تطبيق جديد يساعد الفنانين على مواجهة الذكاء الاصطناعي
نيويورك - في عام 2008 قال كاتب السيناريو إد بينيت – كولز إنه مرّ بـ"لحظة انهيار" في مسيرته المهنية، بعدما قرأ مقالا عن نجاح الذكاء الاصطناعي في كتابة أول سيناريو لهذه التكنولوجيا. لكن بعد قرابة عقدين ابتكر هو وصديقه كاتب الأغاني جيمي هارتمان تطبيقا قائما على تقنية بلوكتشاين، يأملان من خلاله في أن يمكّن الكتّاب والفنانين وغيرهم من امتلاك أعمالهم وحمايتها.
يقول هارتمان إنّ "الذكاء الاصطناعي اقتحم حياتنا وبدأ يسيطر على وظائف الكثيرين منا"، مضيفا أن التطبيق الذي ابتكره هو وصديقه يرفض هذا الوضع ويؤكد أنّ العمل ملك لصاحبه، متابعا "هذا عمل بشري، ونحن من نحدد قيمته، لأننا نملكه".
يُهدد الذكاء الاصطناعي، الذي يتطوّر باستمرار، الملكية الفكرية وسبل العيش في مختلف المجالات الإبداعية. ويرمي التطبيق الذي طوّره إد بينيت – كولز وجيمي هارتمان ويحمل اسم "إيه آر كاي" (ARK) إلى تسجيل ملكية الأفكار والعمل، من الفكرة الأولية إلى المنتج النهائي، فعلى سبيل المثال يُمكن للشخص تسجيل مقتطف تجريبي لأغنية بمجرد تحميل الملف، حسب توضيح مبتكري التطبيق لوكالة فرانس برس.
وتتضمّن الخصائص اتفاقات عدم إفصاح، والتحقق القائم على تقنية بلوكتشاين، وإجراءات أمان بيومترية تؤكد أن الملف ملك للفنان الذي حمّله. ويُمكن للمتعاونين أيضا تسجيل مساهماتهم الخاصة طوال فترة العملية الإبداعية.
ويوضح بينيت كولز أن "تطبيق 'إيه آر كاي' يتحدى فكرة أن المنتج النهائي هو الشيء الوحيد الجدير بالقيمة".
ويشير هارتمان إلى أن الهدف هو الحفاظ على "عملية إبداع وابتكار بشرييْن، وعزلها لحمايتها وكسب لقمة العيش منها".
ومن المقرر إطلاق "إيه آر كاي" في صيف 2025، وقد حصل التطبيق على تمويل من شركة رأس المال الاستثماري "كلاريتاس كابيتال"، كما أنه في شراكة إستراتيجية مع "بي أم آي"، وهي منظمة تُعنى بحقوق الأداء.
ويقول بينيت – كولز "رأيتُ مقولة تُلخص الأمر: النمو من أجل النمو هو فلسفة الخلية السرطانية. وهذا هو الذكاء الاصطناعي"، مضيفا أن "تبرير المبيعات دائما يكون أسرع، لكننا نحتاج إلى أن نُحب العملية من جديد".
ويشبّه الفرق بين الفن البشري ومحتوى الذكاء الاصطناعي بطفل يرافق جده إلى بائع لحوم، مقابل طلب قطعة لحم من خدمة توصيل عبر الإنترنت.
ويلفت إلى أن الوقت الذي يمضيه أفراد العائلة معا، وفي هذا المثال وقت السير إلى المتجر والعودة منه والمحادثات بين مكانيْ إتمام المهمة، "لا يقل أهمية عن عملية الشراء نفسها".
ويُقال إن الذكاء الاصطناعي يُقلل من قيمة العملية الإبداعية، التي يأمل الفنانان في أن يُعيد تطبيق "إيه آر كاي" ترسيخ أهميتها. ويضيف هارتمان "إنه بمثابة رقابة وتوازن بالنيابة عن الإنسان".
ويؤكد مبتكرا "إيه آر كاي" أنّهما قررا أن يكون التطبيق قائما على تقنية بلوكتشاين، أي تخزين البيانات في سجلّ رقمي، لأنها لامركزية. ويقول بينيت – كولز "لمنح المبتكر استقلالية وسيادة على ملكيته الفكرية والتحكم في مصيره، ينبغي أن تكون التقنية لامركزية".
ويوضحان أن مستخدمي التطبيق سيدفعون ثمن "إيه آر كاي" بحسب هيكلية متدرجة، إذ تُحدّد مستويات الأسعار وفقا لحاجات استخدام التخزين.
ويشير كاتب السيناريو إلى أنّهما يسعيان إلى أن يكون التطبيق بمثابة "تسجيل على بلوكتشاين" أو "عقد ذكي"، واصفا إياه بأنه "آلية توافق".
ويقول هارتمان إنّ "حقوق الطباعة والنشر مبدأ جيد جدا، طالما يمكنك إثباته ودعمه"، مضيفا "لماذا لا نحرز تقدما في مجال حقوق الطباعة والنشر، لناحية طريقة إثباتها؟ نعتقد أننا توصلنا إلى حل".
ويؤكد الفنانان أن المجالين اللذين يعملان فيهما كانا بطيئين جدا في الاستجابة للانتشار السريع للذكاء الاصطناعي.
ويشير بينيت – كولز إلى أنّ جزءا كبيرا من الاستجابة ينبغي أن يبدأ بـ"لحظات انهيار" يواجهها الفنانون، مشابهة لما مر به قبل سنوات، قائلا "من هناك، يمكنهم النهوض وتحديد ما يمكن فعله"، مضيفا "كيف يمكننا الحفاظ على ما نحب القيام به، وما هو مهم بالنسبة إلينا؟".