تعافي أسعار النفط لا يخرج الاقتصاد الجزائري من وضع قاتم

خبراء الاقتصاد يستبعدون مساعدة من تعافي أسعار النفط فيما تستمر السلطة في الجزائر على نفس السياسة الاقتصادية المعتمدة منذ عقود في مؤشر يسلط الضوء على حالة الجمود والبيروقراطية وأيضا على استشراء الفساد بشكل واسع.

قطاع النفط والغاز ما زال يهيمن على الاقتصاد
البطالة مرتفعة على وجه الخصوص بين الشباب دون 30 عاما
علّة الجزائر تكمن في غياب تنويع مصادر الدخل وغياب الإرادة السياسية

الجزائر - لا تزال الجزائر تئن تحت وطأة الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت منذ انهيار أسعار النفط في منتصف 2014، قبل أن تأخذ في التعافى تدريجيا في العامين الماضيين. وفي الوقت ذاته لا يزال معدل البطالة بين الشباب مرتفعا وهو أمر ينذر باشتعال الجبهة الاجتماعية التي تبدو في الوقت الراهن كنار تحت الرماد.

وكان رهان السلطة الحاكمة على اتجاه أسعار النفط للتعافي قويا إلى درجة يمكن معها الخروج من الأزمة.

وبدأت أسعار النفط بالفعل في التعافي إلا أن الوضع العام يبدو قاتما خاصة مع بطالة مرتفعة بين الشباب دون سنّ الثلاثين عاما.

وبعد عامين على تخرجه من الجامعة يمضي علي لامير (26 عاما) يومه جالسا في مقهى في وسط الجزائر العاصمة وهو يفكر في كيفية الحصول على فرصة عمل.

لكن لامير ليس بمفرده في هذا الوضع، فما يزيد عن واحد من بين كل أربعة جزائريين تحت سن 30 عاما يعاني من البطالة في بلد ما زال يعتمد بشدة على صادراته من النفط والغاز، على الرغم من وعود رسمية لا حصر لها بتنويع الاقتصاد على مدى سنوات عديدة.

ورغم أن الجزائر تدرك جيّدا أن علة اقتصادها تكمن في غياب مصادر دخل من خارج قطاع الطاقة، إلا أنها استمرت على نفس السياسة المعتمدة منذ عقود في مؤشر يسلط الضوء على حالة الجمود والبيروقراطية وأيضا على استشراء الفساد بشكل واسع حرم البلاد من الاستفادة من فائض الإيرادات النفطية في السنوات الماضية التي شهدت طفرة في أسعار النفط بلغت ذروتها عند 115 دولار للبرميل.

وقال لامير، المتخرج من معهد العلوم القانونية والإدارية بالجزائر العاصمة "شهادتي الجامعية بدون فائدة. أبحث عن وظيفة منذ عامين، لكن بدون جدوى".

وبخلاف جارتيها تونس والمغرب، لم تحرز الجزائر تقدما يذكر في جذب سياح أجانب، بينما يبتعد عنها المستثمرون خارج قطاع الطاقة بفعل المخاوف الأمنية والبيروقراطية المعوقة.

ولم يعزز برنامج قروض بدون فوائد، تم تطبيقه منذ عشرين عاما لتشجيع الشبان الجزائريين على بدء أنشطة أعمال خاصة بهم، الآمال بدعم القطاعات الأخرى غير الطاقة التي تشكل الآن ستة بالمئة فقط من الصادرات.

وقالت عزيزة باري (24 عاما) وتحمل شهادة في الاقتصاد من جامعة الجزائر، "تقدمت بطلبات للحصول على وظيفة في شركات عديدة، لكني لم أتلق سوى وعود".

وأظهرت بيانات رسمية أن إجمالي معدل البطالة في الجزائر في الربع الأول من 2018 بلغ 11.1 بالمئة، لكن نسبة البطالة كانت 26.4 بالمئة بين الشباب دون ثلاثين عاما والذين يشكلون ما يزيد عن ثلثي سكان البلاد البالغ عددهم 41 مليون شخص.

وقال البنك الدولي في تقرير "يعكس معدل البطالة... نموا ضعيفا خارج قطاع النفط والغاز... البطالة على وجه الخصوص مرتفعة بين المتعلمين والشباب والنساء".

لكن الأوضاع ليست كلها قاتمة، فقد أدى التعافي في أسعار النفط العالمية إلى زيادة بلغت 15 بالمئة في إيرادات الجزائر من النفط والغاز في السبعة أشهر الأولى من 2018 إلى 22 مليار دولار. وتدر صادرات الطاقة 95 بالمئة من إيرادات البلاد بالنقد الأجنبي.

وتفتح الجزائر تدريجيا أيضا قطاعات مثل الأغذية والأجهزة المنزلية والهواتف المحمولة أمام القطاع الخاص وهو ما ساعد القطاعات خارج مجال الطاقة على النمو 3.1 بالمئة في الربع الأخير من 2017، بحسب أحدث البيانات المتاحة، ارتفاعا من 2.5 بالمئة في الفترة المماثلة من عام 2016.

لكن رجال الأعمال يطالبون بخطوات أكثر جرأة، بما في ذلك زيادة الاستثمار في التعليم.

وقال علي حداد رئيس منتدى رؤساء المؤسسات الجزائرية في مؤتمر "تحتاج بلدنا إلى تسريع حركة التحول إلى اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار".

وعلى الرغم من ذلك، لا يزال خبراء اقتصاد يتشككون بشأن المستقبل.

وقال عبدالرحمن عية أستاذ الاقتصاد "لا أتوقع حدوث أي تحسن. سيكون من الصعب تدبير وظائف... سيتم استخدام الأموال الإضافية (التي يوفرها تحسن إيرادات النفط) في تمويل عجز الحكومة والواردات".