ترحيل سوري من النمسا يثير مخاوف اللاجئين من موجة طرد
دمشق - رحّلت النمسا اليوم الخميس سوريا مدانا بجرائم جنائية إلى بلاده، لتصبح بذلك أول دولة في الاتحاد الأوروبي تقدم على هذه الخطوة رسميا منذ سقوط نظام بشار الأسد، فيما يثير هذا الترحيل مخاوف اللاجئيين السوريين من موجة طرد.
وتسعى النمسا جاهدة لترحيل سوريين منذ إطاحة فصائل معارضة بشار الأسد من الرئاسة في نهاية العام الماضي، بينما تخشى منظمات حقوق الإنسان من أن تشجع هذه السابقة دولًا أخرى في الاتحاد الأوروبي على اتباع نفس النهج في ظل تزايد المشاعر المناهضة للهجرة في جميع أنحاء التكتل.
وأظهرت عملية الترحيل وجود تنسيق بين السلطات النمساوية والسورية، وهو ما يثير تساؤلات حول طبيعة هذا التعاون ومستقبله.
وقال وزير الداخلية غيرهارد كارنر في بيان أرسل إلى وكالة فرانس برس إن "عملية الترحيل التي نفذت اليوم هي جزء من سياسة لجوء صارمة وبالتالي عادلة".
وأوضح أن الرجل السوري الذي لم يكشف عن اسمه أدين في جريمة، لم يحددها، في نوفمبر/تشرين الأول 2018 وحُكم عليه بالسجن سبع سنوات وجرد من وضعه كلاجئ، مضيفا أنه لا يستطيع الخوض في التفاصيل.
وأكدت وزارته أن هذه هي أول عملية ترحيل لسوري مباشرة إلى بلاده منذ نحو 15 عاما، وأن النمسا هي "أول دولة أوروبية تقوم رسميا بترحيل مجرم سوري مباشرة إلى دمشق".
وزار كارنر سوريا مع نظيرته الألمانية نانسي فيزر في نيسان/أبريل لمناقشة عمليات الترحيل، من بين مواضيع أخرى. وتعهد الوزير المنتمي إلى حزب الشعب المحافظ الحاكم اليوم الخميس "مواصلة هذا المسار المختار بالعمل الجاد والتصميم".
والنمسا من بين دول الاتحاد الأوروبي التي علّقت جميع طلبات اللجوء للسوريين بعد إطاحة الأسد، كما أوقفت لمّ شمل العائلات. ويعيش في هذا البلد نحو 100 ألف سوري، ويشكّلون أحد أكبر الجاليات السورية في أوروبا.
وتصدّر اليمين المتطرف المناهض للهجرة في النمسا الانتخابات المحلية في سبتمبر/أيلول، لكنه لم يتمكن من إيجاد شركاء للحكم، ما أتاح للمحافظين الذين حلّوا ثانيا تشكيل حكومة جديدة.
وقال لوكاس جاليتنر-جيرتس، المحامي والمتحدث باسم منصة للمنظمات غير الحكومية النمساوية "لا توجد معلومات موثوقة عن كيفية تعامل النظام الجديد مع العائدين. في هذا الوضع المتقلب، يعد إجراء الترحيل لأسباب دعائية تصرفا غير مسؤول".
وتشير النمسا وحكومات أوروبية أخرى إلى أن سقوط نظام الأسد قد غيّر الوضع في سوريا، وأنها بدأت في إجراءات لإلغاء صفة اللاجئ عن بعض السوريين، ما يعكس رغبة الغرب في إعادة تقييم الوضع الأمني في سوريا بهدف استئناف عمليات الترحيل.
وتعرب منظمات حقوق الإنسان عن قلقها الشديد من ترحيل السوريين إلى بلدهم الذي لا يزال غير آمن، حيث لا تزال هناك هجمات وعمليات عنف مستمرة، بينما يظل مصير العائدين إلى سوريا غير واضح.
ويرى البعض أن عمليات الترحيل هذه قد تنتهك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تحظر التعذيب والمعاملة اللا إنسانية والمهينة، خاصة وأن الوضع في سوريا لا يزال مقلقًا للغاية.