تطمينات مصرف لبنان المركزي لا تهدئ مخاوف اللبنانيين

بنوك لبنان ترحب بتصريحات رياض سلامة حول حماية الودائع واستقرار الليرة في خطوة تبدو مغرقة في التفاؤل مع غياب أي مؤشر على نهاية قريبة للأزمتين السياسية والاقتصادية.

إجراءات المركزي اللبناني أقرب للتسكين من معالجة أزمة السيولة
لا مؤشرات على نهاية أزمتي السيولة والشح في الدولار
قيود فرضتها المصارف اللبنانية على السحب والتحويلات تثير مخاوف اللبنانيين

بيروت - رحبت البنوك اللبنانية بتصريحات حاكم المصرف المركزي رياض سلامة اليوم الاثنين، معربة عن أملها في أن يكون لتلك التصريحات وقع إيجابي على عمل البنوك لتأكيده التزام المركزي بحماية الودائع واستقرار الليرة اللبنانية، فيما لم تلق تطميناته صدى مماثلا في الشارع اللبناني.

وقالت جمعية مصارف لبنان في بيان إن البنوك ترحب أيضا بتوجيهات سلامة "في ما يخص التحويلات إلى الخارج وضرورة أن تكون مرتبطة بحاجات الناس الضرورية."

وتبدو آمال المصارف اللبنانية مغرقة في التفاؤل في ظل غياب أي مؤشر على نهاية قريبة للأزمة السياسية أو هدوء في الشارع اللبناني الذي انتفض تنديدا بالنخبة الحاكمة وحملها المسؤولية عن تردي الوضع الاقتصادي واستشراء الفساد.

وفي محاولة لتطمين اللبنانيين الذين تظاهروا قبل أيام أمام مقر المصرف المركزي تنديدا بفرض البنوك قيودا على السحب والتحويلات، أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الاثنين أولوية الحفاظ على استقرار الليرة اللبنانية.

وأعلن أيضا على وقع الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة، اتخاذ كافة التدابير اللازمة لحماية أموال المودعين في ظل أزمة سيولة في البلاد وشح في النقد الأجنبي.

وطمأن في مؤتمر صحافي عقده في البنك المركزي إلى أن الهدف الأساسي لمصرف لبنان "في هذه الظروف الاستثنائية هو الحفاظ على الاستقرار بالليرة اللبنانية" إضافة إلى "حماية الودائع وهذا موضوع أساسي ونهائي واتخذنا مما يقتضي من إجراءات لئلا يتحمل المودعون أي خسائر".

وأثارت الإجراءات الأخيرة التي اتخذها المركزي اللبناني ومنها فرض قيود على السحب والتحويلات، وفق ما أكده عملاء، مخاوف لدى اللبنانيين على ودائعهم في الوقت الذي تواجه فيه الليرة المزيد من الضغوط.

ويشهد لبنان منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول حراكا شعبيا غير مسبوق مطالبا برحيل النخبة السياسية على خلفية مطالب معيشية حرّكها انخفاض قيمة الليرة وفرض المصارف تدريجيا قيودا على التحويلات بالدولار.

وتسبّبت الإضرابات بشلل عام في البلاد شمل إغلاق المصارف أبوابها لأسبوعين. وبعد إعادة فتحها الأسبوع الماضي، تبين أن أزمة السيولة باتت أكثر حدّة.

لم يعد للبنانيين ثقة في حاكم مصرف لبنان الذي يتولى منصبه منذ 1993
لم يعد للبنانيين ثقة في حاكم مصرف لبنان الذي يتولى منصبه منذ 1993

وفرضت المصارف قيودا إضافية على السحب بالليرة والدولار في آن معا. ولم يعد بإمكان المواطنين الحصول على الدولار من الصراف الآلي، بينما يطلب منهم تسديد بعض مدفوعاتهم من قروض وفواتير بالدولار.

كما فرضت المصارف عمولة على المبالغ التي يسحبها المودعون من حساباتهم الموجودة أساسا بالدولار.

وقال سلامة إنه طلب من كافة المصارف أن تعيد النظر بإجراءات اتخذتها منذ انطلاق الاحتجاجات بما في ذلك السماح للبنانيين بتسديد الأقساط المترتبة عليهم أساسا بالدولار، عبر الليرة اللبنانية والإبقاء على السقوف التي كانت معتمدة سابقا في ما يتعلق بالبطاقات الائتمانية وتلبية السيولة الضرورية لذلك.

وسمح المصرف المركزي للمصارف، وفق سلامة، باستلاف الدولار من مصرف لبنان "بفائدة 20 بالمئة لتلبية حاجتهم من السيولة بالدولار" على أن تكون "غير قابلة للتحويل إلى الخارج".

وللمرة الأولى منذ أكثر من عقدين ظهرت سوق موازية خلال الأشهر القليلة الماضية، وصل فيها سعر صرف الليرة مقابل الدولار إلى 1800 بينما لا يزال السعر الرسمي ثابتا عند 1507 ليرات للدولار.

وربط سلامة الذي يشغل منصبه منذ العام 1993 ويطالب متظاهرون برحيله محملين إياه مسؤولية السياسات المالية الخاطئة المتبعة في البلاد، ارتفاع سعر صرف الدولار لدى الصرافين، بالإقبال على سحب المودعين لأموالهم من المصارف بالليرة اللبنانية.

وتهافت اللبنانيون على الصرافين لتحويل أموالهم خلال الأشهر القليلة الماضية خشية من انهيار قيمة العملة المحلية.

وبلغت قيمة ادخارات اللبنانيين في منازلهم وفق سلامة "ما يساوي ثلاثة مليارات دولار سحبت من القطاع المصرفي" منذ شهر سبتمبر/أيلول.

وبعد تقارير أفادت عن توجه مصرف لبنان لاقتطاع من الودائع من أجل حل أزمة السيولة ولتقييد التحويلات، أكد سلامة أنه "لا يمكن أن يمرّ أي قانون يقتطع من الودائع التي هي ملك اللبنانيين المقيمين في لبنان وخارجه"، وأن "تقييد التحويلات بشكل قانوني غير وارد".

وشدد على أن "الظروف الاستثنائية راهنا لا تسمح بهندسات مالية بل إدارة للسيولة الموجودة بشكل تحمي الوضع الائتماني في البلد".

وتحت ضغط الشارع، استقال رئيس الوزراء سعد الحريري في 29 أكتوبر/تشرين الأول، لكن التأخر في بدء الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس جديد للحكومة يثير غضب المحتجين.

وتبلغ الديون المتراكمة على لبنان 86 مليار دولار، أي ما يعادل 150 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي، والجزء الأكبر منها تمّت استدانته من المصارف والمصرف المركزي.