تركيا تخطط لغزو عسكري في القوقاز

أنقرة تسعى مستغلة النزاع الأذري الأرميني للاستفادة من علاقتها الوثيقة مع باكو لتنفيذ سيناريو مماثل لما حصل في ليبيا وإبرام اتفاق عسكري مع أذربيجان يمنحها فرصة لتحقيق أطماعها التوسعية في مناطق آسيا الوسطى الغنية بالمحروقات.
أرمينيا وأذربيجان ساحة توتر مرتقبة بين موسكو وأنقرة
أردوغان يتخذ تغذية الصراعات نهجا لتنفيذ مخططاته التوسعية
تركيا تضع قواتها العسكرية تحت تصرف أذربيجان تمهيدا لتدخل عسكري جديد
تركيا تستثمر في النزاعات بالمناطق الغنية بالمحروقات لتنفيس اقتصادها المتأزم

أنقرة – تخطط تركيا مؤخرا لوضع قدم لها في القوقاز مستغلة في ذلك نزاعا حادا على المنطقة بين أرمينيا وأذربيجان، في خطوة جديدة لتوسيع النفوذ في آسيا الوسطى على غرار تدخلها العسكري في سوريا وليبيا.

وعلى عادتها اتخذت تركيا التي لها طموحات توسعية لا تتوقف، من جمهورية أذربيجان الثرية بالمحروقات حليفها الأساسي في المنطقة في ظل النزاع بين باكو ويريفان على المنطقة الواقعة على الحدودية الشمالية بين البلدين.

ولدى تركيا علاقات تاريخية وثقافية قوية مع أذربيجان فضلا عن مشروعات الطاقة المشتركة.

ويبدو أن تركيا تكثف تحركاتها مؤخرا لتنفيذ سيناريو مماثل لما حدث في ليبيا تمهيدا لتوقيع اتفاق أمني مع أذربيجان يخول لها تدخلا عسكريا في النزاع الأذري الأرميني، فيما تدعم أنقرة باكو في رغبتها استعادة 'ناغورني-قره باغ'.

ويرجح أي تحرك تركي مشابه لما حصل في سوريا وليبيا احتدام المواجهات الحدودية المستمرة منذ أيام بين أذربيجان وأرمينيا، فيما تحظى الأخيرة بدعم روسي وتكن عداوة قديمة تجاه تركيا بسبب ما يعرف بقضية إبادة شعوب الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى والتي تتهم فيها السلطات الأرمينية الإمبراطورية العثمانية بارتكابها.

وتحتاج أرمينيا الآن لحليفها العسكري الروسي أكثر من أي وقت مضى لترصّد أي أخطار خارجية تركية خصوصا وأن أنقرة تعد حليفا استراتيجيا لأذربيجان.

وبينما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعداده الجمعة للوساطة بين أرمينيا وأذربيجان لخفض التوتر المتفاقم في الأيام الأخيرة بين الطرفين، قال أردوغان حرفيا "إنه لن يتردد في الوقوف ضدّ أي هجوم على أذربيجان وإن أرمينيا في موقف صعب لا يمكنها التعامل معه" في النزاع.

وفسر مراقبون تصريحات الرئيس التركي على أنها إشارة لأذربيجان لطلب التدخل العسكري التركي المباشر على غرار ما قامت به حكومة الوفاق الليبية.

وفي سياق متصل أعلن رئيس الصناعات الدفاعية إسماعيل دمير الجمعة، أن جميع الصناعات الدفاعية التركية من أنظمة حروب وخبرات وقدرات، هي دائما تحت تصرف أذربيجان.

وأوضح دمير أنه استضاف القائد العام للجيش في جمهورية نخجوان (ذاتية الحكم بأذربيجان) كرم مصطفييف ونائب وزير الدفاع وقائد القوات الجوية الأذري رامز طاهروف في أنقرة.

وأشار أنهم ناقشوا قضايا التعاون الثنائي في مجال الصناعات الدفاعية، مؤكدا أن "صناعاتنا الدفاعية بكل خبراتها وتقنياتها وقدراتها وأنظمتها الحربية الإلكترونية هي دائما تحت تصرف أذربيجان".
ولفت أنه إلى جانب إدخال أنظمة جديدة للجيش الأذري، سيتم العمل معا على تحديث النظم وأنشطة الصيانة والتدريب.

أردوغان مهوس بسيادة العالم واستعادة إرث أجداده العثمانيين
أردوغان مهوس بسيادة العالم واستعادة إرث أجداده العثمانيين

والثلاثاء أدان أردوغان بشدة الهجمات التي شنتها أرمينيا على أذربيجان، مؤكدا أن تركيا لن تتردد أبدا في التصدي للهجوم على حقوق وأراضي أذربيجان.

والأحد أعلنت وزارة دفاع أذربيجان، تسجيل اعتداء للجيش الأرميني بالمدفعية، استهدف قواتها في منطقة توفوز الحدودية. وأكدت أنها ردت بالمثل على النيران الأرمينية، وأوقعت خسائر في صفوفها وأجبرتها على التراجع.

وأسفرت الاشتباكات خلال الأيام الأخيرة عن استشهاد 12 عسكريًا أذريا، ومقتل العشرات من الجنود الأرمينيين، بحسب مصادر أذرية.
وتحتل أرمينيا منذ عام 1992، نحو 20 بالمئة من الأراضي الأذرية التي تضم إقليم 'قره باغ' (يتكون من 5 محافظات) و5 محافظات أخرى غربي البلاد، إضافة إلى أجزاء واسعة من محافظتي 'آغدام' و'فضولي'.

وتطمع تركيا في التوسع أكثر في منطقة آسيا الوسطى الغنية بالمحروقات، لا سيما وأن الحكومة التركية بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان تنتهج في السنوات الأخيرة نهجا براغماتيا لتنفيس اقتصادها المتأزم من المناطق الغنية بالنفط والغاز، مستثمرة في النزاعات الدامية التي تعيشها تلك المناطق.

ويبرز التدخل العسكري في ليبيا مدى جشع النظام التركي في محاولة نهب ثروات الليبيين باصطفافه وراء حكومة الوفاق، متحديا بذلك كل المواثيق الدولية المعاهدات التي تحذر من مغبة التدخل العسكري في ليبيا، على رغم من قانون حظر السلاح بالأراضي الليبية.

وعلى وقع تجدد الاشتباكات بين بالمناطق الحدودية الأذرية الأرمينية في الأيام الأخيرة، تزايد الحديث في وسائل الإعلام على خلاف متوقع بين تركيا وروسيا على النفوذ عن دول الاتحاد السوفييتي السابقة الناطقة بالتركية.

وتتوجس موسكو مؤخرا من تصريحات جاءت على لسان وزير العلاقات التركية مع جمهوريات رابطة الدول المستقلة الناطقة بالتركية، مفادها أن "الجمهورية التركية خليفة الإمبراطورية العثمانية العظيمة، عليها أن تنشئ تحالفًا مع أذربيجان وكازاخستان وأوزبكستان وقرغيزستان وتركمانستان، حتى لو أدى ذلك إلى مواجهة حادة مع روسيا".

وفيما تسعى تركيا لاستعادة إرثها العثماني وتِركتها المتناثرة، يرى كبير الباحثين في أكاديمية العلوم الروسية والأستاذ المساعد في الأكاديمية الدبلوماسية بوزارة الخارجية الروسية فلاديمير أفاتكوف، أن "أنقرة تريد ان تسود العالم التركي عن قناعة أن أكثر القوميين الأتراك بالجمهوريات المستقلة المجاورة (دول ما بعد الاتحاد السوفياتي)، يجب ان يتوحدوا تحت راية تركيا ويعيشون وفقا للقواعد التركية".

وتكثف أنقرة منذ سنوات أنشطتها التوسعية في تلك المناطق من خلال العلم والتعليم كجزء من الأيديولوجية التركية لنشر نفوذها.