تفجير دموي آخر يختبر التحصينات التركية شمال سوريا

انفجار سيارة مفخخة في مدينة رأس العين يسفر عن مقتل 16 شخصا بينهم ثلاثة جنود أتراك وعناصر من كتائب السلطان مراد وإصابة 12 شخصا بينهم مدنيين.

بيروت - قُتل 16 شخصاً بينهم ثلاثة جنود أتراك الخميس في تفجير سيارة مفخخة في بلدة رأس العين الواقعة تحت سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها في شمال شرق سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ويأتي هذا التفجير بمؤشرات تدل على التعثر التركي في شمال سوريا، رغم مزاعم أنقرة بقدرتها على السيطرة على الوضع وإعادة الحياة لمنطقة مضطربة.

وتشير الاعتداءات المتتالية على مناطق تواجد الجنود الأتراك شمال سوريا إلى أن المقاتلين الأكراد مازالوا ينشطون في مناطقهم التي احتلتها القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها، ضمن مساعي الأكراد استنزاف القوى التركية في وقت تغرق تركيا فيه في أكثر من جبهة صراع وتعاني أزمات متناثرة.

وأورد المرصد أن السيارة انفجرت عند حاجز لـ"الشرطة المدنية" وأحد الفصائل المقاتلة عند مدخل رأس العين في شمال محافظة الحسكة، ما أسفر عن سقوط القتلى و12 جريحاً آخرين.

وأفاد المرصد عن مقتل ثلاثة جنود أتراك، إلا أن أنقرة أكدت مقتل إثنين من جنودها وإصابة ثمانية آخرين بجروح.

وأسفر التفجير أيضاً، وفق المرصد، عن مقتل مدنيين إثنين و11 عنصراً من الشرطة وفصيل "السلطان مراد" المقاتل تحت راية الأتراك، وهي كتائب انشأتها الاستخبارات التركية ودربت عناصرها في معسكرات الجيش التركي والتي تعتبر خزّان أنقرة في تدخلاتها العسكرية الخارجية.

سيطرت تركيا والفصائل السورية الموالية لها إثر هجوم واسع أطلقته في أكتوبر/تشرين الأول 2019 ضد المقاتلين الأكراد، على منطقة حدودية واسعة بطول نحو 120 كيلومتراً بين مدينتي تل أبيض (شمال الرقة) ورأس العين (شمال الحسكة).

ومنذ ذاك الحين تشهد المنطقة تفجيرات عدة بالسيارات والدراجات المفخخة نادراً ما تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها. وغالباً ما تتّهم أنقرة المقاتلين الأكراد الذين تعدهم "إرهابيين" بالوقوف خلفها.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الانفجار الأخير في رأس العين، لكن بناء على هجمات سابقة شنتها قوات سوريا الديمقراطية العمود الفقري للمقاتلين الأكراد على مناطق انتشار القوات التركية التي احتلت

والشهر الماضي قتل ثمانية أشخاص على الأقل وأصيب العشرات بانفجار سيارتين مفخختين في مدينتي الباب وعفرين الواقعتين تحت سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها في شمال سوريا، وفق ما أحصى المرصد.

وتعكس الهجمات المتوالية الهشاشة الأمنية شمال سوريا القابع تحت سيطرة القوات التركية العاجزة منذ تواجدها عن حماية المدنيين من تفجيرات مستمرة.

وعلقت أنقرة هجومها ضد المقاتلين الأكراد في 23 أكتوبر/تشرينالأول 2019، بعد وساطة أميركية ثم اتفاق مع روسيا نصّ على انسحاب المقاتلين الأكراد من المنطقة الحدودية وتسيير دوريات مشتركة فيها.

وتسعى تركيا إلى إقامة "منطقة آمنة" تعيد إليها جزءاً كبيراً من ثلاثة ملايين لاجئ سوري لديها.

وتواجه تركيا تحديات أمنية وأن الدعاية "للمنطقة الآمنة" تهتز على وقع هجمات دامية من حين إلى آخر، وسبق أن حذرت تقارير من أن التوغل التركي في شمال سوريا سيوقع بها في مستنقع يصعب الخروج منه.

تشهد سوريا نزاعاً دامياً منذ العام 2011 تسبّب بمقتل أكثر من 387 ألف شخص وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.