تركيا تضغط على الموردين لتوفير تمويلات لحروبها الخارجية

الإجراءات التي أعلنها وزير المالية التركي تهدف لانتزاع إيرادات إضافية لمعالجة خلل كبير أصاب المالية التركية بفعل المغامرات الخارجية للرئيس أردوغان
إجراءات تركية قاسية لسد الثغرات المالية
تركيا تبحث سد فجوة تمويل تدخلاتها العسكرية من جيوب المستوردين
أنقرة تفرض رسوما إضافية على مئات المنتجات المستوردة
الأزمة المالية التركية اكبر من أن ينهيها التمويل القطري

اسطنبول - اتخذت الحكومة التركية حزمة إجراءات لسد الفجوة في الموازنة وبما يسمح لها بسد الثغرات الناجمة أيضا عن التدخلات العسكرية الخارجية، في خطوة تسلط الضوء على حجم الضغوط التي يواجهها الاقتصاد المتعثر.

ونُقل عن وزير المالية التركي براءت ألبيرق قوله اليوم الأربعاء إن تركيا ستصعب استيراد السلع باستثناء المنتجات الإستراتيجية وتلك التي لا يمكن إنتاجها محليا وذلك بعد أن فرضت أنقرة رسوما جمركية إضافية على المئات من المنتجات.

وفرض رسوم على مئات المنتجات وهو أمر سيثقل حتما على المستثمرين والمستوردين الأتراك والأجانب، يأتي في سياق البحث عن تمويلات إضافية في ظل ركود اقتصادي وحالة من عدم استقرار صرف سعر الليرة التي واجهت بدورها هزّات عنيفة من 2018 إلى الأشهر الأخيرة من العام العالي.

ونقلت وكالة أنباء الأناضول الحكومية عن ألبيرق قوله "لن تكون الواردات سهلة"، مضيفا أن الأولوية ستكون للإنتاج المحلي وأن أنقرة ستطبق برامج تمويل طويلة الأجل بالليرة لقطاع الصناعة.

ويبدو تبرير هذه الإجراءات منطقيا في سياقها الظاهر، إلا أن محاولة الضغط على الواردات وبالتالي الضغط على الموردين تذهب إلى أبعد وأوسع مما هو معلن أي انتزاع إيرادات إضافية لمعالجة الخلل الذي أصاب المالية التركية بفعل المغامرات الخارجية للرئيس رجب طيب اردوغان التي أضرت بسمعة تركيا وارتدت في الوقت ذاته أزمة اقتصادية واجتماعية.

الليرة التركية شهدت موجات انهيار متتابعة بفعل تدخلات الرئيس التركي في السياسة النقدية
الليرة التركية شهدت موجات انهيار متتابعة بفعل تدخلات الرئيس التركي في السياسة النقدية

وعمق انتشار فيروس كورونا جراح الاقتصاد التركي وأربك عمليات تمويل الحرب في كل من سوريا وليبيا.

وكانت قطر تعهدت في السابق بضخ استثمارات ضخمة تحت عنوان المساعدة في إعادة الاستقرار لليرة وهي في الحقيقة عملية إسناد مالي للتحركات التركية الخارجية ومنها تمويل نقل آلاف المرتزقة من الفصائل السورية المتشددة إلى طرابلس.

لكن حتى الدعم المالي القطري على أهميته في تخفيف الضغوط على الاقتصاد التركي، فإن الأزمة المالية تبدو أكبر من أن تعالجها التعهدات المالية القطرية أو الوديعة التي ضختها حكومة الوفاق الوطني الليبية والتي يرجح أنها تقدر بنحو 4 مليارات دولار.

وأدى هبوط حاد في الصادرات في ظل جائحة فيروس كورونا إلى تجدد المخاوف بشأن المعاملات الجارية لتركيا، في حين يزيد الانخفاض في احتياطيات البنك المركزي والذي يعود لأسباب منها بيع بنوك الدولة عملات أجنبية لدعم الليرة، المخاوف حيال قدرة تركيا على خدمة الدين الخارجي.

وقال جيسون توفي كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس إن أحدث الخطوات تشير إلى أن تركيا تتجه نحو الضغط على الواردات من أجل تعويض مخاطر الدين الخارجي وكذلك تحركات نحو "قيود ناعمة على رأس المال".

وتابع "تعرقل تلك الإجراءات الاستثمار الأجنبي الذي تحتاج إليه تركيا في نهاية المطاف للمساعدة في تمويل العجز في ميزانها للمعاملات الجارية".

ووفقا لبيان في الجريدة الرسمية، فرضت أنقرة الأربعاء رسوما جمركية إضافية بما يصل إلى 30 بالمئة على واردات أكثر من 800 سلعة، بما في ذلك آلات العمل والزراعة وهي خطوة قد تقلص عجز المعاملات الجارية، لكنها تنطوي في المدى البعيد على مخاطرة قد تتجلى في خلق بيئة طاردة للاستثمارات الأجنبية وإثقال كاهل المستثمرين المحليين.

وفي الأسبوع الماضي، أعلنت أنقرة عن رسوم جمركية إضافية على العشرات من البضائع بما يصل إلى 30 بالمئة.

وزاد العجز التجاري التركي 13.4 بالمئة على أساس سنوي إلى 3.4 مليارات دولار في أبريل/نيسان، في حين هبطت الصادرات بأكثر من 40 بالمئة.

وأظهرت بيانات من البنك المركزي أن عجز المعاملات الجارية ارتفع بشكل حاد إلى ما يقرب من 5 مليارات دولار في مارس/آذار بسبب زيادة العجز التجاري وانخفاض دخل السياحة وتدفقات المحافظ.

ونُقل عن ألبيرق أيضا قوله الأربعاء، إن تركيا ستقوم بمبادلات في العملات المحلية بشكل أكثر فاعلية.

وتكشف الحلول الترقيعية للثغرات المالية التي اعتمدتها الحكومة التركية حالة من الإرباك في التعاطي مع أزمة تحاول الرئاسة التركية اختزالها في مؤامرة خارجية لاستهداف الاقتصاد التركي و ضرب الليرة.

وتجمع كل المؤشرات على أن تركيا تواجه وضعا صعبا على جميع المستويات على الرغم من البيانات الرسمية التي تحاول الحكومة التركية تسويقها لجهة تهدئة القلاقل الداخلية وحالة الخوف التي لا تفارق السوق التركية.