تعزيز العلاقة بين فيفا ومنظمة العمل الدولية في مونديال قطر

منذ حصولها على تنظيم البطولة في ديسمبر 2010، تعرضت قطر لانتقادات شديدة بشأن احترامها لحقوق الإنسان، وخاصة ظروف عمل وعيش مئات الآلاف من العمال الأجانب غير المهرة من جنوب آسيا وإفريقيا.

الدوحة - ناقش رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جاني إنفانتينو والمدير العام لمنظمة العمل الدولية جيلبرت هونغبو "التعاون المستقبلي" على هامش مونديال 2022 الأحد في قطر، بعد انتقادات شديدة لمنح الإمارة تنظيم البطولة.

وقال هونغبو في مقابلة مع وكالة فرانس برس قبيل الاجتماع إن منظمة العمل الدولية تقترح إجراء "مراجعة جادة" في ما يتعلق بالحقوق الاجتماعية للدول المرشحة لتنظيم البطولة، مضيفا أنه "متفائل إلى حد معقول" بشأن التوصل إلى اتفاق.

وعلق إنفانتينو في بيان نُشر بعد الاجتماع "نتحدث مع منظمة العمل الدولية منذ عدة سنوات ونريد أن نتأكد من تواصل تعاوننا المثمر مستقبلا"، مضيفا أن "تعزيز العلاقة بين فيفا ومنظمة العمل الدولية هو أيضا جزء من إرث كأس العالم 2022".

وأكد هونغبو لوكالة فرانس برس "كل النقاشات التي أجريناها حتى الآن دفعتني إلى الاعتقاد بأن فيفا أكثر من عازم على ضمان أن تحظى القضايا الاجتماعية واحترام معايير العمل ببالغ الأهمية في نهائيات كأس العالم المقبلة".

وتابع "العالم سيستفيد إذا ما أخذ مسار الترشح ومنح تنظيم كأس العالم والألعاب الأولمبية وغيرها من الرياضات في الاعتبار الوضع في البلدان المعنية".

وكان إنفانتينو ذكر خلال مؤتمر صحافي عشية انطلاق نهائيات كأس العالم، وجود "نقاشات حول مذكرة تفاهم مع منظمة العمل الدولية" والرغبة في "إقامة برامج بناء على الخبرة المكتسبة في قطر".

منذ حصولها على تنظيم البطولة في كانون الأول/ديسمبر 2010، تعرضت الإمارة الخليجية الصغيرة لانتقادات شديدة بشأن احترامها لحقوق الإنسان، وخاصة ظروف عمل وعيش مئات الآلاف من العمال الأجانب غير المهرة من جنوب آسيا وإفريقيا.

رداً على ذلك، أعلنت الدوحة إلغاء نظام "الكفالة" واعتماد حد أدنى للأجور يبلغ 1000 ريال شهريا (حوالي 270 يورو) والحدّ من ساعات العمل خلال الفترات الأشد حرارة.

وتدعو الاتحادات الدولية التي تفاوضت على هذه الإجراءات ومنظمة العمل الدولية التي فتحت مكتبا في الإمارة عام 2018، إلى تنفيذ تلك الإصلاحات على نحو أفضل.

كما تنفي الدوحة تقديرات بعض وسائل الإعلام الغربية والمنظمات غير الحكومية حول وفاة آلاف العمال في مواقع بناء مرتبطة بكأس العالم.

وفي سياق متصل بالعمالة، يأمل عمال مهاجرون أفارقة بالعمل في قطر بعد انتهاء البطولة.

وفي الدوحة تلك المدينة الآسيوية الواقعة على بعد نحو 60 كيلومترا يتطلع بعض المشجعين الأفارقة بالفعل إلى ما بعد النهائي.

وقال الأوغندي وامباكا إسحاق لرويترز "من جاؤوا للمشاركة في كأس العالم فقط سيعودون بالتأكيد بعد كأس العالم، لكن أمامي هنا مستقبل إذ لا يزال لدي عمل لأقوم به".

وأضاف "سنذهب لأعمال التنظيف والمكاتب وفي كل مكان (يوجد) الكثير من العمل، وبالطبع سيستمر هذا المبنى في العمل".

كان إسحاق، الذي يرتدي قميص منتخب بلاده بفخر، واحدا من آلاف العمال المهاجرين الذين شقوا طريقهم إلى منطقة المشجعين بعد غروب الشمس لمشاهدة مباراة فرنسا وبولندا التي أقيمت اليوم الأحد في إطار مباريات دور الستة عشر والتي أعقبتها مباراة انجلترا والسنغال.

وتتعرض قطر لانتقادات شديدة من جماعات حقوق الإنسان فيما يتعلق بمعاملة العمال المهاجرين الذين يشكلون مع أجانب آخرين غالبية السكان.

وقال شاب من كينيا يعمل في تيسير حركة المرور، رافضا الكشف عن اسمه عندما سئل عما إذا كان سيتمكن من البقاء بعد النهائي أم لا، "الأمر معقد".

وأضاف "عملت في بناء ملعب لوسيل و(ملعب) الثمامة. عملت مع مقاول، وبالتالي تذهب أينما يرسلونك. نحن اليوم حراس وفي الأسبوع المقبل ربما نعود للعمل في البناء مرة أخرى".

وتابع القول "كنا نعمل في الصيف عندما كان الجو حارا جدا ولأيام طويلة وشديدة الحرارة. كنت متعبا جدا طوال الوقت".

بالنسبة لرحيم، وهو سائق من بنغلادش يعمل في خدمات توفير السيارات لنقل الركاب، كانت السنوات التي قضاها في قطر صعبة، ولكن لا يوجد عمل في قريته لذلك يشعر أنه ليس أمامه خيار سوى البقاء.

وقال "أنا أعمل كل يوم، لسبعة أيام في الأسبوع. أولا يجب أن أدفع لشركة مقابل السيارة، فهي ليست ملكي. ثم علي أن أدفع ثمن طعامي والإيجار، وما يتبقى أرسله إلى عائلتي".

وأضاف "خلال الجائحة، لم يكن هناك عمل، لذا لم يكن هناك ما نعيش عليه. أحاول الادخار للعودة إلى الوطن، لم أر عائلتي منذ ثلاث سنوات ونصف السنة (ولكن) إذا عدت إلى الوطن لن أجد عملا، لذلك يجب أن أجمع مالا أكثر".

وقال رحيم إنه يود إحضار زوجته وابنته للعيش معه في قطر، لكنه لم يكسب ما يكفي من المال ليحقق ذلك، ولهذا ظلت الزوجة والابنة في بنغلادش.

ومنطقة المشجعين الرسمية للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) في المدينة الآسيوية، القريبة من أماكن سكن الكثيرين من العمال الوافدين، هي واحدة من الأماكن العامة القليلة في الدوحة التي تعرض مباريات كأس العالم على شاشات كبيرة في الهواء الطلق.

ويخرج الرجال في معظم الأمسيات للجلوس على العشب أو في مدرجات ملعب الكريكيت، حيث شُيدت منطقة المشجعين، لمتابعة المباريات. ولكن لأنهم يبدؤون يومهم في الصباح الباكر، يعود الكثيرون منهم إلى منازلهم للنوم قبل انطلاق صفارة النهاية.

ويعتمد الكثير من العمال على أرباب العمل للسماح لهم بالبقاء في قطر، والهدف هو ضمان قدرتهم على البقاء في وظيفة.

وجوناثان، وهو أوغندي آخر، ليس معجبا حقا بوظيفته كميكانيكي ويفضل تلقي التعليم، لكنه يسعى إلى البقاء في قطر لفترة طويلة بعد المباراة النهائية. وقال "سأبقى حتى ينتهي عقدي".