تغيرات بيولوجية مفاجئة تحدث للبشر في الفضاء

دراسة ناسا لرائد أمضى عاما في الفضاء بينما بقي شقيقه التوأم على الأرض، تقدم معلومات مهمة حول تأثيرات رحلة الفضاء الطويلة على جسم الإنسان.
البشر أكثر شبابا في الفضاء
الدراسة مفتاح التخطيط لمهمة مأهولة إلى المريخ في المستقبل
المراجعة الأكثر شمولية لتفاعل جسم الإنسان خلال رحلات الفضاء
الأداء المعرفي ينخفض بعد العودة من الفضاء من حيث السرعة والدقة
العيش في الفضاء يسبب أمراض القلب والجلطات

واشنطن - تقدّم دراسة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) لرائد أمضى عاما في الفضاء بينما بقي شقيقه التوأم على الأرض، معلومات مهمة حول تأثيرات رحلة الفضاء الطويلة على جسم الإنسان، وهو مفتاح التخطيط لمهمة مأهولة إلى المريخ في المستقبل.
فقد أمضى رائد الفضاء الأميركي سكوت كيلي عاما في محطة الفضاء الدولية بينما بقي التوأم المطابق له مارك كيلي، رائد الفضاء السابق في "ناسا"، على الأرض.
ووجد الباحثون الذين أجروا "دراسة التوأمين في ناسا" أن معظم التغيرات التي حدثت لدى سكوت خلال فترة وجوده في الفضاء، عادت إلى طبيعتها بعد أشهر من عودته إلى الأرض.
وكانت النتائج التي نشرتها مجلة "ساينس" العلمية مشجعة للعلماء والمهندسين الذين يخططون لرحلات سفر بين الكواكب، مثل رحلة إلى المريخ، وهي مهمة قد تستمر من سنتين إلى ثلاث سنوات.
وقالت الطبيبة سوزان بيلي من جامعة ولاية كولورادو "إن هذه الدراسة هي المراجعة الأكثر شمولية لتفاعل جسم الإنسان خلال رحلات الفضاء، التي أجريت على الإطلاق".
وقال الطبيب ستيفن بلاتس نائب كبير العلماء في برنامج الأبحاث البشرية التابع لـ"ناسا" إن هذه الدراسة "ستوجّه أبحاث الفضاء الطبية الحيوية في المستقبل، وستسمح لنا برحلة أكثر أمانا من المريخ وإليه".

وباستخدام مارك كمرجعية، وثّق 84 باحثا من 12 جامعة الآثار الجزيئية والمعرفية والفزيولوجية خلال العام الذي أمضاه سكوت في الفضاء.
وأمضى سكوت (50 عاما) وهو رائد شارك في مهمتين من مهمات المكوكات الفضائية الأميركية، 340 يوما متتاليا في محطة الفضاء الدولية، من 27 مارس/آذار 2015 إلى الأول من مارس/آذار 2016.
وقد جرت مراقبته قبل الرحلة وبعدها وخلال فترة وجوده في المحطة. وأعيدت عينات الدم والبول والبراز إلى الأرض بواسطة مركبات مخصصة لنقل المؤن والمعدات.
وفي الوقت نفسه، راقب العلماء مارك على الأرض، وهو أيضا رائد فضاء سابق شارك في أربع مهمات فضائية.
غثيان ودوار
وقال أندي فاينبرغ من جامعة جونز هوبكنز إن الفريد في هذه الدراسة هي أنهما "توأمان وبالتالي لديهما الرموز الوراثية نفسها"، وأضافت بيلي أنه نتيجة لذلك، "يمكن عزو كل الاختلافات الموجودة أثناء الرحلة الفضائية" إليها.
وقال الدكتور مايكل سنايدر من جامعة ستانفورد إن هناك "الآلاف من التغيرات الجينية والجزيئية التي تحدث عندما يذهب شخص ما إلى الفضاء".
وأضاف "كل الجينات عادت إلى وضعها الطبيعي (لدى سكوت) بعد ستة أشهر. وعودة الأمور إلى ما كانت عليه بعد الرجوع إلى الأرض هو أمر مطمئن".

وقال سكوت إنه شعر بإرهاق كبير بعد عودته من محطة الفضاء الدولية وأرجع ذلك بشكل رئيسي إلى مسألة التكيف مع الجاذبية.
وأضاف "شعرت كأنني مصاب بالإنفلونزا. شعرت بالغثيان وبالدوار"، كما عانى من آلام في المفاصل والعضلات ومن الطفح الجلدي.
وقال الدكتور ستيوارت لي من مركز جونسون للفضاء التابع للوكالة الأميركية إن سماكة جدار الشريان السباتي أخذت لكل من سكوت ومارك، وهو أمر قد يكون مؤشرا على الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية أو خطر السكتة الدماغية.
وأوضح لي "النتائج الرئيسية التي توصلنا إليها لدى سكوت هي أن جدار الشريان السباتي أصبح أكثر سمكا في وقت مبكر من الرحلة وظل كذلك طوال المهمة".أما مارك فلم يحصل لديه هذا الأمر.
كما أن سكوت عانى من فقدان في الوزن بسبب سوء التغذية في الفضاء وعدم ممارسة الرياضة. كما فقد أيضا 7% من كتلة جسمه خلال فترة إقامته في المحطة، فيما كسب مارك حوالى 4% خلال الفترة نفسها.
وفي أحد الاختبارات أعطي كل من سكوت ومارك لقاح ضد الإنفلونزا. وقد ظهرت استجابة مناعية مماثلة لدى الشقيقين.
وخضع التوأمان أيضا لمجموعة من الاختبارات المعرفية قبل الرحلة وأثنائها وبعدها وتبيّن أن أداء سكوت المعرفي انخفض بعد الرحلة من حيث السرعة والدقة.

رائد الفضاء سكوت كيلي
هل عاد كما كان!

طول التيلوميرات 
درس كريس مايسون عالم الوراثة في مركز "فيل كورنيل ميديسن" الطبي كيف تؤثر البيئة الفريدة للفضاء على الجينات.
وقال "الغالبية العظمى، أي أكثر من 90%" من التغيرات التي جرت ملاحظتها، لم تعد موجودة بعد عودة سكوت إلى الأرض.
وكانت الأبحاث الأكثر إثارة للاهتمام هي التي أجراها فريق بيلي والمتعلقة بالتيلوميرات، وهي موجودة في نهاية الكروموزومات وعادة ما تتقلص مع التقدم في العمر، ما يجعلها علامة على الشيخوخة أو على الاخطار الصحية الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية أو السرطان.
وقد قوّم فريق بيلي طول التيلوميرات لدى سكوت ومارك قبل الرحلة ووجد أنها متشابهة للغاية.
والمفاجأة كانت أن سكوت واجه "تمددا محددا للتيلوميرات" خلال فترة وجوده في محطة الفضاء الدولية.
لكن بيلي حذّرت من أن النتيجة "لا يمكن أن ينظر إليها على أنها ينبوع الشباب وأن يتوقع الناس العيش لفترة أطول لأنهم في الفضاء".
وأوضحت أنه كان هناك "تقلص سريع للغاية" في طول التيلومير بعد عودة سكوت إلى الأرض وهو خسر أيضا بعض التيلوميرات لسبب غير معروف.
وأضافت بيلي أن فريقها لم يتوصل إلى سبب لتمدد التيلومير لكنه كان يبحث في ما إذا كان التعرض للإشعاع في الفضاء أو الالتهاب أو الإجهاد مسؤولا عن ذلك.