تفاهمات السويد لحل الأزمة اليمنية مهمّة لكن تنفيذها صعب

في مؤشر قوي على هشاشة الاتفاقيات التي توصلت إليها طرفا النزاع اليمني برعاية أممية في السويد، دفع الحوثيون بتعزيزات للحديدة بعد يوم واحد من اختتام جولة المفاوضات الخامسة رغم أن الحديدة مشمولة بوقف إطلاق النار وانسحاب قوات طرفي القتال منها.

اتفاقيات السويد هي الأهم منذ اندلاع النزاع اليمني في 2014
اتفاقيات السويد تؤسس نظريا فقط لحل الأزمة اليمنية
محللون يرون أن تنفيذ اتفاقيات السويد يحتاج لضغط دولي
الحوثيون دأبوا على خرق أي اتفاق بذرائع مختلفة

دبي - يرى محللون أن الاتفاقات التي تم التوصل إليها في السويد حول اليمن هي الأهم منذ بداية الحرب لوضع البلد الفقير على سكة السلام، لكن تنفيذها على الأرض تعترضه صعوبات كبيرة.

وفي مؤشر على هشاشة تفاهمات السويد، دفع المتمردون الحوثيون بالمزيد من التعزيزات إلى الحديدة التي يفترض أنها مشمولة باتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب طرفي القتال منها.

وكان واضحا منذ البداية أن مشاركة وفد الحوثيين في مشاورات السويد كانت كما يقول متابعون للشأن اليمني، مجرد مناورة لكسب الوقت وإعادة ترتيب الصفوف.

ومن المبكر جدا الحكم على مدى التزام المتمردين بتفاهامات السويد، لكن تجارب سابقة أثبتت سرعة جنوحهم للتصعيد.  

ويشير المحللون إلى أن دخولها حيز التنفيذ يتطلب ممارسة ضغوط كثيرة على الأطراف المتنازعة وصدور قرار عن مجلس الأمن الدولي يتبناها ويضفي عليها طابعا قانونيا.

وتقول الباحثة في معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية كاميل لونز "لا يجب الإفراط في الحماسة. علينا أن نتابع كيف سينفذ الانسحاب من الحديدة على الأرض. هذا الأمر قد يتحول إلى كابوس بالنسبة للأمم المتحدة".

وتوصّلت الحكومة اليمنية والمتمردون الحوثيون في السويد إلى اتفاق لسحب القوات المقاتلة من مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر ومينائها الحيوي ووقف إطلاق النار في المحافظة التي تشهد مواجهات على عدة جبهات.

كما اتّفق طرفا النزاع على التفاهم حيال الوضع في مدينة تعز (جنوب غرب) التي تسيطر عليها القوات الحكومية ويحاصرها المتمردون وعلى تبادل نحو 15 ألف أسير وعقد جولة محادثات جديدة الشهر المقبل لوضع أطر لسلام ينهي الحرب المستمرة منذ 2014.

ولم يسبق أن توصل أطراف النزاع إلى اتفاقات مماثلة في جولات محادثات سابقة. وشكّل الإعلان عن التوصل إلى اتفاق حول مدينة الحديدة في الساعات الأخيرة من المحادثات التي جرت في بلدة ريمبو وهي الأولى منذ 2016، مفاجأة للخبراء ولليمنيين الذين يعتمد ملايين منهم على ميناء مدينة الحديدة للبقاء على قيد الحياة.

وتقول لونز "لم يتوقع المراقبون أن يتم التوصل إلى اتفاق" حول الحديدة، معتبرة أن الوسيط الأممي مارتن غريفيث حقّق "إنجازا جيدا بوضع الطرفين حول طاولة والتوافق حول عدد من الإجراءات".

وينص الاتفاق حول مدينة الحديدة الواقعة تحت سيطرة الحوثيين منذ 2014، على إعادة انتشار لقوات الطرفين وبالتالي على انسحاب للحوثيين من مدينة الحديدة، على أن يجري تسليم إدارتها إلى عناصر أمن محلية بمساعدة من الأمم المتحدة. وتم التوصل إليه بالتوافق، لكن لم يتم التوقيع عليه.

وترى المحللة اليمنية ندوى الدوسري أن "الشيطان يكمن في التفاصيل".

ولم يحدد الاتفاق العناصر المحلية التي ستتولى الأمن في المدينة والتي قد تتشكّل من جهاز الشرطة. كما لم يحدّد موعدا رسميا لبدء التنفيذ، لكن مسؤولين في طرفي النزاع قالوا لوسائل إعلام يمنية إن وقف إطلاق النار يبدأ منتصف ليل الخميس والجمعة.

وفور الإعلان عن الاتفاقات، دعت مجموعة الأزمات الدولية مجلس الأمن "لأن يستعد لأي احتمال"، معتبرة أن "عليه أن يجهّز مسودة قرار جديد يهدف إلى وقف المعركة في مدينة الحديدة".

ورأت أن صدور قرار مماثل سريعا "سيساعد على تعزيز المكاسب التي تحقّقت في السويد وسيمنع التدهور قبل جولة المحادثات المقبلة" التي قد تعقد في أواخر يناير/كانون الثاني. ومن المقرر أن يطلع غريفيث الجمعة مجلس الأمن على نتائج مفاوضات السويد.

وفي مؤشر على هشاشة الاتفاق، اندلعت اشتباكات في شرق الحديدة مساء الخميس وسمع دوي أصوات المدافع والأسلحة الرشاشة لساعات قبل أن تتوقف تماما عند منتصف الليل، بحسب سكان.

واتّهم مسؤول في القوات الموالية للحكومة المتمردين بجلب تعزيزات إلى المدينة بعيد الإعلان عن الاتفاق، موضحا أن "ست حافلات أجرة وصلت إلى الحديدة وعلى متنها مقاتلون حوثيون".

وفي المقابل، اتّهم المتمردون مساء الخميس عبر قناة المسيرة المتحدثة باسمهم، التحالف الذي تقوده السعودية دعما للقوات الموالية للحكومة، بشن غارات على محافظة الحديدة، وبإطلاق قذائف على مواقع في شرق المدينة.

وترى الباحثة في شؤون الشرق الأوسط في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى دانا سترول أن مفاوضات السويد "أوجدت فرصة لتحقيق تقدم، لكن الضغط على الأطراف (النزاع) ضروري لحماية المكتسبات ومنع هذا المسار الجديد من الانهيار".

وشددت أن على مجلس الأمن الدولي "ترسيخ التقدم عبر تبنيه" في قرار.

وكانت القوات الموالية للحكومة تمكّنت الشهر الماضي من دخول الحديدة من جهتيها الشرقية والجنوبية، مدعومة بطائرات التحالف العسكري وبنحو خمسة آلاف جندي إماراتي، بحسب أبوظبي، الشريك الرئيسي في التحالف والتي تقود الحملة العسكرية باتجاه ميناء الحديدة.

ورحبت الإمارات إلى جانب السعودية والولايات المتحدة ودول أخرى، بالاتفاقات التي وصفتها الحكومة اليمنية المعترف بها بأنها الأهم منذ 2014.

وفي الرياض، أعربت السعودية عن تأييدها للاتفاقات، مؤكدة أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز ونجله ولي العهد الأمير محمد الذي يتولى أيضا منصب وزير الدفاع، يؤيدان الوصول إلى حل سياسي.

وتشكّك سترول في قدرة الأمم المتحدة وحدها على إرسال مراقبين سريعا للانتشار في ميناء الحديدة والمدينة ومنع الاتفاق من الانهيار.

وتقول إن على الدول الكبرى الآن "تأكيد التزامها بوقف إطلاق النار عبر الاعتراف بأن أفضل وسيلة لتحقيق ذلك هي في منح الأمم المتحدة كل ما تحتاج إليه لتطبيق الاتفاق".