تغييرات عسكرية في العراق تحيل الى التدخلات الإيرانية

قرار نقل عبدالوهاب الساعدي من جهاز مكافحة الإرهاب إلى وزارة الدفاع يثير مخاوف ساسة عراقيين ويأتي بعد تهديد السفير الايراني في بغداد باستهداف القوات الأميركية.
مخاوف من استنساخ الحرس الثوري الايراني في العراق باضعاف القوات الحكومية ودعم نفوذ الحشد

بغداد - عبر مسؤولون عراقيون عن مخاوفهم من مخططات إيرانية لإضعاف المؤسسة العسكرية العراقية بعد قرار نقل الفريق الركن عبدالوهاب الساعدي من جهاز مكافحة الإرهاب إلى وزارة الدفاع.
وطالبت لجنة الامن والدفاع النيابية رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي بتوضيح قرار نقل الساعدي مؤكدة انها ستستمع الى شهادته في البرلمان.
وكشف نائب قائد العمليات في جهاز مكافحة الارهاب العراقي في تصريح لموقع "ناس نيوز المحلي" الجمعة انه اتصل برئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة واستفهم عن سبب القرار "لكنه لم يجد اجابة مقنعة".
وأكد الساعدي ان عبدالمهدي تحدث عن كفائته ولكنه لم يتحدث عن اسباب النقل متابعا "رئيس الوزراء اخبرني انها مجرد عملية تدوير هل هذا جزاء خدمتي الجيدة إذن؟!".

رئيس الوزراء اخبرني انها مجرد عملية تدوير هل هذا جزاء خدمتي الجيدة إذن

وتابع "ما حصل عقوبة وإساءة وإهانة للي ولرتبتي العسكرية ولم أجلب رتبتي من الشارع، وجميع الضباط في قيادة القوات الأمنية الآن، تدربوا على يدي في كلية الأركان".
وغضب عبدالوهاب الساعدي الذي ساهم في الانتصار على تنظيم داعش في الموصل سنة 2017 ليس بعيدا عن المساعي الايرانية للتدخل في الشان الداخلي العراقي والسيطرة على المؤسسات العراقية خاصة الأجهزة الامنية والعسكرية.

ويتحدث مراقبون ان عبدالمهدي يتعرض لضغوطات ايرانية بعد سعيه لمواجهة نفوذ طهران في الاجهزة العسكرية والامنية ما دفع به الى اتخاذ قرار نقلة الساعدي وذلك للتخفيف من ذلك الضغط.
وكان السفير الايراني في العراق ايرج مسجدي هدد الجمعة باستهداف القوات الأميركية في العراق في حال تعرض بلاده لأي اعتداء من قبل واشنطن. 
وقال السفير الإيراني في مقابلة تلفزيونية مع قناة دجلة المحلية، "الجمهورية الإسلامية لا تريد الحرب مع الأميركيين أو أي أحد آخر"، مبيناً أن "الحرب ليست لصالح الولايات المتحدة وإيران".
وأضاف، أن "الأميركيين يقولون دائماً إن الخيار العسكري موجود على الطاولة، وبالمقابل لم نتحدث يوماً عن أي حل عسكري، وموقفنا هو موقف دفاعي، ولكننا سنرد على أي أحد إذا اعتدى علينا، وخيارات الدفاع عن أنفسنا مفتوحة بكل الطرق". 
وأكد السفير الإيراني لدى العراق وهو مستشار سابق لقائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، أن "إيران وفي حال تعرضها لاعتداء عسكري من الولايات المتحدة، سترد بقوة وستقصف التواجد الأميركي في العراق أو أي مكان آخر".

وقد اثار تصريح السفير الايراني استنكارا كبيرا من قبل الساسة العراقيين واصاب الحكومة بإحراج مع تنامي النفوذ الايراني.
واكدت وزارة الدفاع العراقية في بيان ان بغداد ترفض أن تتحول إلى ساحة للصراع الأميركي الإيراني، مشددا على أن الاراضي العراقية "خط أحمر".
ونقل البيان عن المتحدث باسم الوزارة، اللواء تحسين الخفاجي، رفضه أن "يتحول العراق إلى ساحة للصراع بين أي متصارعين".

العراق يرفض التهديدات التي تطلقها إيران أو الولايات المتحدة والتي تهدد مصالح البلدين وأكدنا أن الأراضي العراقية خط أحمر

وأضاف أنّ "العراق يرفض التهديدات التي تطلقها إيران أو الولايات المتحدة والتي تهدد مصالح البلدين، وأكدنا أن الأراضي العراقية خط أحمر".

وشدد على أن "العراق لن يكون منطلقا للاعتداء على إيران، كما لن يسمح بأن يتم تهديد المصالح الأميركية على أراضيه".
وتحدثت مصادر مقربة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر انه غير راض على اقالة الساعدي وإحالته الى وزارة الدفاع مشيرا الى امكانية تدخل مقتدى الصدر من أجل الغاء هذا الأمر أو إعطاء منصب عسكري جديد للساعدي.
بدوره قال زعيم تيار الحكمة الوطني المعارض عمار الحكيم في تغريدة على تويتر "ان هكذا إجراء حينما يكون بديلا عن المكافأة والتقدير فانه يبعث رسالة مغلوطة ليس فقط عن آليات إدارة الملف الامني حسب بل عن ادارة الدولة بشكل عام".

ويتخوف العراقيون بان تكون عملية نقلة الساعدي محاولة ايرانية لتشكيل حرس ثوري جديد في العراق بعد اضعاف الاجهزة العسكرية الرسمية ودعم ميليشيات الحشد الشعبي في مقابل ذلك.

وتتصاعد هذه المخاوف بعد قرار عزل 9 قادة من أبرز الضباط الذين قادوا معارك استعادة المحافظات الغربية والشمالية من تنظيم داعش خلال التسعة شهور الماضية.

وتحاول طهران العمل على مزيد فرض هيمنتها على القرار السياسي العراقي وذلك باستغلال نفوذ حلفائها لرسم السياسات العراقية رغم محاولات بعض الساسة العراقيين على غرار عبدالمهدي الناي بالبلاد عن الصراعات في المنطقة.

ويبدو ان ايران الغارقة في وحل الأزمات التي افتعلتها في المنطقة تريد ان تجعل من العراق ساحة لتصفية حساباتها مع الولايات المتحدة رغم المقاومة التي يبديها بعض المسؤولين العراقيين.
ويصر عبدالمهدي على تبني سياسة تقلل مكن حجم النفوذ الإيراني في الأجهزة الامنية وذلك من خلال التغييرات الهيكلية التي يجريها على قيادة الحشد الشعبي باستبعاد القيادات المتشددة والتي يدين أغلبها بالولاء لإيران لاحتواء الغضب الدولي والإقليمي بعد استهداف الحرس الثوري الإيراني منشأتي نفط سعوديتين في 14 سبتمبر/أيلول.
وتشير وثيقة مسربة كانت صحيفة العرب اللندنية قد نشرت فحواها إلى إقرار هيكلية جديدة للحشد الشعبي تتيح لفالح الفياض (رئيس هيئة الحشد الشعبي)، لعب دور كبير على حساب أبومهدي المهندس المقرب من الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني.
والجنرال سليماني هو قائد المهمات الخارجية في الحرس الثوري وأصبح يتمتع بنفوذ واسع في إيران وهو مهندس العمليات الخارجية والمشرف الفعلي على الميليشيات الشيعية في العراق وسوريا واليمن.
ولا تستبعد مصادر عراقية أن يكون لإيران دور في تأجيج الحراك السياسي الحالي ضدّ عبدالمهدي الذي وجد نفسه أمام اختبار صعب لإحداث توازن في علاقات بلاده مع حليفيه الخصمين إيران والولايات المتحدة.
وسبق أن حذّر سياسيون عراقيون من تحول العراق إلى ساحة حرب بالوكالة على ضوء النفوذ الواسع للميليشيات الموالية لإيران والتي قد تندفع مع تنامي التوتر بين واشنطن وطهران إلى مواجهة مع القوات الأميركية المنتشرة على الأراضي العراقية وأيضا السورية.
وحاول عبدالمهدي تحصين الحشد الشعبي من أي استهداف داخلي بأن أدمج فصائله في القوات المسلحة لتصبح جزء من القوات العراقية النظامية مع ما يحمل ذلك من مخاطر التغلغل الإيراني في مفاصل المؤسستين العسكرية والأمنية.

رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي والمرشد الاعلى الايراني علي خامنئي
عبدالمهدي يسعى لتقليل التاثير الايراني في المشهد العراقي

لكن إدماج الحشد في القوات المسلحة العراقية لم يحل دون تعرض مقاره في العراق ومواقعه على الحدود مع سوريا لهجمات متواترة بطائرات مسيرة.
واتهم أبومهدي المهندس في السابق الولايات المتحدة وإسرائيل بتنفيذ تلك الغارات، إلا أن رئيس هيئة الحشد فالح الفياض نفى حينها في تصريح يناقض تصريح المهندس، أي دور محتمل لواشنطن في استهدف مقار ومواقع الحشد.
وتحاول العراق ايجاد منفذ تستطيع من خلاله الحفاظ على علاقاتها بايران من جهة والولايات المتحدة من جهة اخرى.
ويخشى العراق أن يتم الزج به في أي حرب في المنطقة بين إيران والولايات المتحدة. ويوجد بالعراق قوات أميركية وجماعات شبه عسكرية موالية لطهران.
وكان الرئيس الاميركي دوالد ترامب طالب نظيره العراقي برهم صالح اثناء لقاء جمعه به على هامش هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، الاربعاء الى ضرورة مواجهة نفوذ ايران.
ويتصاعد التوتر بين إيران ومجموعات حليفة لها في دول عربية من جهة والولايات المتحدة الأميركية وحلفاء خليجيين وغربيين لها من جهة أخرى، على خلفية ملفات، أبرزها: حرية الملاحة البحرية في ممرات المنطقة، وخاصة مضيق هرمز، وأمن منشآت النفط، والبرنامج النووي الإيراني.