تركيا تصدر الإرهاب من سوريا إلى ليبيا لإنقاذ الإخوان

الجماعات المسلحة التي افتتحت مكاتب لتجنيد مرتزقة من صفوفها للقتال إلى جانب ميليشيات الإخوان في طرابلس، جماعات متطرفة يراهن عليها الرئيس التركي لإنعاش المشروع الاخواني في الساحة الليبية.

هجرة عكسية للإرهاب والتطرف إلى ليبيا بترتيب تركي
طرابلس كانت نقطة لاستقطاب وتجنيد وتسفير الإرهابيين إلى سوريا والعراق
تركيا نقطة تجمع وعبور الإرهابيين من ليبيا إلى سوريا ومن سوريا إلى طرابلس

تونس - في السنوات الماضية حين ظهر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا تحولت طرابلس التي كانت تحت سيطرة سلطة مدعومة من جماعة الإخوان وجماعات متطرفة أخرى إلى قاعدة خلفية لاستقطاب المتشددين دينيا وتجنيدهم ومنها بدأت عمليات تسفير هؤلاء وعددهم بالآلاف إلى بؤر التوتر وكانت تركيا مركز العبور الأساسي للساحتين السورية والعراقية على مرأى ومسمع من السلطات التركية وبتسهيل منها.

لكن المشهد اختلف اليوم مع إعلان تركيا عزمها إرسال قوات إلى طرابلس لدعم حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج في مواجهة العملية العسكرية التي ينفذها الجيش الوطني الليبي لتطهير طرابلس من الإرهاب والجماعات المتطرفة الموالية لها.

والوضع بتجلياته الراهنة يشير إلى حركة هجرة عكسية للإرهاب بترتيب تركي لإنقاذ مشروع الإخوان في الغرب الليبي وبدفع من أعلى هرم السلطة في تركيا التي اندفعت بشدة إلى الساحة الليبية لإعادة إنعاش حركات التطرف الديني على أمل إعادة الحياة للمشروع الإخواني بعد فشله في المنطقة العربية وتعثره في سوريا على وقع الانتصارات الميدانية لقوات النظام المدعومة من روسيا وإيران.

أنباء عن وصول دفعات من مسلحين سوريين متشددين موالين لتركيا إلى طرابلس في رحلات جوية نظمتها حكومة الوفاق والسلطات التركية

وكان لافتا في خضم الترتيبات التركية للتدخل عسكريا في ليبيا، أن جماعات مسلحة موالية لأنقرة بدأت في نفس التوقيت في تجنيد مرتزقة منها للقتال إلى جانب ميليشيات الإخوان في ليبيا، ما يشير إلى أن هذا الحدث في توقيته كان بتدبير مسبق من أنقرة التي لوحت قبل فترة بإرسال قوات إلى العاصمة الليبية.

ولا توجد منافذ أخرى لهؤلاء المرتزقة للسفر إلى طرابلس إلا عبر تركيا التي أبدت استعدادها لتوفير كل التسهيلات اللوجستية والإجرائية لهجرة عكسية لمسلحين متشددين دينيا قاتلوا إلى جانب قواتها في المعارك التي خاضتها في شمال شرق سوريا ضد الوحدات الكردية، فيما ترددت أنباء عن وصول دفعات من هؤلاء المرتزقة بالفعل إلى العاصمة الليبية قادمين في رحلات جوية من اسطنبول.

ومن المتوقع أن ترسل تركيا في مطلع العام 2020 قوات إلى العاصمة الليبية لدعم حكومة السراج، إلا أن افتتاح مكاتب في شمال شرق سوريا لتجنيد مرتزقة من الفصائل المتشددة الموالية لها، يشير بكل وضوح إلى أن أنقرة ستدفع بهؤلاء إلى جبهة القتال الأمامية في مواجهة الجيش الوطني الليبي على غرار ما فعلته في عملياتها العسكرية ضد الوحدات الكردية السورية.

وفي عملياتها في شمال شرق سوريا، قتل عدد من الجنود الأتراك لكن معظم القتلى الآخرين كانوا من مسلحي الميليشيات المتشددة الموالية لها.

والأرجح أن أردوغان خطط بالفعل لاستنساخ هذا السيناريو في ليبيا تجنبا لسقوط قتلى من جيشه في أي مواجهات مع القوات الليبية المسلحة التي يقودها المشير خليفة حفتر وتجنبا أيضا لكل الضغوط المحلية في الداخل التركي.

وقدمت تركيا سرّا ثم علانية دعما عسكريا لميليشيات حكومة الوفاق التي تعتبرها قيادة الجيش الوطني الليبي واجهة سياسية لجماعة الاخوان، من طائرات مسيرة وعربات مصفحة وذخيرة وأسلحة.

اخوان ليبيا يراهنون على الدعم التركي تسليحا وتجنيدا مع تضييق الجيش الليبي الخناق عليهم
اخوان ليبيا يراهنون على الدعم التركي تسليحا وتجنيدا مع تضييق الجيش الليبي الخناق عليهم

وهذا الدعم العسكري قد لا يكفي لإسناد المشروع الاخواني في غرب ليبيا، إذ تحتاج جماعة الإخوان الليبية إلى دعم على الأرض وهو ما باشرت تركيا بتدبيره من خلال تجنيد مرتزقة من ميليشيات سورية متشددة موالية لها.

ووفرت تركيا دعما لوجستيا لهؤلاء حين زودت مسبقا حكومة الوفاق والميليشيات الموالية لها بطائرات مسيرة وبشحنات من الأسلحة والذخيرة وعربات مصفحة، فيما يرجح أيضا أن تدخل قطر على خط تمويل وتسليح تلك الجماعات فور نقلهم إلى الساحة الليبية. 

ومن بين هذه الميليشيات الجبهة الشامية وهي واحدة ائتلاف فصائل مسلحة تقاتل تحت لوائها كتائب نورالدين الزنكي وجيش المجاهدين والجبهة الإسلامية وكتائب 'تجمع فاستقم كما أمرت' وجبهة الأصالة والتنمية وأحرار الشام وصقور الشام وحركة حزم وعشرات الجماعات التي تتبنى فكرا متشددا لكنها أقل ثقلا من الناحية العسكرية ومن حيث عدد مسلحيها.

وإلى جانب ميليشيات الجبهة الشامية، تراهن تركيا على مسلحين من لواء المعتصم الذي سمي بهذا الاسم تيمنا بالخليفة العباسي المعتصم.

ومن الفصائل الأخرى التي افتتحت مكتبا لتجنيد مقاتلين لدعم ميليشيات الاخوان في طرابلس، كتيبة السلطان مراد التي أنشأتها الاستخبارات التركية في العام 2012 وتضم بالأساس المسلحين التركمان.

وتتلقى هذه الميليشيات دعما قويا من تركيا ماليا وعسكريا ولديها ترسانة أسلحة متطورة حصلت عليها من الجيش التركي. وشاركت في العمليات التركية في سوريا ضد المسلحين الأكراد.

وتتهم منظمات حقوقية كتائب السلطان مراد بارتكاب فظاعات وجرائم حرب خلال مشاركتها في العملية العسكرية التركية في عفرين التي انتهت باحتلال تركيا للمدينة وتهجير أهلها من الأكراد.