تطمينات أميركية للعراق بشأن مراقبة إيران

زيارة وزير الدفاع الأميركي لبغداد تعكس رغبة واشنطن في تخفيف الاستياء العراقي من تصريحات ترامب حول هدف بقاء القوات الأميركية في حين ثمة شبه اجماع بين القوى السياسية على رحيلها.

بغداد - سعى وزير الدفاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان الثلاثاء إلى طمأنة المسؤولين في بغداد حيال مستقبل القوات الأميركية في العراق، بعد الانسحاب من سوريا وإعلان دونالد ترامب رغبته بـ"مراقبة إيران" من العراق.
واليوم، بعد أكثر من عام على إعلان بغداد "الانتصار" على تنظيم الدولة الإسلامية وعلى أعتاب انتهاء الهجوم "الأخير" في سوريا، علت أصوات كثيرة من المعسكر المقرب من إيران تدعو إلى انسحاب تام ونهائي للقوات الأميركية.
وأثار إعلان الرئيس الأميركي ترامب نيته البقاء في العراق بهدف "مراقبة إيران" استياء بغداد.
ومنذ اجتياح القوات الأميركية للعراق في العام 2003 لإسقاط نظام صدام حسين، يثير هذا الوجود جدلا. ووصل عدد الجنود الاميركيين المنتشرين على الاراضي العراقية إلى 170 ألفا قبل أن ينسحبوا نهاية 2011.
لكن واشنطن أرسلت قوات بعد ذلك في إطار التحالف الدولي للتصدي لتنظيم الدولة الإسلامية الذي تشكل في 2014.
وسعى شاناهان الذي وصل من أفغانستان في إطار أولى رحلاته الخارجية قبل ان يعود ويغادر الى بروكسل، إلى طمأنة الحكومة العراقية حيال نوايا البنتاغون.
والتقى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إضافة إلى ضباط عراقيين كبار.
وقال للصحافيين لدى وصوله إلى بروكسل حيث سيشارك في اجتماع وزاري لحلف شمال الأطلسي ان اللقاء مع عبد المهدي جرى "وسط اجواء جيدة جدًا".

نحترم سيادتهم والأهمية التي يولونها لاستقلالهم

وأضاف "لقد أوضحت أننا نحترم سيادتهم والأهمية التي يولونها لاستقلالهم وأننا موجودون هناك بدعوة من الحكومة".
وردا على سؤال حول إمكانية إعادة نشر الجنود الأميركيين الذين سيغادرون سوريا في العراق، أجاب شاناهان "لم يتم بحث هذه المسألة".
أما بالنسبة لإيران، فقد تم التطرق الى الموضوع "بشكل غير مباشر".
ونقل عن عبد المهدي قوله "يجب أن نحافظ على علاقات جيدة مع جميع جيراننا كما يجب علينا أيضا الحفاظ على علاقات قوية مع الولايات المتحدة".
من جهته، أوضح مسؤول كبير في البنتاغون طلب عدم ذكر اسمه أن "النشاط العسكري الرئيسي" للولايات المتحدة في العراق كان "المهمة ضد داعش".
وقال إن العراق "يجب أن يعرف أننا ملتزمون حياله وأن استمرار وجودنا إلى جانب قوات الأمن أمر حيوي بالنسبة لها لكي تواصل الحفاظ على الأمن".
لكن تصريحات ترامب اطلقت حملة معادية لواشنطن.

عبدالمهدي يريد علاقات جيدة مع واشنطن وطهران في آن
عبدالمهدي يريد علاقات جيدة مع واشنطن وطهران في آن

وتم تقديم مشروع قانون في البرلمان. وفي صورة نادرة قد يكون هناك إجماع عليه من جانب أكبر كتلتين في المجلس، الأولى بقيادة مقتدى الصدر الذي يسعى ليكون صانع استقلال العراق، والثانية المقربة من إيران وتضم قدامى مقاتلي الفصائل التي ساعدت بدحر تنظيم الدولة الإسلامية.
والاثنين، أعلنت هاتان الكتلتان في مؤتمر صحافي مشترك السعي إلى "اتفاقية جديدة" لتأطير تواجد القوات الأجنبية في العراق، وخصوصا الأميركية.
وبعد اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية للعراق وسوريا في العام 2014 وإعلان دولة "الخلافة" إبان سيطرته على مساحات واسعة، يبدو التنظيم اليوم على أعتاب الخسارة النهائية بعد هجمات متعددة من قوات البلدين.
ولا يسيطر التنظيم اليوم سوى على أقل من واحد في المئة من تلك الأراضي، وبحسب ترامب "سيتمّ الأسبوع المقبل الإعلان رسمياً أنّنا سيطرنا على مئة في المئة من أرض الخلافة".
والتقى شاناهان في بغداد أيضا، مسؤولين عسكريين أميركيين في المنطقة، خصوصا الجنرال بول لاكاميرا قائد قوات التحالف، لمناقشة ترتيبات الانسحاب الأميركي من سوريا.
ورفض الوزير الأميركي الإشارة إلى أي جدول زمني، لكنه قال "نحن ضمن المهلة للالتزام بتعهداتنا".
وردا على سؤال حول مصير الأكراد في سوريا، الذين يشنون حاليا الهجوم الأخير ضد تنظيم الدولة الإسلامية بدعم اميركي، أشار إلى احتمال تشكيل "قوة من المراقبين" تنتشر في شمال سوريا من قبل حلفاء التحالف الدولي.
ومن المقرر أن يجتمع وزراء دفاع دول التحالف في 15 شباط/فبراير الحالي في ميونيخ بألمانيا، لتحديد مستقبل هذا التحالف.
وفي الوقت نفسه، تفاوض الولايات المتحدة حلفاءها لإعادة مواطنيهم الذين سافروا إلى أراض يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية، وقد تساهم في نقل بعض هؤلاء من سجون الأكراد في سوريا عبر العراق، تجنبا لهروبهم بعد انسحاب واشنطن.
وقال المسؤول الاميركي الذي طلب عدم الكشف عن هويته "نعتقد ان على دول التحالف ان تتحمل مسؤولية مواطنيها المقاتلين".