تركيا تتحرك على مسارين لمصالحة مع مصر والسعودية

أنقرة تكثف جهود التهدئة مع القاهرة والرياض في مسعى للخروج من عزلة دبلوماسية قاسية عاشتها طيلة السنوات الماضية بسبب نهجها العدواني وتدخلاتها العسكرية في سوريا وليبيا وانتهاكاتها في مياه المتوسط.
حذر مصري من نوايا تركيا الحسنة، بينما تطالب القاهرة بأفعال لا أقوال لاستعادة الروابط
هل تستجيب أنقرة لشروط مصر من أجل رأب الصدع في ظل خلافات عميقة حول مسائل عدة

القاهرة - أعلنت الخارجية المصرية الثلاثاء عقد أول مباحثات استكشافية في القاهرة بين وفدين مصري وتركي ضمن مسار يهدف لإعادة تطبيع العلاقات بين البلدين بعد سبع سنوات من القطيعة الدبلوماسية، فيما ذكرت الرئاسة التركية كذلك أن الرئيس رجب طيب اردوغان والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز بحثا في اتصال هاتفي هو الثاني بين الزعيمين في أقل من شهر، تعزيز العلاقات الثنائية في مؤشرات على سعي تركي محموم لمصالحات عربية وخليجية.

تبدأ الاربعاء في القاهرة محادثات مصرية تركية بين مسؤولين كبار في وزارتي الخارجية لبحث تطبيع العلاقات المتوترة بين البلدين منذ إطاحة الرئيس الاسلامي محمد مرسي في العام 2013، بحسب وزارة الخارجية المصرية.

وقالت الوزارة في بيان إن "مشاورات سياسية بين مصر وتركيا" تبدأ الاربعاء وستستمر الخميس "برئاسة نائب وزير الخارجية المصري حمدي سند لوزا ونظيره التركي سادات أونال".

وأوضحت أن هذه "المشاورات الاستكشافية ستركز على الخطوات الضرورية التي قد تؤدي الى تطبيع العلاقات بين البلدين على الصعيد الثنائي وفي السياق الاقليمي".

وفي منتصف أبريل/نيسان الماضي، أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو أنه "عقب دعوة من مصر إلى تركيا، سيذهب وفد إلى هناك في بداية أيار/مايو".

وأكد تشاوش أوغلو أن العلاقات بين أنقرة والقاهرة دخلت "مرحلة جديدة" من الانفراج بعد سنوات من التوتر.

وتقوم أنقرة منذ بضعة أشهر بحملة لاستئناف التواصل مع القاهرة، تأتي بينما واجهت خلال السنوات الأخيرة عزلة بسبب تدخلاتها العسكرية في سوريا وليبيا وانتهاكاتها في مياه شرق المتوسط.

وتعقيبا على المساعي التركية أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري الشهر الماضي ان الاتصالات بين القاهرة وأنقرة استؤنفت ولكن "الأقوال وحدها لا تكفي" لاستعادة كامل الروابط بين البلدين.

وقال الوزير الذي أوردت كلامه صحيفة 'أخبار اليوم' الرسمية "لو وجدنا أن هناك تغيراً في السياسة والمنهج والأهداف التركية لتتوافق مع السياسات المصرية ومع ما يعيد العلاقات الطبيعية لمصلحة المنطقة، من الممكن أن تكون هذه أرضية لاستعادة الأوضاع الطبيعية".

وكانت العلاقات بين البلدين تدهورت بشكل حاد منذ إقالة أول رئيس منتخب ديموقراطيا لمصر محمد مرسي الذي كان ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين ويلقى دعم تركيا، في 2013.

واختلفت القوتان الإقليميتان في السنوات الأخيرة حول العديد من القضايا خصوصا حول ليبيا حيث دعم كل منهما معسكرا.

وتسعى أنقرة إلى الخروج من عزلتها الدبلوماسية في شرق المتوسط حيث أدى اكتشاف احتياطات كبيرة من الغاز الطبيعي في السنوات الأخيرة إلى تقاسم بين الدول الواقعة على البحر شعرت تركيا بأنها استبعدت منه.

وفي إطار مساعيها لتحسين العلاقات مع مصر، طلبت أنقرة من وسائل الإعلام المصرية المعارضة العاملة ضمن أراضيها والتابعة لجماعة الإخوان المسلمين، تخفيف حدة الانتقادات للقاهرة.

وأعلن اثنان من مقدمي البرامج المصريين المعروفين بانتقاداتهما الحادة للقاهرة وقف برنامجيهما بعد ذلك.

وأصبحت اسطنبول في السنوات الأخيرة "عاصمة" وسائل الإعلام العربية المنتقدة لحكوماتها خصوصا تلك التي شهدت ثورات "الربيع العربي" مثل مصر وسوريا واليمن وليبيا.

وتشكّل العاصمة التركية موطنا لمكاتب ثلاث محطات تلفزيونية مصرية هي 'قناة الشرق' الليبرالية و'وطن' التابعة لجماعة الإخوان و'المكملين'، وهي محطة مستقلة مقربة من الحركة الإسلامية.

كما أن عددا من المعارضين المصريين المؤيدين للإخوان المسلمين وجدوا ملاذا في تركيا حيث انتقدوا علنا السلطة القائمة في القاهرة.

وفي سياق المساعي التركية لتخفيف عزلتها، أفادت الرئاسة التركية أن الرئيس التركي والعاهل السعودي، ناقشا العلاقات الثنائية خلال اتصال هاتفي اليوم الثلاثاء.

وتسعى تركيا إلى تحسين العلاقات مع السعودية بعد نشوب أزمة عقب مقتل الصحفي جمال خاشقجي في اسطنبول في 2018.

وأقر رجال أعمال سعوديون في العام الماضي مقاطعة البضائع التركية ردا على ما وصفوه بالعداء من أنقرة مما قلص قيمة التجارة بن البلدين بنسبة 98 بالمئة.

وقال إبراهيم كالين المتحدث باسم الرئيس التركي لرويترز الشهر الماضي إن اردوغان والملك سلمان أجريا "اتصالا وديا" في أبريل/نيسان وإن وزيري خارجية البلدين اتفقا على الاجتماع.