحالف ضد تنظيم الدولة الإسلامية لم يقم بـ"تعهّد محدد. سواء بالبقاء أم بالمغادرة بعد خروجنا".
وتابع المسؤول انه كانت هناك "رغبة كبيرة بإيجاد اتفاق أو آلية أمنية"، لكنّه أكد أنه لم يتم التوصل لحلّ ملموس لـ"الفراغ الأمني".
لقد فاقم الانهيار الوشيك لـ"خلافة" تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا المخاوف من هروب مقاتلين متمرّسين وتشكيلهم خلايا جديدة في سوريا وخارجها.
وقالت وزيرة الدفاع الألمانية إن "تنظيم الدولة الاسلامية يتحوّل ليصبح سريا ويعيد تنظيم صفوفه في السر ويبني شبكات مع مجموعات إرهابية أخرى بما في ذلك شبكة عالمية".

ضمان أمن منطقة طولها 400 كلم وعرضها 30 كلم، يتطلّب عشرين ألف جندي

وقال شاناهان إن التحالف يتطوّر "من أجل التصدي للتهديد الدولي الذي تشكّله فروع تنظيم الدولة الإسلامية وعقيدته الإجرامية" وصولا إلى أفغانستان والفيليبين.
لكن القلق الرئيسي الذي يساور حاليا حلفاء الولايات المتحدة هو الملف السوري حيث سيتسبب خروج القوات الأميركية بفراغ أمني وحيث تتنازع روسيا وإيران وتركيا النفوذ.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن "إنجاز هذه المرحلة سيشكل نقطة إيجابية يمكن أن تساعد في استقرار الوضع".
وسيطرح خروج القوات الأميركية من سوريا تحديا آخر هو مستقبل المناطق الخاضعة حاليا لسيطرة قوات سوريا الديموقراطية، تحالف الفصائل الكردية والعربية المدعومة من واشنطن، عند انسحاب القوات الاميركية. هل ستهاجم تركيا الأكراد؟ هل تستعيد دمشق التي تطالب بإنهاء الحكم الذاتي الكردي، المنطقة، بمساعدة حلفائها الإيرانيين والروس؟
وتسعى الولايات المتحدة وتركيا إلى إيجاد "منطقة أمنية" تشكل عازلا بين المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد والحدود التركية.
وتحدث شاناهان عن فكرة إنشاء "قوة مراقبين" لتحقيق هدفين هما تجنب هجوم يمكن ان يشنه الجيش التركي ضد المقاتلين الاكراد السوريين ومنع خلايا جهادية من التشكل مجددا في تلك المنطقة. وقال إن "جنودنا يغادرون الأرض لكن حلفاءنا يمكنهم البقاء لمنع خروج الوضع عن السيطرة".
وهذا الأسبوع قال وزير الدفاع البريطاني غافين وليامسون خلال اجتماع لحلف شمال الأطلسي "علينا القيام بكل ما يقتضيه الأمر من ضمان أمن بريطانيا وحلفائنا".
لكن ضابطا أوروبيا أكد أن إقامة هذه المنطقة الأمنية تشكّل تحديا كبيرا، قائلا إن "ضمان أمن منطقة من هذا النوع طولها 400 كلم وعرضها 30 كلم، يتطلّب عشرين ألف جندي".