تركيا تعتقل رؤساء بلديات أكراد ضمن حملة القمع المستمرة

اعتقال خمسة رؤساء بلديات منتمين لحزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد ياتي فيما يواصل حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان إزاحة خصومه السياسيين ومنتقديه تحت ذرائع الانتماء لمنظمات إرهابية.

أنقرة - اعتقلت السلطات التركية الاثنين خمسة رؤساء بلديات منتمين لحزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، فيما تستمر عمليات القمع التي ينتهجها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضد المناطق ذات الأغلبية الكردية، على الرغم من الأيام العصيبة التي يعيشها العالم في مكافحة فيروس كورونا.

وفي هذا الإطار قال الزعيم المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، إن "السلطات اعتقلت خمسة من رؤساء البلدية في مناطق ذات أغلبية كردية اليوم في إطار حملة أمنية ضد الحزب".

وأضاف مدحت سنجار للصحفيين أن قوات الأمن حاصرت المباني التابعة للبلدية في إقليم باتمان في جنوب شرق البلاد وكذلك في عدة مناطق في إقليم ديار بكر صباح الاثنين، مؤكدا "خمسة من رؤساء البلديات المشاركين في أربع بلديات اعتقلوا".

ويتهم أردوغان وحكومته الحزب بأن له صلات بحزب العمال الكردستاني المحظور مما أدى لملاحقات قانونية لآلاف من أعضائه وبعض قادته. وينفي حزب الشعوب الديمقراطي وجود مثل تلك الصلة.

وكثير ما يتذرع الرئيس التركي بتهم الانتماء لحزب العمال الكردستاني المحظور لتبرير ممارساته القمعية ضد أكراد تركيا، حيث اعتقلت السلطات التركية العشرات بينهم رؤساء بلديات وقيادات سياسية بارزة في صفوف حزب الشعوب الديمقراطي.

ويعين الحزب رجلا وامرأة للتشارك في منصب رئاسة البلدية من باب المساواة بين الجنسين، لكن الحكومة المركزية لا تعترف إلا بأحدهما رسميا في المنصب.

وتابع سنجار إن "الإجراءات التي نفذتها السلطات صباح الاثنين مماثلة لتلك التي اتخذتها أنقرة عندما عينت أوصياء من جهتها في بلديات أخرى مشيرا إلى أن الحزب لم يتلق إخطارا رسميا من الحكومة المركزية بالإجراءات.

وتابع قائلا "نرفض ونمقت تلك المحاولات الوضيعة التي لا تتردد في إظهار العداء للأكراد حتى في تلك الأيام العصيبة التي يحارب فيها العالم وباء"، فيما لم تعلق وزارة الداخلية التركية على طلبات الاستفسار بشأن حملة الاعتقال.

نرفض ونمقت تلك المحاولات الوضيعة التي لا تتردد في إظهار العداء للأكراد حتى في تلك الأيام العصيبة التي يحارب فيها العالم وباء

وتأتي هذه الاعتقالات بينما يستمر حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس التركي في عمليات القمع لبسط نفوذه في تركيا من خلال محاولة الهيمنة على أكبر عدد ممكن من البلديات، في إطار حملة توسعية للحزب الحاكم، مستغلا عزل رؤساء بلديات وعمد مؤيدين للأكراد، فيما تتركز حملات  العزل على استهداف المكون الكردي وذلك عبر تجريد ممثليه من أي منصب سياسي.

وكانت أنقرة قد عزلت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أربعة رؤساء بلديات من ذات الحزب الموالي للأكراد تحت ذريعة انتمائهم إلى تنظيم إرهابي، وعيّنت محلهم آخرين يحظون بثقتها.

وتتهم انقرة حزب الشعوب الديمقراطي ثالث أكبر أحزاب البلاد، بالارتباط بحزب العمال الكردستاني، الذي يشنّ تمرّداً انفصالياً مسلّحاً ضد أنقرة منذ 1984.

وبين الحين والآخر يتعرض الحزب المعارض لحملة قمع شديدة خصوصا أنّه الحزب الوحيد في البرلمان الذي انتقد العملية العسكرية التركية في شمال سوريا والتي اعتبرها "غزوا".

وتشن تركيا منذ أواخر العام الماضي عملية عسكرية في منطقة شرق الفرات شمال سوريا، ما أثار قلق المجتمع الدولي من تفاقم الوضع الإنساني الكارثي في البلد الذي يشهد حرب دامية بين قوات النظام والمعارضة السورية منذ العام 2011، ما أسفر عن مقتل مئات آلاف المدنيين ونزوح الملايين.

ومنذ مارس/آذار الماضي عزلت تركيا بشكل غير قانوني عشرات العمد ورؤساء البلديات من مناصبهم، فيما وصف الحزب المعارض ذلك بعملية انقلاب صارخة يقوم بها حزب العدالة والتنمية بأوامر من أردوغان.

ويتورط أردوغان منذ توليه السلطة في حملة ممنهجة لتصفية خصومه السياسيين بحجة دعمهم المنظمات الإرهابية وهي التهمة التي يتذرع بها في إقالة المسؤولين المحليين من معارضيه.

كما وظّف في السابق محاولة الانقلاب الفاشل في صيف 2016 للقيام بحملة تطهير واسعة شملت اعتقال وتسريح آلاف الموظفين والعسكريين والأمنيين والإعلاميين.

وأنهكت السياسة القمعية التي يعتمدها الرئيس التركي شرائح متنوعة من المجتمع التركي شملت صحفيين إلى جانب السياسيين من المعارضة.

ولم يستثني القمع بحسب اتهامات موجهة لأردوغان، الفنانون والمثقفون في تركيا، حيث يقع تشديد القبضة الأمنية على كل من يخالف الرئيس التركي.

فقد أصدرت محكمة في اسطنبول في سبتمبر/أيلول الماضي حكما يدين مغنية كردية بتهم إرهابية تتعلق أساسا بإهانة الرئيس أردوغان.

وتراجعت شعبية الرئيس التركي على وقع انكماش اقتصادي وبطالة متزايدة، ما تسبب في خسارة للانتخابات البلدية في مارس/آذار الماضي في أبرز معاقل حزبه في أنقرة واسطنبول.

ويبدو أن أردوغان يسعى لترميم حزبه بعد نكسة الانتخابات البلدية، بانتهاج حملة قمعية على نطاق واسع تستهدف كل المعارضين له تحت ذريعة "الانتماء لمنظمات إرهابية".