تركيا تقابل مبادرة يونانية إيجابية بالتصعيد في ملف التنقيب

أثينا تعلن مشاركتها في جولة جديدة من المحادثات بحسن نية تطلعا لإرساء أرضية مشتركة لحل النزاع في شرق المتوسط، فيما ردت أنقرة بعدم التنازل عن طموحاتها في منطقة تعتبر محل خلاف عميق بين الطرفين.
الناتو يبدي مخاوف جدية بشأن سلوك تركيا في المتوسط وشرائها صواريخ اس-400 ووضع حقوق الإنسان فيها

أثينا - بينما عبرت أثينا الثلاثاء عن أملها في التوصل إلى "أرضية مشتركة" مع تركيا "لحل خلافاتهما" ردت أنقرة في خطوة تصعيدية بأنه "لا مجال لتقديم تنازلات" مؤكدة تصميمها على استكمال أنشطتها في مياه شرق المتوسط.

وأعلن وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس في ختام الجولة الثانية من المفاوضات بين الجارتين المختلفتين حول ترسيم المياه في شرق المتوسط، إن "اليونان تشارك في هذه المحادثات بحسن نية"، مع اختتام المحادثات التي ستجري جولتها المقبلة في اسطنبول قريبا بحسب التلفزيون اليوناني العام.

وأضاف ديندياس أمام الصحافيين "نأمل في أن تؤدي (هذه الاتصالات) إلى إيجاد أرضية مشتركة لحل خلافنا الوحيد مع تركيا وهو المتعلق بترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري في بحر ايجه في شرق المتوسط على أساس القانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة حول قانون البحار".

لكن في أنقرة رد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أن "تصميم تركيا في شرق المتوسط يبقى قائما". وقال خلال مؤتمر صحافي "من غير الوارد بالنسبة إلينا تقديم تنازلات".

وبدأت اليونان وتركيا جولة أخرى من المحادثات الاستكشافية في أثينا الثلاثاء سعيا للتوصل لرؤية مشتركة في نزاع طويل الأمد على الحدود البحرية قبل قمة للاتحاد الأوروبي في وقت لاحق من الشهر الجاري.

والمناقشات بين دبلوماسيين يونانيين وأتراك التي بدأت ظهرا في أحد فنادق أثينا، جرت في أجواء متوترة غداة تحذير وجهته أنقرة لليونان والاتحاد الأوروبي وإسرائيل.

ففي مذكرة دبلوماسية الاثنين حذرت تركيا من أنه يجب الحصول على موافقتها قبل الشروع في أية أعمال في الجرف القاري الذي تؤكد أنقرة أحقيتها به في شرق المتوسط، على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي.

وتختلف الجارتان العضوان في حلف شمال الأطلسي بشأن قضايا مثل تعارض المطالب بينهما بشأن الجرف القاري لكل منهما والحقوق البحرية والمجال الجوي في البحر المتوسط والطاقة وقبرص المقسمة على أساس عرقي ووضع بعض الجزر في بحر إيجه.

وفيما يبرز التوترات احتجت تركيا هذا الأسبوع على اتفاق بين اليونان وإسرائيل وقبرص حول كابل تحت سطح البحر لربط شبكات الكهرباء في الدول الثلاث. وتقول وكالة الأناضول التركية للأنباء التي تديرها الدولة إن أنقرة تعتقد أن المسار المزمع للكابل يمر بالجرف القاري التركي.

اردوغان: تصميم تركيا في شرق المتوسط يبقى قائما
اردوغان: تصميم تركيا في شرق المتوسط يبقى قائما

تهدف المحادثات الاستكشافية لإرساء أساس لمفاوضات رسمية، لكن البلدين لم يحرزا تقدما يذكر خلال أكثر من 60 جولة للمحادثات منذ 2002 وفشلا حتى في الاتفاق بشأن القضايا المطروحة للنقاش.

وقال وزير الخارجية اليوناني إنه مستعد للاجتماع مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو لكن أي اجتماع "لا بد أن يُعقد في أجواء ملائمة".

وبعد توقف خمسة أعوام، اجتمع مسؤولون في يناير/كانون الثاني في أعقاب شهور من التوتر في البحر المتوسط. وقالت مصادر دبلوماسية إن جولة جديدة من المحادثات بدأت في فندق بوسط أثينا اليوم الثلاثاء، لكن لم تُذكر أي تفاصيل بشأن مضمونها.

وقالت اليونان إنها ستكتفي بمناقشة ترسيم المناطق الاقتصادية الخالصة والجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، وليس قضايا "السيادة الوطنية".

لكن تركيا، التي تأمل في تحسين علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي الذي يدعم اليونان العضو به والذي هدد بفرض عقوبات على أنقرة، قالت إنها تريد طرح كافة القضايا بما في ذلك المجال الجوي وجزر بحر إيجه على الطاولة.

ومن المقرر أن تنتهي المحادثات بمشاورات سياسية بين سفيري البلدين غدا الأربعاء. ومن المنتظر أن يناقش القادة الأوروبيون قضية شرق المتوسط في اجتماع يومي 25 و26 مارس/آذار الجاري.

وتقول اليونان التي توصلت في السنوات الماضية إلى اتفاقين بحريين مع مصر وإيطاليا، إن الدولتين يجب أن تحيلا النزاع بينهما إلى محكمة العدل الدولية إذا فشلتا في التوصل إلى اتفاق.

وتصاعدت الأزمة بين أثينا وأنقرة بعدما نشرت تركيا في أغسطس/آب السفينة "عروج ريس" للمسح الجيولوجي والتنقيب في مناطق متنازع عليها تعتبر غنية بالمحروقات ولاسيما قرب جزيرة كاستلوريزو اليونانية الواقعة قرب الساحل التركي.

خلال جولة المحادثات الأولى في اسطنبول في 25 يناير/كانون الثاني، لم يتفق الطرفان على لائحة المسائل الواجب التطرق إليها. ولا ترغب أثينا في أن تبحث غير مسألة ترسيم المياه في بحر ايجه لكن تركيا تصر أيضا على بحث مسالة تحديد المجال الجوي بين الدولتين.

والاثنين أقر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ بأن لديه "مخاوف جدية" بشأن سلوكيات تركيا، لكنه أكد أن التحالف يمثل منصة مهمة لحلّ النزاعات المتعلقة بأنقرة.

وقال ستولتنبرغ أمام نواب البرلمان الأوروبي "أعربت عن مخاوفي الجدية وكلنا ندرك أن ثمة خلافات جدية وبعض القضايا التي تراوح بين شرق المتوسط والقرار التركي بشراء منظمة صواريخ اس-400 أو المرتبطة بالحقوق الديمقراطية في تركيا".