تركيا تُحيط قطر بـِ 80 اتفاقية.. ماذا بعد؟

زادت استثمارات قطر المباشرة في تركيا بشكل كبير، بـ33.2 مليار دولار، بينما بلغت قيمة المشاريع التي نفذتها شركات الانشاءات التركية في البنية التحتية في قطر 22 مليار دولار أميركي، وارتفعت قيمة اتفاقية تبادل العملات إلى 15 مليار دولار.

الدوحة / أنقرة – مع وصول أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى مدينة إسطنبول التركية، مساء الخميس، في زيارة عمل يترأس خلالها والرئيس التركي رجب طيب أردوغان اجتماع الدورة الثامنة للجنة الاستراتيجية العليا القطرية التركية، يكون هذا هو اللقاء الـ 31 بين كل من تميم وأردوغان على مدى 8 سنوات فقط، وفقاً لإحصاء أوردته وكالة أنباء الأناضول، وهو رقم قياسي في تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين الدول.
وفيما يستعرض الاجتماع اليوم الجمعة العلاقات التركية القطرية بجميع جوانبها، والخطوات الممكن اتخاذها لتعميق وتطوير التعاون الثنائي، فقد فاق عدد الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين الـ 80 اتفاقية كانت المصلحة الاقتصادية فيها مُنحازة في غالبيتها العظمى، إن لم تكن فيها جميعها، إلى تركيا.
وبينما قال سفير قطر لدى أنقرة، محمد بن ناصر بن جاسم آل ثاني، إنّه من المرتقب "توقيع العديد من الاتفاقيات في مجالات وقطاعات حيوية" خلال الاجتماع الثامن للجنة الاستراتيجية العليا القطرية التركية اليوم، يتساءل مُراقبون ماذا بقي للإمارة الخليجية الصغيرة لتمنحه للحليف التركي عبر اتفاقيات جديدة تُكبّل المزيد من الاستقلالية المحلية في شؤون التجارة والاقتصاد والأمن والجيش وحتى الثقافة، وغير ذلك الكثير.
وتُعد قطر ثالث أكبر مستثمر أجنبي في تركيا حيث تصل قيمة استثماراتها هناك إلى مليارات الدولارات، وتُغرق البضائع التركية الأسواق القطرية منذ عام 2017، حينما بدأت المقاطعة العربية للدوحة، على نحو غير مسبوق.
وتطورت العلاقات القطرية التركية في العقدين المنصرمين، منذ تولي حزب العدالة والتنمية إدارة البلاد في شتى المجالات الاقتصادية والتجارية والسياسية والعسكرية والثقافية والسياحية، وتتعرض البلاد لغزو فكري ثقافي تركي غير مسبوق.
كما يتشارك البلدان توجهات سياسية واحدة تعتمد الإسلام السياسي خياراً، وبشكل خاص دعم وتمويل تنظيم الإخوان المسلمين، وهو ما تسبب بتوتر العلاقات مع بقية الدول الخليجية والعربية.
ووقفت تركيا التي لديها قاعدة عسكرية في قطر، إلى جانب حليفتها عندما قاطعتها السعودية والإمارات ومصر في عام 2017 وقطعتا جميع العلاقات الدبلوماسية وروابط النقل معها في نزاع حول دعم الإرهاب والتقارب سرا مع إيران.
وأعادت دول الخليج العلاقات العام الماضي، وتحركت تركيا أيضا لتحسين العلاقات مع السعودية والإمارات.
وحول الشركات التجارية العاملة في البلدين تقول الإحصاءات التركية إن هناك "ما يزيد عن 700 شركة تركية تعمل في قطر في مختلف القطاعات، بجانب 200 شركة قطرية تعمل في مجموعة واسعة من القطاعات في تركيا".
وزادت استثمارات قطر المباشرة في تركيا بشكل كبير، بـ33.2 مليار دولار، بينما بلغت قيمة المشاريع التي نفذتها شركات الانشاءات التركية في البنية التحتية في قطر 22 مليار دولار أمريكي، وارتفعت قيمة اتفاقية تبادل العملات إلى 15 مليار دولار.
وتسعى أنقرة إلى تحسين تعاونها في قطاع الطاقة مع الدوحة، أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم.
وفي مجال السياحة، وصل عدد الزائرين القطريين لتركيا نحو 30 ألفا في 2016، ثم تزايد في 2019 إلى نحو 110 آلاف، بينما وصل العام الحالي إلى 140 الف سائح.
كما تكثف تركيا وقطر تعاونهما لتأمين بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، ويمثل هذا التعاون الأمني المميز أحد أوجه شمول العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
وفي هذا السياق أعلن وزير الداخلية التركي، أن أنقرة سترسل 3 آلاف شرطي إلى قطر للمشاركة في تأمين المونديال، وألمح إلى إمكانية زيادة العدد في ظل مشاورات متواصلة مع الدوحة.
وفي ديسمبر 2021، قال السفير التركي لدى الدوحة إن الرئيس رجب طيب أردوغان "أعطى أوامره بتنفيذ كل ما تطلبه قطر لضمان نجاح تنظيم كأس العالم".
ومنذ تأسيس اللجنة الاستراتيجية العليا بين قطر وتركيا عام 2014، شهدت العلاقات الثنائية تقدما كبيرا على كافة المستويات، خاصة الدفاعية والعسكرية.
ووقع الجانبان في تركيا، يوم 19 ديسمبر من العام 2014، اتفاقية "التعاون في مجالات التدريب العسكري والصناعات الدفاعية وتمركز القوات المسلحة التركية على الأراضي القطرية"، والتي اقتُرحت خلال زيارة أردوغان إلى قطر في وقت سابق من العام نفسه.
وفي يونيو/ حزيران 2017، تعززت العلاقات على المستوى العسكري بين البلدين، إذ دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ بعد تصديق البرلمان التركي عليها واعتمادها من الرئيس رجب طيب أردوغان.
وبموجب هذه الاتفاقية، استُعِين بقوات تركية على الأراضي القطرية، فضلًا عن تنفيذ البلدين تدريبات عسكرية مشتركة.
كما افتُتح المقر الجديد للقوات المشتركة التركية القطرية، في ديسمبر 2019، بحضور كبار القادة العسكريين من البلدين، وأُطلق عليها "قاعدة خالد بن الوليد".
وفي يوليو الماضي تحدثت أنباء عن تأسيس قاعدة عسكرية بحرية تركية في الدوحة، حيث احتفلت القوات البحرية الأميرية القطرية بتسلم سفن مشروع الأبرار، وذلك في مقر شركة الأناضول لصناعة السفن في مدينة (توزلا) التركية.
وتضمن مشروع الأبرار أربع سفن، أطلقت عليها القوات البحرية الأميرية أسماء (فويرط وبروق وإسحاط والعالية).
وكان السفير التركي بالدوحة، فكرت أوزر، قد صرّح أنّ تاسيس قاعدة بحرية تركية في قطر مرتبط بقرار القوات المسحلة للبلدين، وأن ذلك الأمر ورد في نص اتفاقية التعاون العسكري الموقعة بين تركيا وقطر 2014، لكنّه لم يتقرّر على الأرض بعد.
ومع توسيع تركيا قواعدها العسكرية في الخارج وتورُّطها في صراعات خارجية، فإنها تجد نفسها أكثر حاجة إلى سلاح بحرية قادر على ممارسة قوته بعيداً عن سواحلها.