تعنت اتحاد الشغل يضع الشاهد أمام مهمة مستحيلة لحل الأزمة

إصرار الاتحاد العام التونسي للشغل على الزيادة في أجور الموظفين لن يمكن البلاد من تجاوز أزمتها الحالية في ظل النفقات الكبيرة التي تصرف على قطاع الوظيفة العمومية.
تم انتداب أكثر من 155 ألف موظف و120 ألف إطار في الوظيفة العمومية بين 2010 و 2014
اتهامات لحركة النهضة بالحاق المتمتعين بالعفو التشريعي العام بالوظيفة العمومية في فترة الترويكا

تونس ـ تبدو الحكومة التونسية أمام مهمة مستحلية في سنة 2019 لإيجاد حلول للأزمة الاقتصادية في ظل تمسك الاتحاد العام التونسي للشغل بزيادة أجور الموظفين العموميين وإنهاك ميزانية الدولة.

ويواجه رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد عقبات صعبة للتغلب على الأزمة الحالية خاصة وأن ما يقارب نصف ميزانية الدولة تذها كأجور للموظفين العموميين والقطاع العام وهو ما يستنزف ميزانية الدولة.

وتقدر ميزانية تونس لعام 2019 ب40 مليار و662 مليون دينار مقابل 37 مليار و 666 مليون دينار (محينة) أي بزيادة ب 8 بالمائة.

 وتبرز المعطيات الإحصائية الخاصة بمشروع الميزانية لسنة 2019 أن الحكومة تطمح إلى حصر عجز الميزانية في حدود 3.9 بالمائة مقابل 4.9 بالمائة في 2018 وستحافظ الموارد الذاتية للدولة على نفس النسبة أي من حوالي 75 بالمائة 2019 وبخصوص نسبة النمو المراد تحقيقها فان الحكومة تطمح إلى بلوغ نسبة 3.1 بالمائة مقابل 2.6 بالمائة لسنة 2018 بعد تحيينها.

 وبدأ الاتحاد العام التونسي للشغل مفاوضات جديدة مع الحكومة خلال الأسبوع الجاري في مسعى للتوصل إلى اتفاق بشأن الزيادة في الأجور في الوظيفة العمومية قبل الإضراب العام المقرر بعد نحو أسبوعين.

وقال الأمين العام المساعد للاتحاد سامي الطاهري الاثنين، إن جلسة مفاوضات جديدة ستنطلق بداية كانون ثان/يناير حول ملف الزيادات في الأجور، بعد فشل آخر جلسة مع وفد الحكومة.

وأوضح الطاهري في تصريح إذاعي"وفد الاتحاد لم يتوصل إلى اتفاق مع الحكومة في آخر جلسة لأنها قدمت مقترحات هزيلة".

ويقول مراقبون إن إصرار الاتحاد التونسي للشغل على الزيادة في أجور الموظفين العموميين لن يمكن البلاد من تجاوز أزمتها الحالية في ظل النفقات الكبيرة التي تصرف على قطاع الوظيفة العمومية دون مردودية وإنتاجية كبيرة.

أزمة اقتصادية متفاقمة
الشاهد في مفاوضات موسعة لايجاد توافاقت مع الاتحاد

وهناك أكثر من 650 ألف مووظف عمومي في تونس يتقاضون أجورهم من الدولة ويصر الاتحاد على ترفيع أجورهم وهو ما يزيد من إنهاك الدولة.

وارتفع عدد الموظفين العموميين في تونس بشكل كبير عقب الثورة، ووفق احصائيات رسمية نشرها المعهد الوطني للإحصاء فإنه تم  انتداب أكثر من 155 ألف موظف و120 ألف إطار في الوظيفة العمومية بين 2010 و 2014

وحسب نفس المصدر فإن أكبر عدد من الانتدابات في الوظيفة العمومية حدث بين 2011 و 2012 حيث تم انتداب 88.164 عون عمومي في هذه الفترة (من 444.905 إلى 533.069) بينما شهدت نفس الفترة انتداب 84560 إطارا (من 352.194 إلى 436.754).

وتواجه حركة النهضة الإسلامية اتهامات بأنها أغرقت الوظيفة العمومية بانتدابات كبيرة في فترة حكم الترويكا في اطار الحاق العديد من الأشخاص المتمتعين بالعفو التشريعي الخاص بالوظيفة العمومية.

ويسود توتر بين اتحاد الشغل والحكومة بسبب الفشل في التوصل إلى اتفاق حول زيادات الأجور في الوظيفة العمومية، ما أدى إلى إعلان إضراب عام شمل أكثر من 650 ألف موظف واحتجاجات أمام مقر البرلمان في 22 تشرين ثان/نوفمبر الماضي.

وقال الاتحاد إنه سينظم إضرابا عاما ثانيا يشمل القطاع العام والوظيفة العمومية يوم 17 كانون ثان/يناير. وفي غضون ذلك، يخوض قطاع التعليم بشكل خاص إضرابات واحتجاجات مستمرة.

وأجرى الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الجمعة الماضي وساطة بين ممثلي الاتحاد والحكومة بحضور ممثلي الأحزاب الداعمة لحكومة يوسف الشاهد بهدف البدء في مشاورات للوصول إلى حلول توافقية.

وتقول الحكومة، التي تواجه صعوبات في المالية العمومية وضغوطا من المؤسسات المالية المقرضة للسيطرة على كتلة الأجور، إن التفاوض يجب أن يكون في نطاق قدرة الدولة على تلبية المطالب المالية.

وشدد السبسي على "ضرورة مواصلة الحوار بين كل الأطراف على قاعدة تغليب المصلحة الوطنيّة، والترفّع عن الحسابات السياسيّة الضيقة، وإيجاد حلول جذريّة كفيلة بتفكيك عناصر الأزمة الراهنة".

ودعا السبسي، إلى "اتّخاذ القرارات الشجاعة والجريئة (لم يحددها) الكفيلة بإعادة الأمل للتونسيين، وصيانة المسار الديمقراطي، وحماية الدولة من الأخطار المحدقة بها، مع الولاء فقط لتونس، والمصلحة العليا لشعبها."

‎وأضاف "دخلنا في مضاعفات أمنية وشعبية تجعلنا نخشى مستقبلا على تونس، وتدخلنا في نسق تصاعدي نحو الأزمة".

وتابع "نحن مقبلون على عام جديد هام ستكون فيه محطات سياسية مهمة منها الانتخابات التشريعية والرئاسية (في خريف 2019) والقمة العربية (مقرر انعقادها بتونس في مارس/آذار) يجب أن يكون المناخ السياسي بها إيجابيا".

وقرر الرئيس مع المجتمعين "استئناف الحوار بين اتحاد الشغل والحكومة، للخروج بحل للأزمة، وسيكون هناك اجتماع الأسبوع القادم لذلك."‎