تركيا تُبدد آمال التسوية في ليبيا بـ'رفض' سحب قواتها ومرتزقتها

البيان الختامي لمؤتمر برلين يدعو إلى ضرورة سحب القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا وهو أمر تحفظت عليه تركيا من دون توضيحات، معطية بذلك إشارة سلبية من شأنها أن تعرقل مسار الانتقال السياسي الليبي.
نجلاء المنقوش تعبر عن أملها في انسحاب قريب للقوات الأجنبية
توصيات مؤتمر برلين مهمة لكن يبقى التنفيذ معلقا في ظل تعطيل تركي
المشاركون في مؤتمر برلين يشيدون بتحسن الوضع في ليبيا

برلين - اختتم المشاركون في مؤتمر برلين الثاني حول ليبيا اجتماعهم مساء اليوم الأربعاء بالتأكيد على أهمية انسحاب القوات الأجنبية وآلاف المرتزقة من الأراضي الليبية، وهو ما تحفظت عليه تركيا معطية إشارة سلبية لجهود إنجاح العملية السياسية.

وسحب القوات الأجنبية والمرتزقة أمر ملح لضمان نجاح العملية السياسية التي لا تزال تراوح مكانها بينما تكابد حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت حديثا، لانجاز مهمتها وأساسها توحيد مؤسسات الدولة والتحضير لانتخابات عامة رئاسية وتشريعية) قبل نهاية العام الحال.

وعبرت الحكومة الانتقالية الليبية الأربعاء عن أملها برحيل "المرتزقة" الأجانب قريبا وذلك في ختام مؤتمر دولي في برلين عقد بهدف إرساء الاستقرار في البلاد بعد عشر سنوات على سقوط نظام معمر القذافي.

وبعد سنة ونصف السنة من اجتماع أول من هذا النوع نظم تحت إشراف الأمم المتحدة، استضافت العاصمة الألمانية مجددا أبرز أطراف النزاع الليبي وبينهم للمرة الأولى الحكومة الانتقالية.

وأشاد المشاركون في ختام المؤتمر بالوضع في ليبيا، معتبرين أنه "تحسن كثيرا" منذ 2020، مؤكدين بحسب البيان الختامي أن "الأعمال العدائية توقفت. ووقف إطلاق النار يسري. وإغلاق المنشآت النفطية رفع".

وقالت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش في ختام اللقاء "لقد أحرزنا تقدما في ما يتعلق بالمرتزقة ونأمل في أنهم سينسحبون في الأيام المقبلة من الجانبين".

وأكد البيان الختامي أن "كل القوات الأجنبية والمرتزقة يجب أن ينسحبوا من ليبيا بدون تأخير".

لكن البيان الختامي أوضح أن تركيا، إحدى الدول المتواجدة عسكريا في ليبيا، عبرت عن "تحفظ" حول هذا موضوع سحب القوات الأجنبية والمرتزقة بدون أي توضيحات أخرى.

وتدخلت تركيا عسكريا في ليبيا دعما لميليشيات وقوات حكومة الوفاق الليبية السابقة ثم عززت وجودها العسكري بأن دفعت بعشرات آلاف المرتزقة السوريين جندتهم من ميليشات موالية لها في شمال سوريا.

وسحب القوات الأجنبية والمرتزقة المسألة مهمة جدا في العملية، لان النزاع الليبي تأجج إلى حد كبير بسبب قوى خارجية.

وكان وزير الخارجية الألماني هايكو ماس قال قبل بدء المؤتمر إن "الأطراف الذين تعهدوا خلال اجتماع برلين الأخير (المؤتمر السابق) بسحب قواتهم لم يفوا بوعدهم" في إشارة مبطنة إلى روسيا الممثلة في برلين بنائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين، وتركيا.

وينتشر مئات من العسكريين الأتراك بموجب اتفاق ثنائي مبرم مع حكومة طرابلس السابقة.

وأكد مصدر دبلوماسي أن "عدد المقاتلين لم ينخفض بشكل كبير، لكن لدينا وقف إطلاق نار مقبول بشكل عام ومحترم في كل أنحاء البلاد".

إلا أن دبلوماسيين في الأمم المتحدة أعربوا عن خشيتهم من التهديد الذي يشكله هؤلاء الرجال المدججون بالسلاح على المنطقة عند انسحابهم، فقد قُتل الرئيس التشادي إدريس ديبي إتنو في أبريل/نيسان خلال هجوم شنه متمردون تشاديون انطلقوا من ليبيا.

وفي ديسمبر/كانون الأول قدرت الأمم المتحدة بنحو 20 ألفا عدد المرتزقة والمقاتلين الأجانب في ليبيا، من روس في مجموعة فاغنر الخاصة وتشاديين وسودانيين وسوريين وغيرهم.

وتعهد المشاركون في المؤتمر أيضا الأربعاء بضمان أمن الحدود الليبية ومراقبة تحركات المجموعات المسلحة عبر الحدود. كما كرروا التعبير عن رغبتهم في احترام الحظر على الأسلحة إلى ليبيا.

والتحدي الآخر في اجتماع برلين كان إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في 24 ديسمبر/كانون الأول. وقد أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة خلال هذا المؤتمر "التزامه" بتنظيم هذه الانتخابات، بحسب البيان الختامي.

لكن ثمة شكوكا سادت قبل المؤتمر حول الإرادة الفعلية للسلطة الحالية بتنظيم هذا الاقتراع.

وقال أحمد المسماري الناطق باسم قوات المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق البلاد، "من الضروري أن تتخذ بعثة الأمم المتحدة كل الإجراءات في هذا الصدد وأن تتحمل مسؤولياتها لكي يمكن إجراء الانتخابات في الموعد المقرر".

وبعد فشل متكرر لإخراج ليبيا من الفوضى استمر عقدا، أفضى حوار ليبي رعته الأمم المتحدة في جنيف في الخامس من فبراير/شباط الماضي إلى تشكيل مجلس رئاسي وحكومة موحدة يرأسها عبد الحميد الدبيبة صادق عليها البرلمان في مارس/اذار. وأعاد ذلك الأمل المفقود باحتمال تحسن الوضع.

ويعول الاتحاد الأوروبي على السلطة كذلك لحل مشكلة المهاجرين الذين يبحرون من السواحل الليبية في زوارق غير آمنة تحمل أكثر من طاقتها في غالب الأحيان، في محاولة للوصول إلى أوروبا.

لكن الانقسامات عادت لتظهر في الأسابيع الأخيرة بين السلطة في طرابلس والمشير خليفة حفتر في شرق البلاد.

وقالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة روزماري دي كارلو إن عملية السلام "ستستغرق بعض الوقت".