تركيا لا تبالي بخطر تسليح الميليشيات بل بحماية مصالحها في ليبيا

حفتر أمر قوات الجيش بضرب السفن التركية في المياه الإقليمية الليبية وكافة "الأهداف الاستراتيجية التركية" في البلاد بسبب دعمها وتسليحها للميليشيات في طرابلس.

أنقرة - أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي آكار الأحد أن أنقرة ستردّ على أي هجوم تنفّذه قوات المشير خليفة حفتر ضد مصالحها، بعد أن أمر قائد الجيش الوطني الليبي قواته باستهداف سفن ومصالح تركية في ليبيا.

وقال آكار أثناء وجوده في اليابان مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان للمشاركة في قمة مجموعة العشرين في أوساكا "سيكون هناك ثمن باهظ جداً لأي موقف عدائي أو هجوم، سنردّ بالطريقة الأكثر فعالية والأقوى".

ولم يصدر أي تعليق من الجانب التركي عن تحذيرات سبق أن وجهها الجيش الوطني الليبي لأنقرة بالكف عن تسليح الميليشيات التي تقاتل إلى جانب حكومة الوفاق لصد هجوم قوات حفتر ومنعها من السيطرة على العاصمة طرابلس.

وتتّهم قوات حفتر التي ترتب منذ قرابة ثلاثة أشهر لدخول طرابلس، تركيا بدعم ميليشيات مسلحة تسيطر عليها وتستعملها قيادات إرهابية لنشر الفوضى وتأجيج الوضع في ليبيا.

 مساء الجمعة، أمر المشير خليفة حفتر قواته بضرب السفن التركية في المياه الإقليمية الليبية وكافة "الأهداف الاستراتيجية التركية" على الأراضي الليبية من شركات ومقار ومشروعات، وذلك ردّاً على "غزو تركي غاشم" تتعرّض له ليبيا.
وتدعم تركيا الحكومة الليبية المعترف بها دوليا في طرابلس والتي وجهت يوم الأربعاء ضربة لقوات الجيش الوطني الليبي التي تحاول السيطرة على العاصمة في هجوم بدأ قبل ثلاثة أشهر.
وقال اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم قوات حفتر في بيان إن الأوامر صدرت "للقوات الجوية باستهداف السفن والقوارب داخل المياه الإقليمية وللقوات البرية باستهداف كافة الأهداف الاستراتيجية التركية".
وأضاف "تُعتبر الشركات والمقرّات التركية وكافة المشروعات التي تؤول للدولة التركية أهدافاً مشروعة للقوات المسلّحة رداً على هذا العدوان، ويتم إيقاف جميع الرحلات من وإلى تركيا والقبض على أي تركي داخل الأراضي الليبية".
وتسيّر شركات ليبية رحلات جوية منتظمة إلى تركيا انطلاقا من مطارَي معيتيقة في طرابلس ومصراتة (غرب).
ولم يوضح المسماري كيف ستتمكن قواته من فرض حظر طيران في منطقة غير خاضعة لسيطرتها. واتّهم أنقرة بالتدخّل "في المعركة مباشرةً: بجنودها وطائراتها وسفنها". ووفقًا له، فإنّ إمدادات من الأسلحة والذخيرة تصل مباشرة إلى قوات حكومة الوفاق الوطني عبر البحر المتوسط.

وفي مايو/أيار أعلنت حكومة الوفاق أنها عززت قواتها المدافعة عن طرابلس بعشرات المدرعات لصد قوات الجيش الليبي. وأظهرت صور وتسجيلات مصورة نشرتها قوات متحالفة مع حكومة الوفاق وصول عشرات المركبات المدرعة من طراز "بي.إم.سي كيربي" تركية الصنع إلى ميناء طرابلس.

وأكد متحدث باسم حكومة الوفاق وصول تلك التعزيزات العسكرية من دون الكشف عن مصدرها، لكن موقع "فيسيلفايندر" قال إن سفينة الشحن التي ترفع علم مولدافيا وصلت قادمة من مرفأ سامسون في شمال تركيا.

حكومة الوفاق تواصلت مع تركيا للحصول على "أي شيء يلزم لوقف هجوم الجيش"
الأسلحة التركية ساهمت في تعقيد الأزمة وتأجيج الصراع في ليبيا

وكان متحدث باسم حكومة طرابلس قال في وقت سابق إن الحكومة تتواصل مع تركيا للحصول على "أي شيء يلزم لوقف هجوم الجيش الليبي" بما في ذلك الدعم العسكري والمدني.

كما أكد إردوغان أن بلاده توفّر أسلحة لحكومة الوفاق بموجب "اتفاق تعاون عسكري" بين أنقرة وطرابلس.

واتّهم المسماري خصوصا تركيا بدعم قوات حكومة الوفاق الوطني في استعادة السيطرة على مدينة غريان التي تعتبر القاعدة الخلفية الرئيسية للجيش في معاركه جنوب العاصمة.
وأوضح المسماري في بيانه أنّ قرار استهداف المصالح التركية صدر ردّاً على ما تتعرّض له "الأراضي الليبية منذ ليلة البارحة من غزو تركي غاشم، نتجت عنه أعمال تخريبية داخل الأراضي الليبية".
وقال أيضا إن قواته فقدت 43 جنديا في معركة غريان التي سيطرت عليها قوات طرابلس يوم الأربعاء، بسبب ما قالت مصادر ليبية أنه "خيانة من طرف بعض المندسين".

كما أدان مجلس النواب الليبي، المنعقد في طبرق، بأشد العبارات ما وصفه بـ "الجريمة الإرهابية الجبانة" في مدينة غريان بشمال غربي البلاد.

وقال المجلس في بيان له إنه "يُدين بأشد العبارات الجريمة الإرهابية الجبانة التي نفذتها المليشيات المتطرفة والخارجة عن القانون التابعة لحكومة السراج بتصفية جرحى قواتنا المسلحة بمستشفى غريان في تجرد كامل من كل القيم الإنسانية والتعاليم السماوية وفي انتهاك صارخ لكافة المواثيق والقوانين الدولية بشأن معاملة جرحى وأسرى الحروب".

وأضاف إن مجلس النواب الليبي "يستنكر التدخل التركي السافر وإعلانهم الحرب على ليبيا وشعبها عبر المشاركة في عمليات المليشيات المتطرفة والخارجة عن القانون بالقتال ضد الجيش الوطني وتقديمها السلاح والدعم اللوجستي وتسخير كل الإمكانيات لدعم هذه المليشيات المتطرفة وسط صمت مؤسف من مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة وبعثتها في ليبيا وكافة المؤسسات والهيئات الدولية والإقليمية والمنظمات الحقوقية تجاه هذه الجرائم الإنسانية ومن يرتكبها من متطرفين ومطلوبين دولياً وفرت لهم حكومة السراج وتركيا وقطر المال والسلاح والغطاء السياسي لتقتيل الشعب الليبي وحكمه بالاعتماد على قوى الإرهاب والتطرف والخارجين عن القانون".

وكانت غريان القاعدة الأمامية الرئيسية للجيش الوطني الليبي التي كانت تصل إليها القوات والأسلحة والذخيرة من الشرق. وبدأ الجيش الوطني الليبي حملته على طرابلس من غريان. ولا يزال الجيش الوطني الليبي يسيطر على بلدة ترهونة الواقعة جنوب شرقي طرابلس والتي تمثل قاعدته الرئيسية الثانية في الهجوم.
ويقول حفتر وأنصاره إنهم يحاولون تحرير العاصمة من الفصائل المسؤولة عن زعزعة الاستقرار في ليبيا منذ سقوط معمر القذافي في انتفاضة ساندها حلف شمال الأطلسي عام 2011.
ويخاطر هذا الصراع بتعطيل إنتاج النفط وبخلق فراغ يمكن أن يستغله المتشددون وبتشجيع عدد أكبر من المهاجرين على التوجه لإيطاليا بحرا.