تركيا لا تمانع العمل مع الأسد وعينها على الأكراد بشرق الفرات

أنقرة تتخلى عن المطالبة برحيل الرئيس السوري مدفوعة بمخاوف متنامية من قيام كيان كردي في شمال سوريا بدعم أميركي.

واشنطن هددت بالتدخل ضد المسلحين السوريين الموالين لأنقرة
معركة شرق الفرات ترسم ملامح تفاهمات تركية روسية تفكك عزلة الأسد
اردوغان يتوعد بقبر أكراد سوريا في عملية يجري التحضير لها بشرق الفرات

الدوحة - قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، إنه في حال جرت انتخابات  ديمقراطية ونزيهة في سوريا وفاز بها بشار الأسد، فإنه قد يكون على الجميع النظر في العمل معه.

وتشكل تصريحات الوزير التركي منعطفا كبيرا في موقف أنقرة التي كانت تطالب برحيل الرئيس السوري وتعتبره جزء من المشكلة لا الحل.

وتدرك تركيا والقوى الغربية الداعمة للمعارضة السورية أنه في حال جرت انتخابات في سوريا فإن الحسم سيكون لصالح الأسد خاصة بعد الهزائم المتتالية التي منيت بها الفصائل المسلحة وأيضا أن الانتخابات لن تكون شفافة.

ويعتقد أيضا أن الموقف التركي ربما يكون نتيجة تفاهمات بين أنقرة وموسكو حول الوجود التركي في شمال سوريا والأرجح في شرق الفرات.

وتسارعت وتيرة التقارب بين تركيا وروسيا بعد تسوية أزمة دبلوماسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 على خلفية إسقاط القوات التركية مقاتلة روسية ومقتل طيارها.

كما دفع التوتر بين أنقرة وواشنطن أنقرة سريعا إلى الحضن الروسي وعززا الطرفان تقاربهما بحزمة واسعة من الاتفاقيات الاقتصادية.

كما اختتمت تركيا وروسيا تقاربهما باتفاق في سبتمبر/أيلول جنّب مدينة ادلب هجوما عسكريا سوريا واسعا لوحت به دمشق على مدى أسابيع.

ويرجح عقد موسكو وأنقرة صفقة تحفظ الوجود التركي في شمال سوريا وتصفية الوجود الكردي مقابل اعتراف أنقرة بالأسد والتخلي عن موقفها الداعي لرحيله.

وجاءت تصريحات تشاووش أوغلو خلال كلمة على هامش منتدى الدوحة الـ18 الذي افتتحت أعماله السبت وتنتهي اليوم الأحد.

وأضاف الوزير التركي ردا على سؤال فيما إذا كان يستسيغ "وجود دور للأسد في مستقبل سوريا"، أن الأولوية الآن في هذه الفترة هو لإنشاء دستور للبلاد. وأن على السوريون بأنفسهم إعداد مسودة الدستور.

وشدد على ضرورة إجراء انتخابات في سوريا تحت مظلة الأمم المتحدة وأن تتسم الانتخابات المشار إليها بالشفافية والديمقراطية وأن على السوريين أن يقرروا من يجب أن يحكمهم.

وتأتي هذه التطورات بعد يوم واحد من تهديد الإدارة الأميركية، المعارضة السورية بشقّيها السياسي والعسكري "بصدام مباشر" حال مشاركتها في أي عملية عسكرية تركية ضد قوات سوريا الديمقراطية شمال شرقي سوريا.

وذكرت وكالة الأناضول أنها اطلعت على رسالة بعثها مسؤولون أميركيون إلى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية و"الجيش السوري الحر"، هدّدوا فيها بأن العناصر التي ستشارك في أي عملية تركية شرق الفرات ستواجه الجيش الأميركي "بشكل مباشر".

لكن تشاووش أوغلو قال، إن بلاده لا تعرض حياة الجنود الأميركيين للخطر من خلال العملية التي تعتزم القيام بها شرقي نهر الفرات في سوريا وإنما هدفها هو الوحدات الكردية.

وأكّد أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الإرهابي يعد من أهم المشاكل في سوريا والعراق، وأنه ليس ثمة دولة حيّدت إرهابيي داعش أكثر من تركيا.

وأوضح الوزير التركي أن داعش ليس التنظيم الإرهابي الوحيد في المنطقة، فهناك أيضا الوحدات الكردية.

وعبر عن اعتقاده بأنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب يدرس حاليا مغادرة سوريا، معلنا للمرّة الأولى أن بلاده سوف تعمل مع الرئيس السوري بشار الأسد إذا فاز في انتخابات ديمقراطية ونزيهة وقد يكون على الجميع النظر في العمل معه.

وردّا على سؤال حول ما إذا كانت عملية تركيا المرتقبة ستعرض الولايات المتحدة التي هي حليفتها في الناتو، للخطر، قال تشاووش أوغلو "لماذا نعرض حلفاء الناتو الأميركيين للخطر؟ هل الولايات المتحدة هي من أسس منظمة بي كا كا الإرهابية؟ ينبغي ألا يكونوا كذلك. المشكلة تكمن هنا. لماذا قدموا كل هذه الأسلحة لتنظيم بي كا كا".

وبيّن الوزير التركي أن الأسلحة التي تقدمها الولايات المتحدة إلى التنظيمات الكردية في سوريا تذهب أيضا إلى الأسواق التي يشتري منها داعش.

وقال أيضا إن هناك قنوات تواصل بين الجيشين التركي والأميركي للحيلولة دون وقوع حوادث غير مرغوب فيها وهناك تعاون أيضا.

وذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية نقلا عن خبراء روس تأكيدهم أنّ العملية العسكرية المرتقبة في منطقة شرق الفرات هي "حق لتركيا" التي تسعى لحماية أمنها القومي من تهديدات التنظيمات الكردية السورية.

وقال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان اليوم الأحد "نحن نعلم كيف يفكر الإرهابيون، فما أن يحفروا حفرة إلا ودفناهم فيها وسنواصل دفنهم".

وأكد أردغان في كلمة له الأحد خلال افتتاح منتزه للشعب في منطقة أسنلر بمدينة إسطنبول أن الإرهاب لن يقض مضاجع الشعب التركي قريبا.

وأضاف "نحن مع الجيش التركي ومع الجيش السوري الحر هناك (في سوريا)".

وأعلن اردوغان أن بلاده سوف تتسلم 120 مقاتلة إف-35 المصنّعة أمريكيا، مضيفا "علما أن تركيا تصنع أجزاء معينة من هذه المقاتلة".