تركيا تستغل حادثة اقتحام مسجد في ألمانيا للترويج لسياساتها

دعم الحكومة التركية للتنظيمات الإسلامية على غرار جماعة الإخوان في ألمانيا وأوروبا تدفع ثمنه الجاليات المسلمة مع تصاعد مشاعر الاسلاموفوبيا والكراهية ضدهم.
عملية الاقتحام تاتي بعد شبهات احتيال للحصول على دعم تقدّمه الدولة للشركات خلال أزمة كورونا
اردوغان يستغل الحادثة سياسيا لاستقطاب الجاليات التركية في الخارج وكسب اصواتهم الانتخابية

أنقرة - تسعى الحكومة التركية لاستغلال حادثة اقتحام الشرطة الألمانيّة الأربعاء "مسجد مولانا" ومنشآت عدّة في حيّ كروزبيرغ في مدينة برلين، الذي تقطنه أغلبية تتحدّر من مهاجرين أتراك وذلك لدغدغة مشاعر الجالية التركية والجاليات المسلمة والترويج لسياسات أنقرة.
وأدان الرئيس التركي رجب طيّب إردوغان الجمعة تفتيش الشرطة الألمانيّة المسجد واقتحامه من قبل 150 عنصر امني، معتبراً أنّ العمليّة تنمّ عن "إسلاموفوبيا".
وقال إردوغان على تويتر "أدين بشدّة عمليّة الشرطة التي تتجاهل الحرّية الدينيّة بالكامل، وتنمّ عن إسلاموفوبيا وعنصريّة تعيد أوروبا إلى ظلمات العصور الوسطى".
وجاءت العمليّة التي نفذتها الشرطة الالمانية على خلفيّة شبهات احتيال للحصول على دعم تقدّمه الدولة للشركات لمساعدتها خلال أزمة وباء كوفيد-19.
وفي إطار التحقيق، اشتُبه في تقديم ثلاثة أشخاص طلباً غير مبرّر للحصول على مساعدة عاجلة لتعويض خسائر تصل إلى 70 ألف يورو حيث أفاد المحقّقون بأنّه جرى تفتيش المسجد في كروزبيرغ بعد رصد تحويل مالي إلى حسابه المصرفي.
ورغم ان القضية متعلقة بالتحيل واستغلال موارد الدولة الألمانية بطريقة غير شرعية لفائدة تنظيمات ومجموعات إسلامية تدير المسجد ويبدو ان لها علاقة بأنقرة لكن الساسة الأتراك يحاولون ربطها بمعاداة الإسلام خاصة وانها تأتي تزامنا مع الجدل القائم حول عملية ذبح مدرس فرنسي نشر صورا مهينة للرسول محمد امام تلاميذه أعقبتها هجمات استهدفت الجاليات المسلمة والمساجد.
وتواصلت ردود افعال الساسة الاتراك لاستغلال الحادث واستغلال مشاعر الجاليات المسلمة في رفض مداهمة مسجد دون احترام لقدسيته.
وأدان كل من وزير العدل التركي عبد الحميد غل، ومتحدث حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، عمر جليك، مداهمة الشرطة الألمانية مسجدا بالأحذية في برلين.
وعبر تغريدة في تويتر قال غل، إن سلوك الشرطة الألمانية بعيد عن المنطق والقانون.

اردوغان يستغل مشاعر المسلمين لاهدافه السياسية
اردوغان يستغل مشاعر المسلمين لاهدافه السياسية

وأعرب عن دهشته من تغلغل مرض العنصرية ومعاداة الإسلام إلى المؤسسات في أوروبا.
بدوره أدان جليك الحادثة وقال في تغريدة عبر توتير، إن مداهمة المسجد، والتجول داخله بالأحذية ينتهك حقوق الإنسان.
وأكد متحدث الحزب على ضرورة احترام أماكن العبادة، مطالبا السلطات الألمانية بالتحلي بالمسؤولية، والوقوف بوجه انتشار الفكر اليمني المتطرف في ألمانيا.
بدورها نددت الخارجية التركية بعملية الاقتحام في بيان قائلة "ندين بشدة اقتحام الشرطة لمسجد مولانا، وبهذا الفعل القبيح، تم تجاهل الحساسية التي يجب إظهارها تجاه قدسية أماكن العبادة".
وشدد بيان الخارجية أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال تبرير تجول عناصر الشرطة في المسجد بأحذيتهم وتلويثه بذريعة المداهمة.
وأوضح أن وقوع هذا العمل الشنيع في عاصمة بلد يحاول إلقاء محاضرات عن حرية التعبير والمعتقد، "يدعو للتفكير".
وأكد أن الاقتحام عمل لا يمكن إيجاد تفسير له، ولا يستهدف المصلين داخل المسجد فحسب؛ وإنما سائر الجالية المسلمة في ألمانيا.
ولفت إلى أن الاقتحام يشكل أيضا مثالا جديدا على المعاملة المتحيزة والتمييزية وغير المتناسبة التي تتعرض لها الجالية المسلمة في ألمانيا، والتي يقترب عدد أبنائها من 5 ملايين نسمة.
وأضاف أنه على السلطات الألمانية أن تدرك أن المسلمين جزء لا يتجزأ من ألمانيا، دون تعريضهم لمزيد من الإقصاء والتهميش.
لكن هذا الخطاب هو محاولة من قبل الحكومة التركية للتغطية على أزماتها الداخلية خاصة الوضع الاقتصادي المتدهور ومحاولة لكسب اصوات الجالية التركية في ألمانيا وأوروبا بدغدغة مشاعرهم الدينية.
و الوقائع في أوروبا تشير الى دور الحكومة التركية في نشر التطرف بين ابناء الجالية التركية والمسلمة ككل وذلك بدعم جماعة الإخوان والتنظيمات الموالية لها في اوروبا وهو ما ترفضه تلك الجاليات المكتوية بنار الاسلاموفوبيا من جهة ومن محاولات تطويعهم خدمة لتنظيمات معينة.

تنظيمات الاخوان تستغل الحريات الدينية في المانيا واوروبا لدعم نفوذها بين الجاليات المسلمة
تنظيمات الاخوان تستغل الحريات الدينية في المانيا واوروبا لدعم نفوذها بين الجاليات المسلمة

وفي يونيو/حزيران الماضي سلط تقرير ألماني الضوء على أنشطة مشبوهة لخلايا سرية قال إنها لإسلاميين تعمل على تخريب الديمقراطية وتفكيك النسيج الاجتماعي، مشيرا إلى أنهم عناصرها تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في عدد من الدول العربية والخليجية والتي تتلقى تمويلات تركية وقطرية.
واستفاد الإخوان وجماعات متشددة تتبنى الفكر التكفيري في دول أوروبية مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا من القوانين التي تقوم على حماية الحريات بما في ذلك حرّية المعتقد، لبناء شبكة واسعة ومعقدة بعضها متورط في تجنيد وتسفير متشددين للقتال في بؤر التوتر مثل سوريا والعراق.
ولم تعد مثل تلك الأنشطة خافية على الحكومات الغربية وقد عملت على كبح دعايتها عبر منصات التواصل الاجتماعي والمنتديات التي تروج للتطرف، إلا أن تلك الإجراءات لم تكن كافية ولم توقف تلك الأنشطة بسبب ثغرات قانونية.
والإسلاميون عموما يساريون في الخارج يمينيون متطرفون في بلدانهم بالنظر لبيئة الحرية في الغرب وما توفره من امتيازات مالية واجتماعية، وهي من المعضلات التي تواجهها حكومات بدأت بمراجعة قانون مكافحة الإرهاب لديها.
وحذّر الخبراء من أن تنظيم الإخوان المسلمين "يحاول التسلل إلى المجتمعات الغربية وإنشاء دول إسلامية"، معتبرين أن أنشطته قد تكون أخطر بكثير من تلك التي يمارسها عناصر تنظيم داعش الإرهابي، فأتباع الإخوان أو خلاياهم السرية باتوا "يتدخلون في الحياة العامة تحت ستار الديمقراطية".
وتستغل تركيا التنظيمات الإسلامية سواء في أوروبا او حتى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتحقيق أطماعها ومصالحها بحجة الدفاع عن الإسلام وقيمه.