تصعيد متبادل بين إيران وإسرائيل رغم دعوات التهدئة

طهران تؤكد أنها لن تتفاوض بشأن برنامجها النووي في ظل التهديد الحالي والدولة العبرية تؤكد تمكنها من تأخير قدرة الايرانيين على صناعة سلاح نووي لسنتين أو ثلاث سنوات على الأقل.
إسرائيل تقول إنها استهدفت مستودعات وبنية تحتية للصواريخ الإيرانية
اعتقال 22 شخصا في إيران بتهمة التجسس لحساب إسرائيل
الجيش الاسرائيلي قتل قائد الوحدة الفلسطينية في الحرس الثوري

طهران/القدس - تبادلت إيران وإسرائيل هجمات جديدة في ساعة مبكرة من صباح السبت بعد يوم من إعلان طهران أنها لن تتفاوض بشأن برنامجها النووي في ظل التهديد فيما حاولت أوروبا إبقاء محادثات السلام حية بينما أعلنت الدولة العبرية أن الهجمات على المواقع النووية تسببت في تأخير قدرة طهران على صناعة سلاح نووي لسنتين أو ثلاث سنوات على الأقل.
وذكرت وكالة فارس للأنباء أن إسرائيل استهدفت منشأة أصفهان النووية، وهي واحدة من أكبر المنشآت النووية في إيران، مضيفة أنه لا يوجد تسرب لمواد خطيرة جراء ذلك.
وأفادت وسائل إعلام إيرانية أيضا بأن إسرائيل هاجمت مبنى في مدينة قم، حيث أشارت تقارير أولية إلى مقتل فتى يبلغ من العمر 16 عاما وإصابة شخصين.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في وقت لاحق الجمعة إن الجيش قتل قائدا مخضرما في فيلق القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني، في قصف استهدف شقة في مدينة قم.
وأضاف كاتس في بيان أن القائد المخضرم القتيل هو سعيد إيزادي قائد الوحدة الفلسطينية في فيلق القدس. وقال الجيش الإسرائيلي إنه شن سلسلة هجمات على مواقع تخزين وإطلاق صواريخ في إيران.
وبعد الساعة الثانية والنصف صباحا بقليل في إسرائيل حذر الجيش الإسرائيلي من هجوم صاروخي قادم من إيران، مما أدى إلى انطلاق صفارات الإنذار في أجزاء من وسط إسرائيل، بما في ذلك تل أبيب، وكذلك في الضفة الغربية المحتلة.
وشوهدت عمليات اعتراض الصواريخ في سماء تل أبيب، مع دوي انفجارات في أنحاء المدينة، في الوقت الذي تعاملت فيه أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية مع الهجمات.
كما دوت صفارات الإنذار في جنوب إسرائيل، وفقا لخدمة نجمة داوود الحمراء للإسعاف. وذكر مسؤول عسكري إسرائيلي أن إيران أطلقت خمسة صواريخ باليستية، وأنه لا توجد مؤشرات حتى الآن على أي أضرار ناجمة عن الصواريخ. ولم ترد تقارير أولية عن سقوط قتلى أو مصابين.
ونشرت خدمة الطوارئ صورا تظهر حريقا على سطح مبنى سكني متعدد الطوابق وسط إسرائيل. وذكرت وسائل إعلام محلية أن الحريق نجم عن حطام صاروخ تم اعتراضه.
وبدأت إسرائيل هجومها على إيران يوم 13 يونيو/حزيران، قائلة إن طهران على وشك تطوير أسلحة نووية. وردت إيران، التي تؤكد أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية فقط، بشن هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل. ويُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية، لكنها لا تؤكد ذلك ولا تنفيه.
وأسفرت هجماتها الجوية عن مقتل 639 شخصا في إيران، وفقا لوكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا)، وهي منظمة حقوقية مقرها الولايات المتحدة تتابع شؤون إيران. ومن بين القتلى كبار القادة العسكريين وعلماء نوويين.
وأعلنت شرطة محافظة قم الإيرانية السبت اعتقال 22 شخصا بتهمة "التجسس لحساب إسرائيل" على ما أفادت وكالة فارس للأنباء.
وأوضحت الوكالة نقلا عن رئيس استخبارات الشرطة في المحافظة الواقعة في وسط إيران أنه منذ بدء الضربات الإسرائيلية في 13 حزيران/يونيو تم "التعرف على 22 شخصا واعتقالهم لاتهامهم بالارتباط بأجهزة التجسس التابعة للكيان الصهيوني وبلبلة الرأي العام".
وقال قائد شرطة غرب طهران كيومرث عزيزي في البيان "تم توقيف 24 شخصا كانوا يتجسسون لصالح العدو الصهيوني على أرض الواقع وعبر الإنترنت... كانوا يحاولون زعزعة الرأي العام وتشويه وتدمير صورة النظام المقدس للجمهورية الإسلامية الإيرانية".
كما افادت وكالة تسنيم الجمعة أنه تم اعتقال مواطن أوروبي في إيران قُدم على أنه "جاسوس" لإسرائيل، بدون تحديد هويته أو تاريخ اعتقاله.
وفي إسرائيل، ذكرت السلطات أن 24 مدنيا قتلوا في هجمات صاروخية إيرانية. ولم تتمكن وسائل اعلام من التحقق بشكل مستقل من أعداد الضحايا لأي من الجانبين.
وقدّرت الدولة العبرية أن الهجمات التي تشنها على إيران أخّرت إمكانية تطوير الجمهورية الإسلامية لسلاح نووي لمدة "سنتين أو ثلاث على الأقل"، وفق ما قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في مقابلة نشرت السبت.
وقال ساعر لصحيفة بيلد الألمانية إن الهجوم الإسرائيلي الذي طال مئات المواقع النووية والعسكرية الايرانية وأسفر عن مقتل كبار القادة والعلماء النوويين، أدى إلى تحقيق نتائج "كبيرة جدا".
وأضاف "بحسب التقييمات التي نسمعها، أخّرنا بالفعل لمدة سنتين أو ثلاث على الأقل إمكانية امتلاكهم قنبلة نووية".
وأكد "حقيقة أننا قضينا على هؤلاء الاشخاص الذين قادوا تسليح البرنامج النووي ودفعوا بهذا الاتجاه، أمر بالغ الأهمية" مضيفا "حققنا الكثير حتى الآن، لكننا سنفعل كل ما باستطاعتنا فعله. لن نتوقف حتى نبذل قصارى جهدنا هناك لإزالة هذا التهديد".

الدولة العبرية تستمر في استهداف المواقع النووية الايرانية
الدولة العبرية تستمر في استهداف المواقع النووية الايرانية

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمعة إنه يعتقد أن إيران يمكنها امتلاك سلاح نووي "في غضون أسابيع، أو بالتأكيد في غضون أشهر". وأضاف في تصريحات للصحفيين في مطار موريستاون بولاية نيوجيرزي "لا يمكننا السماح بحدوث ذلك".
وأردف قائلا إن مديرة المخابرات الوطنية تولسي جابارد أخطأت عندما أشارت إلى عدم وجود أدلة على أن إيران تصنع سلاحا نوويا.
واستهدفت إيران مرارا تل أبيب، وهي منطقة حضرية يبلغ عدد سكانها حوالي أربعة ملايين نسمة ومركز الأعمال والاقتصاد في إسرائيل، حيث توجد أيضا بعض الأصول العسكرية المهمة.
وقالت إسرائيل إنها قصفت عشرات الأهداف العسكرية أمس الجمعة، بما في ذلك مواقع إنتاج صواريخ وهيئة بحثية قالت إنها ضالعة في تطوير الأسلحة النووية في طهران، ومنشآت عسكرية في غرب ووسط إيران.
وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إنه لا مجال للتفاوض مع الولايات المتحدة "حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي". لكنه وصل إلى جنيف أمس الجمعة لإجراء محادثات مع وزراء خارجية أوروبيين، إذ تأمل أوروبا في تمهيد الطريق للعودة إلى الدبلوماسية.
وأكد ترامب أمس أنه سيستغرق أسبوعين لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستدخل الصراع إلى جانب إسرائيل، قائلا إنه وقت كاف "لرؤية ما إذا كان الناس سيعودون إلى رشدهم أم لا".
وأشار إلى أنه من غير المرجح أن يضغط على إسرائيل لتقليل غاراتها الجوية للسماح باستمرار المفاوضات.
وأضاف "أعتقد أن تقديم هذا الطلب صعب للغاية الآن. إذا كان الطرف المنتصر، فسيكون الأمر أصعب قليلا مما إذا كان الطرف الخاسر، لكننا مستعدون وراغبون وقادرون، تحدثنا مع إيران وسنرى ما سيحدث".
ولم تسفر محادثات جنيف عن أي مؤشرات على التقدم، وقال الرئيس الاميركي إنه يشك في قدرة المفاوضين على التوصل لوقف إطلاق النار.
وقال ترامب "إيران لا تريد التحدث إلى أوروبا. إنهم يريدون التحدث إلينا. لن تتمكن أوروبا من المساعدة في هذا الأمر".
وكشفت برقية لوزارة الخارجية الأميركية أن مئات المواطنين الأميركيين فروا من إيران منذ بدء الحرب الجوية.
وقال مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون لمجلس الأمن الدولي أمس الجمعة إن إسرائيل لن توقف هجماتها "حتى يتم القضاء على التهديد النووي الإيراني". ودعا مندوب إيران لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني، مجلس الأمن إلى اتخاذ إجراء، وقال إن طهران تشعر بالقلق إزاء التقارير التي تفيد بأن الولايات المتحدة قد تنضم إلى الحرب. وطالبت روسيا والصين بالتهدئة فورا.
وقال مسؤول إيراني كبير إن إيران مستعدة لمناقشة قيود على تخصيب اليورانيوم لكنها سترفض أي اقتراح يمنعها من تخصيبه تماما "خاصة الآن في ظل الضربات الإسرائيلية".