تركيا تُضمّد بالاستثمارات الأجنبية جراح اقتصادها

وزير المال التركي يطلق حملة ترويجية لجذب استثمارات عالمية خلال قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، في مسعى لكسب التأييد لخطته لإنقاذ اقتصاد بلاده.

أنقرة - يخطط وزير المال التركي الجديد المدرّب في 'وول ستريت' محمد شيمشك لإطلاق حملة ترويجية لجذب استثمارات عالمية خلال قمة مجموعة العشرين المرتقبة في نيودلهي نهاية الأسبوع، في مسعى لكسب التأييد لخطته لإنقاذ اقتصاد بلاده الذي يعاني أزمات خانقة جراء السياسات الاقتصادية التي انتهجها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في ولايته السابقة وأدت إلى تراجع الليرة وارتفاع قياسي في نسبة التضخم، ما انعكس سلبا على الأوضاع المعيشية لفئات واسعة من الأتراك.

وأفاد شيمشك الصحافيين بأنه سيتوجّه بعد ذلك إلى نيويورك والقوّتين الاقتصاديتين الأوروبيتين ألمانيا وبريطانيا للقاء العشرات من كبار الرؤساء التنفيذيين، قائلا "لن نترك مستثمرا من دون فتح حوار معه".

وتلقى مسعى الوزير الذي اكتسب خبرته من شركة "ميريل لينش" لطرح إصلاحاته دفعة إلى الأمام اليوم الخميس بفضل إعلان البنك الدولي بأنه يسعى لزيادة التزاماته لتركيا من 17 مليار دولار إلى 35 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات.

ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن مدير برنامج تركيا لدى المصرف هامبرتو لوبيز قوله "نحن عازمون على مرافقة تركيا في تطبيق السياسات التي ستساعد اقتصادها على الاستقرار".

ويأتي الإعلانان بعد يوم على إصدار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أقوى تعهّد حتى الآن بدعم شيمشك ومقاربة فريقه الاقتصادي الجديد المختلفة تماما.

وسجّلت تركيا نموا كبيرا في العقد الأول لأردوغان في السلطة، لكن العقد الثاني لحكمه شهد اضطرابات سياسية رافقها نهج اقتصادي غير تقليدي أتى على المكاسب السابقة.

وبدأ المستثمرون الأجانب الانسحاب من السوق الذي كان واعدا في الماضي وباتوا يملكون اليوم أقل من واحد في المئة من سندات تركيا، مقارنة مع 20 في المئة في 2015.

"لن نترك مستثمرا من دون فتح حوار معه".

وفي 2021، انهارت الليرة التركية ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بنسبة 85 في المئة على مدى عام عندما ضغط أردوغان على المصرف المركزي لخفض معدلات الفائدة لتصبح أقل بكثير من معدلات التضخم.

وعلى إثر أزمة تكاليف المعيشة، لم تُحسم نتيجة الجولة الأولى للانتخابات في مايو/أيار وهو أمر غير مسبوق بالنسبة لأردوغان الذي فاز في الجولة الثانية بفضل تعهّده لقاعدته السياسية بالإنفاق بشكل كبير.

وينبع الجزء الأكبر من مشاكل تركيا من اقتناع أردوغان بأن معدلات الفائدة المرتفعة تؤدي إلى التضخم وهي رؤية مناقضة للنظريات الاقتصادية التقليدية، لكنه تعهّد مرارا خلال الحملة الانتخابية بأن أنقرة لن ترفع معدلات الفائدة إطلاقا في ظل حكمه.

واستعان الرئيس التركي بشيمشك وعدد آخر من الشخصيات الصديقة للأسواق لإعادة الاقتصاد إلى مساره بعد الانتخابات.

وضاعف المصرف المركزي بنحو ثلاثة أضعاف معدلات الفائدة مذاك ويتوقع بأن يرفعها أكثر في اجتماعه المقبل المقرر في 21 أيلول/سبتمبر.

وأعلن أردوغان الأربعاء عن تأييده الكامل للمقاربة الجديدة وقال في تصريحات متلفزة "سنخفض التضخم إلى ما دون العشرة وهو أمر ستدعمه السياسة النقدية المشددة".

ولطالما عارض الرئيس التركي زيادة تكاليف الاقتراض ودفع محافظي البنوك المركزية السابقين لمحاربة التضخم بأسعار فائدة منخفضة، في حين يقول خبراء الاقتصاد التقليديون إن أسعار الفائدة المرتفعة تساعد على خفض الأسعار عن طريق خفض الطلب ورفع تكلفة ممارسة الأعمال التجارية.

وأدى أردوغان في يوليو/تموز الماضي زيارات إلى السعودية والإمارات وقطر في جولة رافقه خلاله عدد من رجال الأعمال الأتراك وتوجت بتوقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية.

وقال في تصريح حينها إن "أنقرة تهدف إلى إنشاء حزام سلام واستقرار وازدهار"، لافتا إلى "أن عام 2023 سيكون عام الفرص لتعزيز علاقات تركيا مع دول المنطقة".