تصعيد حوثي في البحر الأحمر يختبر الردع الأميركي
صنعاء - أعلن الحوثيون اليوم الأربعاء مسؤوليتهم عن هجوم دام على سفينة تجارية قبالة اليمن، هو الثاني من نوعه خلال 24 ساعة، في تصعيد جديد لهجماتهم على سفن يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل في الممر التجاري العالمي، بينما يتوقع أن تتحرك واشنطن مجددا لردع الجماعة المدعومة من إيران بهدف حماية مصالحها ومصالح حلفائها.
وأشارت مهمة "أسبيدس" الأوروبية المنتشرة في المنطقة إلى أنه تم إنقاذ ستة من أفراد طاقم سفينة نقل البضائع "إتيرنتي سي"، في حين قضى ثلاثة منهم في الهجوم الذي نفذ يومي الاثنين والثلاثاء، كما أصيب اثنان على الأقل، أحدهما عامل كهرباء روسي فقد ساقه.
وتبنى الحوثيون الهجوم الذي وقع بعد إعلان مسؤوليتهم عن هجوم آخر الأحد على سفينة "ماجيك سيز" في البحر الأحمر وتأكيدهم إغراقها، فيما تم إنقاذ طاقمها.
وقال المتحدث باسم المتمردين يحيى سريع إن "القوات البحرية في القوات المسلحة اليمنية، استهدفت سفينة إتيرنتي سي"، مؤكدا أن ذلك جاء تضامنا مع الفلسطينيين في غزة ولافتا إلى أن الناقلة كانت متجهة إلى إيلات في إسرائيل.
وقبل إعلان الحوثيين، حمّلتهم السفارة الأميركية في اليمن مسؤولية الهجوم على "إتيرنيتي سي" قبالة سواحل الحديدة، ووصفته بأنه "الأعنف حتى الآن".
وقالت إن المتمردين "يقوضون حرية الملاحة في البحر الأحمر"، رغم الهدنة مع الولايات المتحدة التي أنهت في مايو/آيار أسابيع من القصف الأميركي على اليمن.
ومن المرجح أن تكثف الولايات المتحدة وحلفاؤها العمليات العسكرية في البحر الأحمر لاستهداف قدرات الحوثيين العسكرية وقد تشمل ضربات جوية ضد مواقع الإطلاق، ومخازن الأسلحة.
وستعمل واشنطن على تعزيز تواجدها البحري في المنطقة، بما في ذلك نشر المزيد من السفن الحربية والغواصات، لضمان حرية الملاحة وحماية السفن التجارية.
وتواجه الولايات المتحدة تحدياً في تحقيق الردع دون التسبب في تصعيد أوسع للصراع في المنطقة، خاصة مع وجود علاقة وثيقة بين هجمات الحوثيين والوضع في غزة والتوترات الإيرانية - الأميركية.
وأعرب هانز غروندبرغ مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن عن قلقه الأربعاء إزاء "التصعيد" في البحر الأحمر وقال في اجتماع لمجلس الأمن "بتنا نلاحظ بقلق بالغ تصعيدا في البحر الأحمر مع تعرض سفينتين تجاريتين لهجوم في وقت سابق من هذا الأسبوع على يد أنصار الله"، مشيرا إلى أنها "الهجمات الأولى على سفن تجارية منذ أكثر من سبعة أشهر".
ومنذ نهاية 2023 ينفّذ الحوثيون الذين يسيطرون على مناطق واسعة من اليمن منذ أكثر من عقد، عشرات الهجمات الصاروخية ضدّ إسرائيل وضد سفن في البحر الأحمر أكّدوا ارتباطها بإسرائيل، في خطوة أدرجوها في إطار إسنادهم للفلسطينيين.
وحذّر سريع اليوم الأربعاء "كافة الشركات التي تتعامل مع موانئ فلسطين المحتلة"، مؤكدا أن "سفنها وطواقمها ستتعرض للاستهداف" من أجل "إجبار العدو الصهيوني ومن يقف خلفه على رفع الحصار عن إخواننا في غزة، ووقف العدوان عليهم، وإنهاء حرب الإبادة المستمرة".
وقالت "أسبيدس" في وقت سابق إنه "تم إنقاذ ستة من أفراد طاقم السفينة التجارية إتيرنيتي سي من البحر إثر الهجوم الذي تعرضت له في جنوب البحر الأحمر".
وقبل ذلك، قالت وكالة "يو كاي أم تي أو" البريطانية للأمن البحري في تحديث لبيانها حول الهجوم الذي تعرّضت له السفينة "بدأت عمليات البحث والإنقاذ خلال الليل. أنقذ 5 من أفراد الطاقم، ويستمر البحث عن الباقين".
وأكد سريع أن قوات الحوثيين تولت "إنقاذ عدد من طاقم السفينة، وتقديم الرعاية الطبية لهم، ونقلهم إلى مكان آمن". وكان على متن "إتيرنيتي سي" 25 شخصا بحسب أسبيديس، من بينهم 21 فيليبينيا بحسب مانيلا.
ونشر الحوثيون فيديو دعائيا لاستهداف "ماجيك سيز"، يظهر المتمردين وهم يوجّهون "نداء تحذير" باللغة الإنكليزية لقائد السفينة طالبين منه إيقافها، قبل تفجيرها لاحقا وغرقها بحسب ما يظهر المقطع.
ومن المرجح أن تكون السفينتان تعرضتا للهجوم "بسبب زيارات سابقة لموانئ إسرائيلية أو روابط بين مالكيها أو مديريها وسفن أخرى زارت إسرائيل"، بحسب مركز المعلومات البحرية المشترك الذي يديره تحالف بحري غربي.
وفي مارس/آذار 2024، قُتل ثلاثة من أفراد طاقم السفينة التجارية "ترو كونفيدنس" وجُرح أربعة في هجوم للحوثيين، هو أول هجوم دام لهم قبالة اليمن.
وأجبرت هجمات الحوثيين شركات شحن عدة على تغيير مسارات سفنها، ما أدى إلى تقلص حركة الملاحة عبر قناة السويس، الشريان الحيوي الذي يمرّ عبره عادة نحو 12 في المئة من حركة الملاحة العالمية، وفق الغرفة الدولية للشحن.
ورغم الهدنة مع الأميركيين، أكّد الحوثيون في مايو/أيار أن السفن الإسرائيلية ستبقى "عرضة للاستهداف" في الممرات المائية قبالة اليمن، بما فيها البحر الأحمر وخليج عدن.
وتردّ إسرائيل على هجمات المتمردين بتنفيذ ضربات على مواقع سيطرتهم في اليمن، آخرها موجة هجمات الأحد استهدفت مدينة الحديدة الساحلية ومناطق مجاورة.
وأعلن الحوثيون الاثنين أنهم ردوا بهجمات صاروخية باتجاه إسرائيل، فيما أفاد الجيش الإسرائيلي برصد صاروخين أُطلقا من اليمن.