تركيا تداري بالنفي مسؤوليتها عن جرائم حرب في سوريا

وزير الدفاع التركي ينفي نفيا قاطعا استخدام بلاده أسلحة كيماوية في الهجوم الأخير على أكراد سوريا وسط اتهامات للقوات التركية بارتكاب فظاعات ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

تركيا تتهم الأكراد بإنتاج دعاية مغرضة ضدها   
وزير الدفاع التركي يعدد 'انجازات' العدوان على سوريا
أنقرة المتهمة بالارتباط بجماعات متشددة تسوق نفسها كقوة تكافح الإرهاب

أنقرة - نفت تركيا اليوم الخميس على لسان وزير دفاعها خلوصي أكار نفيا قاطعا أن تكون قد استخدمت ذخيرة محظورة دوليا أو أسلحة كيماوية في هجومها الأخير على أكراد سوريا. ويأتي هذا النفي فيما سبق أن اتهمت منظمات حقوقية دولية وتقارير غربية القوات التركية بارتكاب جرائم في شمال شرق سوريا ترقى لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مشيرة إلى استخدامها أسلحة وغازات سامة ضد الأكراد تعتبر محظورة بموجب القوانين والاتفاقيات الدولية.

وإلى حدّ الآن لم توجه لتركيا اتهامات دولية رسمية باستخدام ذخائر كيماوية في شمال شرق سوريا، إلا أن النفي التركي يسلط الضوء على حالة من الهلع من أن تبرز دعوات تنادي بالتحقيق في جرائم محتملة من هذا القبيل.

وكان مسؤولون أميركيون قد قالوا في الفترة القليلة الماضية إن معلومات تتحدث عن دلائل تشير إلى ارتكاب القوات التركية فظاعات في الشمال السوري قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

لكن واشنطن لم تعلن رسميا ما إذا كانت تركيا قد لجأت بالفعل لاستخدام أسلحة محظورة دولية في هجومها الدموي على أكراد سوريا الذي أطلقته في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول تحت اسم 'نبع السلام' وتوقف في الثالث والعشرين من الشهر ذاته بتدخل من الولايات المتحدة.

واتهم الوزير التركي مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية التي تشكل العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، بإنتاج ما قال إنها "دعاية مغرضة" ضد بلاده "باستغلال دماء وأرواح المدنيين الأبرياء".

وقال إنهم "يتعمدون تنفيذ الهجمات من الحدائق والمستشفيات ودور العبادة من أجل إنتاج دعاية مغرضة" ضد تركيا.

وتابع أن الهدف من تلك الهجمات كان دفع الجيش التركي للرد والتسبب بسقوط قتلى بين المدنيين"لكن تركيا اكتشفت هذه المكيدة وتصرفت بحذر".

أكراد سوريا تعرضوا للقتل والتهجير خلال التدخل التركي في الشمال السوري
أكراد سوريا تعرضوا للقتل والتهجير خلال التدخل التركي في الشمال السوري

وليست هذه المرة الأولى التي تتهم فيها تركيا المسلحين الأكراد بتنفيذ هجمات من مواقع ومنشآت مدنية، إلا أن الاتهامات الأخيرة تأتي فيما تواجه أنقرة اتهامات غربية بالتسبب في قتل عشرات المدنيين في هجومها على شمال شرق سوريا.

ويبدو أن تركيز الوزير التركي على تحميل المسلحين الأكراد المسؤولية عن مقتل مدنيين، محاولة للتملص من المسؤولية وللتغطية على ما قالت مصادر غربية إنها فظاعات ترقى لجرائم حرب ارتكبتها القوات التركية بحق الأكراد.

ونعت أكار المسلحين الأكراد بـ"الجبناء"، داعيا العالم إلى أن "يرى الوجه الحقيقي لهؤلاء الذين التقطت طائرات الجيش التركي المسيرة صورا لهم وهم يطلقون النار من داخل كنيسة".

كما وصفهم بـ"السفلة". وقال إنهم "قاموا أيضا بنشر صور ملتقطة في أماكن مختلفة حول العالم وزعموا في مواقع التواصل الاجتماعي أنها خلال عملية نبع السلام".

وأفاد بأن تركيا "لم ولن تستخدم ذخائر وأسلحة كيميائية محظورة وفق القانون الدولي والاتفاقيات"، نافيا أن يكون "الجيش التركي يمتلك وسائط ومعدات لإطلاق الأسلحة الكيميائية".

ويقول متابعون لمسار التدخل العسكري التركي في سوريا، إن أنقرة تسعى خلال هذه الفترة لتضييق الخناق إعلاميا على أكراد سوريا للتغطية على ما ينشره نشطاء أكراد على منصات التواصل الاجتماعي من فيديوهات وصور تظهر ارتكاب القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها انتهاكات جسيمة بحق مدنيين الأكراد.

وتحرص تركيا أيضا على تسويق فكرة أنها تبذل جهود كبيرة في مكافحة الإرهاب فيما تواجه اتهامات بالتقصير في مكافحة التنظيمات الإرهابية وأخرى تشير إلى أن لها صلات سرية وثيقة مع تلك التنظيمات بما فيها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

القوات التركية غير مرحب بها في شمال شرق سوريا
القوات التركية غير مرحب بها في شمال شرق سوريا

وقال أكار إن "القوات المسلحة التركية مستعدة للتضحية لمواجهة كل أنواع المخاطر والتهديدات الموجهة ضد تركيا وضمان أمنها وسلامة شعبها من تهديدات التنظيمات الإرهابية مثل داعش"، مضيفا "كفاحهم سيتواصل ضد الإرهاب داخل البلاد وعبر الحدود دون توقف حتى تحييد آخر إرهابي".

ولم يركز وزير الدفاع التركي كثيرا على اتهام بلاده باستخدام أسلحة وذخائر محظورة ضد الأكراد، في محاولة لعدم إعطاء النفي الرسمي صبغة تأكيد وجود انتهاكات للمواثيق والاتفاقيات الدولية التي تحضر استخدام أسلحة كيماوية.

وأسهب في تعداد الانجازات العسكرية لقوات بلاده في سوريا قائلا إن "قوات عملية نبع السلام سيطرت على 600 منطقة سكنية في مساحة 4300 كيلومتر مربع وأسست نقاط تفتيش على الطريق السريع إم-4".

وأضاف أنه جرى تحييد نحو 1200 ممن وصفهم بـ"الإرهابيين" في إطار العملية المذكورة، في إشارة إلى مسلحي التنظيمات الكردية في سوريا الذين تصنفهم أنقرة تنظيمات "إرهابية" وتعتبرهم امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يقود منذ عقود تمردا مسلحا على الدولة التركية.

وأشار أيضا إلى أن قوات بلاده تمكنت من تحييد 158 ممن وصفهم بـ"إرهابيي" تنظيم 'بي كا كا' في إطار عمليات "المخلب" بشمالي العراق.

وكان أكار يشير إلى عمليات القصف التركية التي تنفذها تركيا على المتمردين الأكراد في جبال سنجار العراقية.

وبخصوص الصناعات الدفاعية لبلاده، قال إن القوات المسلحة التركية ستبدأ في استخدام منظومة الصواريخ "حصار" للدفاع الجوي إعتبارا من العام المقبل، مشيرا إلى أن هذه منظومة ستكون فعالة ضد الطائرات والمروحيات والصواريخ والطائرات بدون طيار وصواريخ جو أرض.

وقال إن تركيا تتابع بشكل فعال الوضع في منطقة 'تل رفعت' وتواصل المباحثات مع روسيا للتوصل إلى اتفاق من أجل تكثيف الدوريات في المنطقة، مشددا على حزم بلاده في ما يتعلق بالقضاء على ما وصفه بـ"التهديد الإرهابي الخطير شرق نهر الفرات بسوريا".

وأكّد أن أولوية تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) منذ نحو 70 عاما، كانت "القضاء على هذا التهديد بالتحرك مع حلفائها، لكن لم يتم التوصل إلى الاتفاق النهائي وتُركت وحيدة في مكافحة الإرهاب".

وفي تبرير للهجوم التركي الأخير على الأكراد في شمال شرق سوريا، قال "إن تركيا نفذت هذه الخطوة بنفسها بناء على تعليمات الرئيس رجب طيب أردوغان" وضمن ما اعتبره "حق الدفاع المشروع عن النفس".