تركيا تنتظر نهجا مختلفا من روسيا بشأن سوريا

الرئيس التركي يقول إن حكومة دمشق تشكل خطرا على بلده، مبديا أمله في أن تغير روسيا نهجها إزاء الملف السوري.
أردوغان: الحكومة السورية تشكل خطرا على تركيا
لقاء منفرد بين بوتين وأردوغان في سوتشي محوره الملف السوري
ضغط روسي على أنقرة لفتح قنوات مع نظام الأسد
دمشق تبدأ حملة دبلوماسية لخروج القوات التركية من أراضيها

دمشق- يأمل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أن يتوصل خلال لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مدينة سوتشي في 29 سبتمبر إلى تفاهمات تحمي مصالح أنقرة في شمال غرب سوريا، حيث تدعم موسكو وأنقرة طرفي الصراع هناك.

وصرح أردوغان للصحافيين في اسطنبول الجمعة بأن لديه توقعات كبيرة من المحادثات التي من المقرر أن يجريها مع نظيره الروسي في مدينة سوتشي، مضيفا "للأسف، تحول النظام السوري إلى بؤرة تهديد في جنوب تركيا".

وأكد الرئيس التركي أنه سيناقش قرارات مهمة أثناء المفاوضات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي، لافتا أن تركيا تسعى إلى ترقية العلاقات مع روسيا إلى مستوى نوعي جديد.

وقال أردوغان "أتوقّع تضامن روسيا كدولة صديقة، وأنتظر نهجا مختلفا تجاه سوريا"، مضيفا: "علينا خوض هذا الصراع في الجنوب معا".

وقبل ذلك، تطرق أردوغان إلى ذات الموضوع خلال تصريحات للصحافيين من البيت التركي في ولاية نيويورك التي يزورها للمشاركة في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وقال إنه سيعقد لقاء ثنائيا يستحوذ على أهمية بالغة مع بوتين، مبينا: "لقائي مع بوتين سيكون ثنائيا من دون وجود شخص ثالث سنناقش عموم الأوضاع في سوريا والخطوات التي سنقدم عليها في هذا البلد والعلاقات الثنائية أيضا".

وأشار أردوغان إلى أن تركيا وروسيا دولتان محوريتان في المنطقة، مضيفا أن بوتين رجل دولة وأظهر ذلك في حل الصراع الأذري الأرميني.

وقرأ مراقبون تصريحات أردوغان على أنها ردّ على تصريحات روسية وسورية ركزت في الأيام الماضية على التدخل الأجنبي في سوريا وضرورة إنهائه. من ذلك تصريحات وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الذي قال إن سلطات بلاده تطالب تركيا بسحب قواتها من أراضي محافظات سوريا الشمالية.

وقال المقداد في حوار مع وكالة "نوفوستي" الروسية "أعتقد أن على تركيا سحب قواتها على الفور. وعلى المجتمع الدولي بدوره أن يدعم جهود سوريا لتحرير الأراضي التي احتلتها في شمال البلاد".

ووفقا لوزير الخارجية السوري فإن السبب الرئيسي للتصعيد الأخير في محافظة إدلب هو "الاحتلال التركي والدعم الذي تقدمه أنقرة للجماعات الإرهابية على الأرض".

وسبق أن وصف بوتين في محادثات غير معلنة في موسكو مع الرئيس السوري بشار الأسد استمرار وجود القوات الأجنبية غير المصرح بها من قبل النظام السوري بأنه «المشكلة الرئيسية» لسوريا.

يأتي ذلك بالتزامن مع ما تناقلته الأخبار بأن تركيا المزيد من القوات العسكرية إلى شمال غرب سوريا، تحسبا لأي تصعيد روسي سوري في إدلب و ردع أي محاولة تقدم للقوات البرية السورية على إدلب والسيطرة على الطرق المؤدية إلى الحدود التركية.

وقالت وكالة بلومبرغ الأميركية إن أنقرة أرسلت المزيد من القوات إلى شمال غرب سوريا فيما تستعد لاجتماع حاسم مع قادة روسيا وإيران الأسبوع المقبل.

ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول تركي رفيع المستوى، لم يكشف عن اسمه، أن النقطة الرئيسة على جدول أعمال المحادثات المزمع عقدها في منتجع سوتشي بين أردوغان وبوتين ستتمحور حول سوريا وبالتحديد إدلب، مشيرا إلى أن “الشروط المنصوص عليها في اتفاق إدلب لم تُنفذ بالكامل”.

وكان الطرفان الروسي والتركي قد توصلا إلى اتفاق “موسكو” في مارس 2020. نص الاتفاق على وقف إطلاق النار وإنشاء “ممر آمن”، وتسيير دوريات مشتركة على الطريق الدولي أم 4 تبدأ من بلدة الترنبة (شرق إدلب) وصولا إلى عين الحور (غرب إدلب) آخر منطقة تحت سيطرة فصائل المعارضة.

لكن هذا الاتفاق يتعرض لخروقات متواصلة، وقصف من قبل النظام السوري وروسيا.

وقال المحلل اللبناني المتخصص في الشؤون السورية نضال سابي في تصريحات لوكالة تاس الروسية إن سوريا ستستغل مشاركتها في الدورة الـ 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة لإطلاق حملة دبلوماسية لسحب القوات التركية من أراضيها.

وأوضح سابي أن "رسالة سوريا في 20 سبتمبر إلى مجلس الأمن الدولي والمتضمنة انتقادات لأعمال تركيا العدائية تشير إلى أن دمشق تشعر أنها اللحظة المناسبة لمثل هذا التحرك تجاه أنقرة".

وأشار سابي إلى أنه "بعد إنشاء منطقة خفض التصعيد في شمال غرب سوريا عام 2017، مازالت تركيا غير قادرة على نزع سلاح الجماعات المتشددة المتحصنة في محافظة إدلب"، مضيفا أن  "أردوغان على ما يبدو، ليس في عجلة من أمره للقيام بذلك ويفضل استخدام وجود القوات التركية ومجموعات المعارضة السورية العميلة في شمال حلب كورقة رابحة في لعبته الإقليمية".

ولعبت لقاءات القمة التي عُقدت بين أردوغان وبوتين خلال السنوات الأخيرة دورا حاسما في حل الملفات العالقة بين الطرفين والمتعلقة بسير الأحداث في سوريا. ومعظم هذه القمم عُقدت في روسيا، وفي مدينة سوتشي تحديدا، وخرجت باتفاقات من شأنها إنهاء توترات بين قوات النظام وفصائل المعارضة، أو بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) و”الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيا.

ويتوقع نضال سابي أنه على الرغم من حملة دمشق الدبلوماسية فإن أردوغان وحكومته "سيبذلون قصارى جهدهم للحفاظ على الوضع الراهن في سوريا، وهو ما يضمن الوجود العسكري التركي في أراضيها".

في الوقت نفسه، يعتقد أنه "بعد أن تحققت هدنة محلية أخرى بمساعدة روسيا في محافظة درعا جنوب سوريا، يأتي موضوع التسوية في إدلب واستعادة سيطرة الحكومة السورية على تلك المحافظة إلى الواجهة من جديد". ولا يستبعد أن "يوافق الرئيس أردوغان على تنازلات معينة في إطار عملية أستانا".