تعنت الحوثيين يضع هدنة الحديدة على حافة الانهيار

استقالة رئيس فريق الأمم المتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار من منصبه  تكشف عن إمكانية انهيار اتفاق السلام وتجدد القتال في المدينة الساحلية.

الحوثيون مستمرون في حفر الخنادق وإقامة الحواجز
لا تجاوب حوثيا مع جهود الأمم المتحدة لإنهاء التوتر
التوتر يخيم على الحديدة مع تجدد الاشتباكات وسط هدنة هشّة

دبي/عدن - يخيم التوتر على مدينة الحديدة بعد تمسك الحوثيين بعدم الانسحاب من المدينة الساحلية واستقالة المسؤول الأممي على فريق مراقبة وقف إطلاق النار الجنرال الهولندي المتقاعد باتريك كمارت من منصبه، ما ينذر بانهيار الهدنة وتجدد المعارك.  

وفشل الطرفان المتحاربان في اليمن في سحب قواتهما من الميناء الرئيسي بموجب هدنة لمدة شهر، الأمر الذي يعرض أول تقدم دبلوماسي في الحرب المستمرة منذ أربع سنوات للخطر ويجدد التهديد بشن هجوم شامل يمكن أن يفاقم الوضع المتأزم.

وكشفت استقالة مسؤول الأمم المتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار، الذي قرر ترك المنصب هذا الأسبوع بعد أيام من إطلاق النار على قافلته، عن إمكانية انهيار اتفاق السلام.

وإذا تجدد القتال حول ميناء الحديدة، فيمكن أن يقطع طريق الإمداد الرئيسي إلى البلاد، مما لا يترك مجالا لإطعام ملايين الأشخاص على شفا المجاعة.

وقال آدم بارون من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "هذه الأسابيع القادمة تجدد أو تنهي الصراع. سنرى إما استعادة المسار السياسي أو سنرى على الأرجح تصعيدا عسكريا كبيرا".

وصمدت الهدنة نفسها إلى حد كبير في ميناء الحديدة منذ دخولها حيز التنفيذ قبل شهر، لكن الاشتباكات تصاعدت يوم الأربعاء عند بؤر توتر على مشارف المدينة.

وتعثر انسحاب القوات من الجانبين الذي كان من المفترض أن يتم بحلول السابع من يناير/كانون الثاني. وينظر إلى سحب القوات على أنه إجراء محوري لبناء الثقة اللازمة للمحادثات السياسية.

وأقر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأسبوع الماضي بأن "انعدام الثقة" أصبح "عاملا معقدا" في محاولة إقناع الطرفين بالحوار.

وينص الاتفاق أيضا على مسار سياسي للمحادثات لإنهاء الحرب، لكن الافتقار إلى التقدم يمكن أن يختبر صبر التحالف العربي ومن ضمنه دولة الإمارات التي تقود العمليات العسكرية على ساحل اليمن المطل على البحر الأحمر.

والتزم التحالف بالاتفاق وأكد دعمه للجهود الأممية على طريق إنهاء الصراع وتسوية الأزمة وفقا لقرارات الشرعية الدولية.

وقال عبدالله عبدالباري وهو موظف حكومي يبلغ من العمر 51 عاما ويقيم في الحديدة "يشعر الناس بالقلق من أن الحرب ستشتعل مجددا بعد الفشل في تنفيذ الاتفاق".

مارتن غريفيث مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن
غريفيث في سباق مع الزمن لمنع انهيار اتفاق السويد

وجاءت استقالة باتريك كمارت رئيس بعثة الأمم المتحدة المكلفة بالإشراف على اتفاق السلام في الحديدة هذا الأسبوع بعد فشل الوسطاء في عقد اجتماع لمناقشة إعادة نشر القوات خارج الحديدة.

وقالت مصادر، إن لجنة تنسيق إعادة الانتشار اجتمعت مرتين في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، لكن محاولات عقد اجتماع ثالث في المناطق التي تسيطر عليها قوات التحالف فشلت لأن الحوثيين لم يكونوا على استعداد لعبور خطوط المواجهة.

واتهم الحوثيون كمارت بالتحيز ضدهم. وقال محمد عبدالسلام المتحدث باسم المتمردين، إن رئيس كمارت، مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث، ما لم يتعامل مع الأمر فسيكون من الصعب التحدث عن أي شيء آخر.

كان غريفيث يقوم برحلات مكوكية في الأيام الأخيرة بين العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون والرياض في محاولة لإنقاذ الاتفاق والبناء على التقدم المحرز في تبادل السجناء المتفق عليه في ستوكهولم ولكن لم يتم الانتهاء منه بعد.

وقالت إليزابيث ديكنسون المحللة في المجموعة الدولية للأزمات "إنها لحظة هشة للغاية. ما زال الناس ملتزمين سياسيا ولفظيا باتفاق ستوكهولم كأفضل سبيل للمضي قدما. السؤال المطروح هو ما إذا كان بوسعنا تحقيق تقدم ملموس على الأرض".

الحوثيون مستمرون في بناء وتعزيز الحواجز والخنادق وحواجز الطرق في الحديدة بلا رادع ولا تحرك أممي يضع حدا لانتهاكاتهم

وتبدي الدول العربية مؤشرات متزايدة على نفاد صبرها. وألقى وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش يوم الأربعاء باللوم على السلوك المتعنت للحوثيين.

وقال دبلوماسي في الخليج، إن الثقة تآكلت أكثر بعد الهجوم العسكري الذي شنه الحوثيون في العاشر من يناير/كانون الأول على عرض عسكري للحكومة اليمنية، أعقبه غارات جوية للتحالف على أهداف عسكرية للحوثيين في صنعاء.

وقال مصدر مطلع على الأمر، إن الإمارات شعرت بالحاجة إلى تجديد الضغط على الحوثيين.

وقال سكان وموظفو إغاثة إن الحوثيين مستمرون في بناء وتعزيز الحواجز والخنادق وحواجز الطرق في الحديدة. وجعلت خطوط المواجهة المتوترة من الصعب إقامة ممرات إنسانية لمساعدة عشرة ملايين يمني يواجهون المجاعة.

وقالت سوزي فان ميجن من المجلس النرويجي للاجئين "بعض المواد الغذائية والوقود تأتي من ميناء الحديدة وتتحرك عبر البلاد، لكن الطرق الرئيسية مغلقة مما يحولها إلى طرق أطول والقتال مستمر مما يهدد سلامة النقل".

ولا يزال برنامج الأغذية العالمي غير قادر على توصيل 51 ألف طن من القمح يكفي لإطعام 3.7 ملايين شخص لمدة شهر منذ سبتمبر/أيلول 2018 في منطقة معزولة بالحديدة.

وقال فرانك ماكمانوس من لجنة الإنقاذ الدولية إن القيود على دخول الحديدة زادت في الحديدة خلال الأسبوعين الماضيين. في إحدى الحالات، لم يتسن إيصال الأدوية إلى عيادات صحية معينة. وفي حالة أخرى، لم يُمنح فريق صحي متنقل الإذن بزيارة بعض المواقع.

وأضاف "بعد اتفاق ستوكهولم مباشرة شهدنا تحسنا في الوضع الأمني، لكن تلك الأيام قد ولت".