تركيا تلعب على وتر الطائفية للتنصل من تدخلها في الشأن اللبناني

لبنانيون يتهمون تركيا بإثارة الاحتجاجات واستغلال الأزمة الاقتصادية للتدخل في بلادهم من خلال تقديم "مساعدات اجتماعية" لبعض المجموعات خصوصا في مدينة طرابلس الواقعة شمالا وهي ثاني أكبر مدن لبنان بعد بيروت وذات أغلبية سنية.
وزارة الخارجية التركية تنفي تدخلها في الشؤون اللبنانية وتصفها بالخبيثة
وكالة الأنباء التركية تحول الاتهامات ضد أنقرة لصراع طائفي في لبنان
"تيكا" تستحدث مكاتب لها في مدن لبنانية أغلب سكانها من أصول تركمانية

أنقرة/بيروت - أنكرت تركيا اليوم الأربعاء تدخلها سياسيا في شؤون لبنان مستغلة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها بعد أن اتهم نشطاء وسياسيون لبنانيون ووسائل إعلام حكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامي بتأجيج الأوضاع في الشمال اللبناني الذي يشهد احتجاجات منذ أشهر في سعي متواصل لزيادة نفوذ أنقرة في تلك المنطقة.

ونقلت وكالة الأناضول التركية الرسمية عن حامي آقصوي، متحدث وزارة الخارجية، القول في بيان اليوم الأربعاء إن تلك المزاعم "عارية تماما عن الصحة".

وتابع المسؤول التركي قائلا "ليس من الممكن أخذ هذه التصريحات الخبيثة على محمل الجد".

وأشار آقصوي إلى أن "تركيا تولي أهمية كبيرة لوحدة لبنان واستقراره وازدهاره".

ويتهم لبنانيون تركيا بإثارة الاحتجاجات واستغلال الأزمة الاقتصادية للتدخل في بلادهم من خلال تقديم "مساعدات اجتماعية" لبعض المجموعات خصوصا في مدينة طرابلس الواقعة شمالا وهي ثاني أكبر مدن لبنان بعد بيروت وتشهد مظاهرات دورية منذ بداية الاحتجاجات غير المسبوقة التي أطاحت بالحكومة السابقة.

وشهدت الأروقة السياسية في لبنان خلال الأيام الماضية تداول معلومات تتمحور حول دخول تركيا على خط الملف اللبناني من بوّابة الأزمة الاقتصادية التي يرزح تحتها اللبنانيون، مستغلّةً الأوضاع المعيشية التي تتدهور بشكل متسارع نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار وفشل الحكومة في الاتفاق مع صندوق النقد للانطلاق في خطة الإصلاح الاقتصادية.

واتهمت بعض وسائل الإعلام اللبنانية تركيا بمحاولت الدخول إلى البلاد مستغلة الأزمة الاقتصادية الحادة من بوابة تقديم المساعدات إلى طرابلس المدينة ذات الأغلبية السنية.
وقال وزير الداخلية محمد فهمي، في حديث لصحيفة "اللواء" اللبنانية في 4 يوليو/ تموز الجاري إنه يوجد تدخل خارجي في لبنان هدفه "اللعب بالأمن".
وأضاف أن طائرة خاصة وصلت من تركيا، وعلى متنها 4 أتراك وسوريين بحوزتهم 4 ملايين دولار، أوقفوا بعدما دخلوا لبنان، على أساس أن لديهم شركة صرافة.
وتابع فهمي "لا ندري هل هذه الأموال هي للتهريب والتلاعب بالدولار؟ أم لتغذية تحركات عنفية في الشارع؟ هذا إضافة إلى التعليمات التي تصل من تركيا عبر الواتساب لبعض أطراف الحراك الشعبي".
ويعاني لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975 ـ 1990)، ما فجر منذ 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، احتجاجات شعبية غير مسبوقة ترفع مطالب اقتصادية وسياسية.
واتهم رئيس الحكومة حسان دياب، خلال جلسة للحكومة منتصف الشهر الجاري، جهات داخلية وخارجية (لم يسمها) بمحاولة العبث بالسلم الأهلي وتهديد الاستقرار الأمني.

ووصفت وكالة الأناضول تلك الاتهامات بـ"حملة افتراءات" تشنها وسائل إعلام لبنانية على تركيا لـ"شيطنتها"، زاعمة أنها مدعومة ممن أسمتهم "خصومها" وذلك في سعي لـ"تخريب البيت السني اللبناني، وتخويف المسيحيين، وحشد الشيعة خلف حزب الله.

وأرفقت الأناضول تبريراتها للتواجد التركي في لبنان في مقال مطول نشرته الأربعاء بتصريحات ذات طابع طائفي واضح لـ"كاتب ومحلل صحفي" قال فيها إن "لبنان بإمكانه أن يسير لفترة من دون تأثير الشيعة أو المسيحيين، ولكن لا يمكن أن يستمر من دون تأثير السنة، فارتباطهم عبر التاريخ بالدولة، وهم أصحاب العمق العربي والإسلامي الاستراتيجي بالمنطقة".

يس
تركيا تغري سكان طرابلس الذين يعيشون في ظروف صعبة بالمساعدات 

ولم تكن الاتهامات التي وجهها اللبنانيون ووسائل الإعلام ضد تركيا وتدخلاتها في لبنان، من مصدر أو طيف سياسي واحد بل أطلقها أيضا نشطاء لبنانيون وسياسيون مستقلون عبر مواقع التواصل الاجتماعي رافضين إلتحاق تركيا بركب المتدخلين في السياسة اللبنانية بعد أن تدخلت عسكريا في أكثر من بلد عربي من سوريا إلى العراق وصولا إلى ليبيا واليمن وغيرها من الدول ضمن المخطط التوسعي لللرئيس رجب طيب أردوغان "الحالم باستعادة الخلافة العثمانية" بمساعدة تنظيم الإخوان.

وغرد ناشط على تويتر "تركيا ستدخل لبنان عن طريق طرابلس لتقسيمها". وكتب ناشط آخر على فيسبوك "استمعت إلى مداخلة وزير الدفاع التركي خلوصي أكار عبر الانترنت في ندوة لجمعية تركية في واشنطن موضوعه كان "الاستراتيجية الدفاعية التركية". المهم أكد أكار على أن تركيا تحارب في شمال العراق من أجل الاستقرار والسلام و في سوريا من أجل الاستقرار والسلام وفي ليبيا من أجل الاستقرار والسلام. وأعتقد أنه في المستقبل القريب ستحارب تركيا في لبنان واليمن أيضاً من أجل الاستقرار والسلام. لأول مرة في التاريخ صدف دولة تحارب على كل هذه الجبهات خارج حدودها من أجل الاستقرار والسلام".

من جهتها كتبت صحيفة "الأخبار" المقربة من حزب الله على صفحتها الأولى "تتريك في الشمال، تركيا في لبنان على خطى الإخوان المسلمين: التمكين أولا".

وجاء في تقرير "الأخبار أن "الأتراك يستخدمون في لبنان آليات عمل ذكية لبسط نفوذهم على طرابلس والشمال، في أسلوب مشابه لنظرية التمكين لدى جماعة الإخوان المسلمين.

وأضافت الصحيفة اللبنانية أنه "قبل عشر سنوات، اختار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بلدة الكواشرة العكاريّة، ليبدأ زيارته اللبنانية، جنباً إلى جنب مع رئيس الحكومة آنذاك سعد الحريري. كثيرة هي التحوّلات والأحداث في العقد الأخير، لكن الثابت أن الدور التركي في لبنان يتمدّد، وبمنهجية واضحة المعالم، لا تشبه تلك التي تعتمدها دول الخليج، في صرف الأموال بعشوائية"

من جهتها قالت قناة "الميادين" إن "ملايين الدولارات تتدفق من تركيا إلى لبنان". وكشفت مصادر خاصة للقناة في حزيران/يونيو الماضي أن الأجهزة الأمنية في لبنان "فككت 4 مجموعات كانت تعد لأعمال شغب، وأوقفت عدداً من عناصر مجموعات تخريبية"، مشيرة إلى أن "لا ارتباط بين المخربين وتنظيمات إرهابية، بل هي تنفذ سياسة دخلت حديثاً إلى الساحة اللبنانية".

وطالما استخدمت الحكومة التركية دبلوماسية المساعدات الإنسانية الغذائية منها والطبية كغطاء للتدخل في الشؤون الداخلية للعديد من الدول، حيث تنشط مؤسسة المساعدات التركية "تيكا" من خلال مكاتب لها في عدد كبير من المدن منها اللبنانية وقد استحدثت مكاتب جديدة لها في طرابلس وعكار والبقاع وصيدا مستفيدة من وجود لبنانيين من أصول تركمانية فيها تمرير مخططاتها السياسية، كما تقيم علاقة مباشرة مع ما يسمى بممثلي قبائل الترك في شمال لبنان.