تركيا تبحث عن جثة خاشقجي

الامارات ومصر والبحرين ترحب بقرارات الملك سلمان، بريطانيا تدرس الخطوات القادمة، وترامب يثق في الرواية السعودية.
التحقيقات مستمرة في السعودية وتركيا وأميركا
الملك يشكل لجنة وزارية لإعادة هيكلة جهاز الاستخبارات

أنقرة - قال مسؤول تركي كبير السبت إن المحققين الأتراك سيعرفون ما حدث لجثة الصحفي السعودي جمال خاشقجي خلال فترة "غير طويلة" على الأرجح.
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أنه يجري الحصول على عينات من الحمض النووي لخاشقجي من داخل تركيا، لكن مسؤولا سعوديا رفض الافصاح عن هويته قال ان القنصلية ربما سلمت الجثة لمتعهد محلي.
وكانت الرياض قالت إن خاشقجي توفي إثر شجار داخل قنصليتها في اسطنبول، وذلك بعد أن ظلت تنفي على مدى أسبوعين أي علاقة لها باختفائه. وأقالت خمسة مسؤولين.
وقال المسؤول التركي الكبير "سنتوصل إلى ما حدث للجثة خلال فترة غير طويلة". وأضاف "يجري جمع عينات الحمض النووي في داخل تركيا وهو ما يعني أن المحققين ليسوا بحاجة لطلب ذلك من السعودية في الوقت الراهن".
وكان مسؤولون قالوا الخميس أن قتلة خاشقجي ربما ألقوا رفاته في أحراش بلغراد المتاخمة لاسطنبول وفي موقع ريفي قرب مدينة يلوا التي تبعد بالسيارة عن جنوب اسطنبول مسافة 90 كيلومترا.
وقال المسؤول التركي إن المحققين ما زالوا يركزون على المنطقتين في أحراش بلغراد ومدينة يلوا ويفحصون لقطات كاميرات مراقبة قرب أحراش بلغراد. وأضاف أن المحققين يفحصون أيضا سجلات المرور لكل سيارة دخلت القنصلية السعودية وخرجت منها يوم الثاني من أكتوبر/تشرين الأول، الذي اختفى فيه خاشقجي.
وأكّدت الرياض للمرة الأولى فجر السبت، أنّ خاشقجي قُتل في قنصليتها باسطنبول اثر وقوع شجار و"اشتباك بالأيدي" مع عدد من الأشخاص داخلها.
وعلى الإثر، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن تفسيرات الرياض "جديرة بالثقة" معتبرا أنها "خطوة أولى مهمة".

18 موقوفا على ذمة القضية
18 موقوفا على ذمة القضية

وبالتزامن مع الاعلان، أمر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بإعفاء نائب رئيس الاستخبارات العامة أحمد عسيري ومسؤولين آخرين في جهاز الاستخبارات، بالإضافة إلى المستشار في الديوان الملكي برتبة وزير سعود القحطاني، من مناصبهم، فيما ذكرت الرياض أنّها أوقفت 18 سعوديا على ذمة القضية.
وقال ترامب معلقا على الإعلان السعودي "نحن لم ننته بعد من تقييمنا أو من التحقيق ولكنني أعتقد أنّها خطوة أولى مهمّة" مضيفا "نحن نجري تحقيقاً في الوقت الراهن. لدينا الكثير من الناس الذين يعملون على هذه القضية. ولدينا دول أخرى تعمل عليها. هذه مشكلة جدية للغاية".
وبعدما توعد الخميس بردّ "قاس جدًا" على الرياض إذا ثبُتت مسؤوليتها في مقتل خاشقجي، قال ترامب ردا على سؤال صحافي عن احتمال فرض عقوبات على الرياض "الوقت ما زال مبكرا جدا للحديث عن هذا الأمر" مضيفا "إذا كان سيتم فرض شكل من أشكال العقوبة أو أمر قد نقرّر القيام به، فإنا أفضّل أن لا نقوم كإجراء عقابي بإلغاء عقد بقيمة 110 مليارات دولار، ما يعني 600 ألف وظيفة"، في إشارة الى صفقة تسليح ضخمة أبرمتها الولايات المتحدة مع المملكة.
وتعرّضت الرياض لضغوط دولية إثر اختفاء الصحافي السعودي بعد دخوله قنصلية بلاده في اسطنبول في 2 تشرين الأول/اكتوبر، في قضيّة دفعت بالعديد من المسؤولين ورجال الأعمال الغربيين إلى إلغاء مشاركتهم في مؤتمر اقتصادي مهمّ في الرياض الأسبوع المقبل.
وقال مسؤولون في الأجهزة الأمنية التركية إنّ خاشقجي تعرّض للتعذيب وقتل داخل القنصلية على أيدي فريق سعودي جاء خصيصاً الى تركيا لاغتياله، بينما نفت الرياض أن تكون أصدرت أوامر بقتله.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن بيان رسمي أنّ "التحقيقات الأولية التي أجرتها النيابة العامة أظهرت قيام المشتبه به بالتوجّه إلى إسطنبول لمقابلة المواطن جمال خاشقجي وذلك لظهور مؤشّرات تدلّ على إمكانية عودته للبلاد"، من دون أن تفصح عن هوية المشتبه به.
وأضاف البيان "كشفت نتائج التحقيقات الأولية أنّ المناقشات التي تمّت مع المواطن جمال خاشقجي أثناء تواجده في قنصلية المملكة في إسطنبول من قبل المشتبه بهم لم تسر بالشكل المطلوب وتطوّرت بشكل سلبي أدّى إلى حدوث شجار واشتباك بالأيدي بين بعضهم وبين المواطن جمال خاشقجي، وتفاقم الأمر ممّا أدى إلى وفاته".
وتابع أنّ هؤلاء حاولوا "التكتّم على ما حدث والتغطية على ذلك"، مشيراً الى أنّ "التحقيقات في هذه القضية مستمرة مع الموقوفين على ذمّتها والبالغ عددهم 18 شخصاً من الجنسية السعودية".

قتلوه ثم حاولوا التكتم على ما حدث

وكانت المملكة أكّدت أن خاشقجي غادر مبنى القنصلية بعيد وقت قصير من دخوله، وسمحت لفريق تحقيق تركي بتفتيشه. كما قال ولي العهد الأمير مـحمد بن سلمان في مقابلة مع وكالة بلومبرغ "ما أعرفه هو أنه دخل وخرج بعد دقائق قليلة أو ربما ساعة. أنا لست متأكّداً".
ولم يتّضح من البيانات السعودية الرسمية التي حمّلت المسؤولية للمشتبه بهم، مصير جثة الصحافي الذي كان يقيم في الولايات المتحدة وكتب مقالات في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية انتقد فيها سياسات ولي العهد.
وإلى جانب عسيري والقحطاني، شملت الإعفاءات مساعد رئيس الاستخبارات العامة لشؤون الاستخبارات اللواء الطيار محـمد بن صالح الرميح، ومساعد رئيس الاستخبارات العامة للموارد البشرية اللواء عبدالله بن خليفة الشايع، ومدير الإدارة العامة للأمن والحماية برئاسة الاستخبارات العامة اللواء رشاد بن حامد المحمادي.
وأصدر العاهل السعودي أيضاً قراراً بتشكيل لجنة وزارية برئاسة الأمير محـمد بن سلمان، لإعادة هيكلة جهاز الاستخبارات العامة وتحديد صلاحياته.
وعسيري مقرّب من ولي العهد ويحضر اجتماعاته مع المسؤولين الزائرين للمملكة، وكان يتولّى منصب المتحدّث الرسمي باسم التحالف العسكري الذي تقوده المملكة في اليمن.
أما القحطاني فيعرف عنه هو أيضاً قربه من ولي العهد، وقد ظهر برفقته في صور مع ملوك ورؤساء نشرها على حسابه بتويتر حيث يكتب تغريدات غالباً ما تكون هجومية.
وتعهدت تركيا السبت بالكشف عن كامل تفاصيل مقتل خاشقجي، بحسب ما نقلت وكالة أنباء الأناضول عن المتحدث باسم الحزب الحاكم عمر جليك.
وقال جليك المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الاسلامي "ان تركيا ستكشف كل ما حدث. لا يشكن أحد في ذلك". وأضاف أن "كشف ملابسات الحادثة دين في أعناقنا، وسنستخدم جميع الإمكانيات في هذا الصدد، وهذا ما تجسده إرادة الرئيس (رجب طيب) اردوغان".

وأشادت الإمارات ومصر والبحرين السبت بقرارات العاهل السعودي بشأن قضية خاشقجي.
بينما أعلنت الخارجية البريطانية أنها "تدرس التقرير السعودي وخطواتنا القادمة" مؤكدة أن قتل خاشقجي "كان هذا عملا مروعا ويجب محاسبة المسؤولين عنه".
وكتبت خطيبته التركية خديجة جنكيز، في تغريدة على موقع تويتر باللغة العربية في وقت مبكر من صباح السبت "إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا على فراقك يا حبيبي جمال لمحزونون".
وتضاربت الروايات الرسمية حول قضية خاشقجي. فكتب علي الشهابي "مدير معهد الجزيرة العربية" في واشنطن المؤيد للسعودية على حسابه على موقع تويتر أن "خاشقجي قضى خنقا خلال مشادة جسدية، وليس شجارا بالأيدي".
ونشرت مجلة "نيوزوويك" الأميركية حوارا أجراه خاشقجي أكد فيه أنه لا يدعو للإطاحة بالنظام السعودي، لأن هذا "امر غير ممكن"، مؤكدا أنه يدعو فقط "لإصلاح النظام".