
ترامب يُشعل حروبا تجاريا بفرض رسوم ضخمة على شركاء كبار
بكين/واشنطن – توعدت الصين والمكسيك وكندا الأحد باتخاذ إجراءات مضادة ردا على الاجراءات التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب السبت بتوقيعه أمرا بفرض رسوم جمركية كبيرة على الدول الثلاث التي طالب أيضا بوقف تدفق عقار الفنتانيل والمهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة، ليشعل بذلك حربا تجارية قد تقوض النمو العالمي وتؤجج التضخم.
وأعلنت الصين الأحد أنها "تعارض بشدة" التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب على بكين، متعهدة باتخاذ "إجراءات مماثلة لحماية حقوقنا ومصالحنا بحزم".
وقالت وزارة التجارة الصينية في بيان إن "الصين غير راضية أبدا وتعارض ذلك بشدة"، مضيفة أنها سترفع دعوى ضد واشنطن في منظمة التجارة العالمية"، مشددة على أن الحروب التجارية "ليس فيها منتصرون".
وقالت وزارة الخارجية الصينية في بيان "لا يوجد منتصرون في حرب تجارية أو حرب جمركية"، مضيفة أن التعريفات الجديدة "ستؤثر حتما في التعاون المستقبلي في مجال السيطرة على المخدرات وتضر به"، في وقت تسعى الولايات المتحدة للحد من تهريب الفنتانيل الى الأراضي الأميركية.
ونددت وزارة التجارة الصينية بهذه الرسوم قائلة "ليست عديمة الفائدة في حل مشاكل الولايات المتحدة فحسب، بل إنها تقوض أيضا التعاون الاقتصادي والتجاري الطبيعي"، مضيفة "الصين تأمل في أن تنظر الولايات المتحدة إلى مشاكلها مثل الفنتانيل وتتعامل معها بشكل موضوعي وعقلاني، بدلا من التهديد المستمر للدول الأخرى بالرسوم الجمركية".
وحضت بكين "الولايات المتحدة على تصحيح ممارساتها الخاطئة ومواجهة مشاكلها، وإجراء مناقشات صريحة وتعزيز التعاون وإدارة الخلافات على أساس المساواة والمنفعة والاحترام المتبادلين"، بحسب بيان الوزارة.
وتعهدت المكسيك وكندا، أكبر شريكين تجاريين للولايات المتحدة، على الفور بفرض رسوم جمركية مضادة، في حين قالت الصين إنها ستطعن على قرار ترامب أمام منظمة التجارة العالمية وستتخذ "تدابير مضادة" أخرى.
وفي ثلاثة أوامر تنفيذية، فرض ترامب رسوما جمركية بنسبة 25 بالمئة على الواردات المكسيكية والكندية باستثناء واردات الطاقة الكندية التي ستفرض عليها رسوم بنسبة 10 بالمئة ورسوم بنسبة 10 بالمئة على السلع القادمة من الصين، اعتبارا من يوم الثلاثاء.
وتعهد بالإبقاء على الرسوم الجمركية حتى انتهاء ما وصفها بأنها حالة طوارئ وطنية بسبب الفنتانيل، وهي مادة مخدرة قاتلة من مشتقات الأفيون، والهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة. ولم يقدم البيت الأبيض أي معايير أخرى لتحديد ما قد يلبي مطالب ترامب.
وردا على المخاوف التي أثارتها مصافي النفط وولايات الغرب الأوسط، فرض ترامب رسوما جمركية بنسبة 10 بالمئة فقط على منتجات الطاقة من كندا، في حين تواجه واردات الطاقة المكسيكية الرسوم الجمركية الكاملة البالغة 25 بالمئة.
وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إن كندا سترد بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على سلع أميركية بقيمة 155 مليار دولار، بما في ذلك البيرة والنبيذ والأخشاب والأجهزة، بدءا من فرض رسوم جمركية بقيمة 30 مليار دولار اعتبارا من الثلاثاء و125 مليار دولار بعد 21 يوما.

وحذر ترودو المواطنين الأميركيين من أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب سترفع تكاليف المواد الغذائية والبنزين بالنسبة لهم، مما قد يؤدي إلى إغلاق مصانع تجميع السيارات والحد من إمدادات السلع مثل النيكل والبوتاس واليورانيوم والصلب والألمنيوم. وحث مواطنيه على الامتناع عن السفر إلى الولايات المتحدة ومقاطعة المنتجات الأميركية.
وقالت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم في منشور على موقع إكس إنها أصدرت تعليمات لوزير الاقتصاد بتطبيق رسوم جمركية مضادة، لكنها لم تذكر تفاصيل. وقالت كندا والمكسيك إنهما تعملان معا لمواجهة الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب.
ولم تحدد وزارة التجارة الصينية التدابير المضادة التي تعتزم اتخاذها. وترك بيانها الباب مفتوحا أمام المحادثات بين واشنطن وبكين.
وقالت إن "الصين تأمل أن تنظر الولايات المتحدة إلى قضية الفنتانيل وغيرها من القضايا وتتعامل معها بطريقة موضوعية وعقلانية"، مضيفة أن بكين تريد "الانخراط في حوار صريح وتعزيز التعاون وإدارة الخلافات".
وذكر تقرير أصدره البيت الأبيض أن الرسوم الجمركية ستظل سارية "حتى تخف حدة الأزمة"، لكنها لم تذكر تفاصيل بشأن ما يتعين على الدول الثلاث القيام به للحصول على إعفاء.
وستتأثر شركات صناعة السيارات بشكل خاص، مع فرض رسوم جمركية جديدة باهظة على المركبات المصنعة في كندا والمكسيك، مما يثقل كاهل سلسلة توريد إقليمية واسعة حيث يمكن للأجزاء عبور الحدود عدة مرات قبل التجميع النهائي.
ويأتي إعلان الرسوم الجمركية تنفيذا للتهديد المتكرر الذي أطلقه ترامب خلال حملته الرئاسية لعام 2024 ومنذ توليه منصبه، متحديا تحذيرات كبار خبراء الاقتصاد من أن حربا تجارية جديدة مع كبار شركاء الولايات المتحدة التجاريين من شأنها أن تؤدي إلى تآكل النمو في الولايات المتحدة والعالم، في ظل ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين والشركات.
ورحب الجمهوريون بهذه الأنباء، في حين حذر الديمقراطيون وجماعات صناعة بشدة من تأثير ذلك على الأسعار.
وكان ترامب قد حدد الأول من فبراير/شباط موعدا نهائيا للضغط من أجل اتخاذ إجراءات قوية لوقف تدفق الفنتانيل والمواد الكيميائية الأولية إلى الولايات المتحدة من الصين عبر المكسيك وكندا، وكذلك لمنع المهاجرين غير الشرعيين من عبور الحدود الأميركية.
وتعهد يوم الجمعة بالمضي قدما في فرض الرسوم على الرغم من إقراره بأنها قد تسبب اضطرابات وصعوبات للأسر الأميركية.
وقال البيت الأبيض السبت إن الرئيس دونالد ترامب فرض رسوما جمركية على شركاء الولايات المتحدة التجاريين الرئيسيين، كندا والمكسيك والصين، مع نسبة أقل على واردات الطاقة الكندية.
وستفرض واشنطن رسوما بنسبة 25 في المئة على المنتجات المستوردة من كندا والمكسيك، مع نسبة 10 في المئة على موارد الطاقة الكندية، إلى أن تعمل كلاهما مع الولايات المتحدة لمكافحة تهريب المخدرات والهجرة. وذكر البيت الأبيض أن السلع الواردة من الصين ستفرض عليها رسوم جمركية بنسبة 10 في المئة، إضافة إلى الرسوم الجمركية الحالية.
وبلغ حجم التجارة الصينية الأميركية نحو 500 مليار يورو خلال الأشهر الـ11 الأولى من عام 2024، لكن الميزان غير موات إلى حد كبير للولايات المتحدة، مع عجز يبلغ نحو 260 مليار يورو خلال هذه الفترة، وفقا لأرقام واشنطن.