'تقدم' ومصر تسعيان لجمع البرهان ودقلو في القاهرة

حمدوك للبرهان: هل تريد أن يكتب التاريخ أنك آخر حاكم للسودان وانتهى في عهدك وتفكك وتدمر للأبد.
الجيش السوداني يعلن استعادته مقر الإذاعة والتلفزيون من قوات الدعم السريع

الخرطوم – قال رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” عبد الله حمدوك، إنّ لقاء قائدي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع من المحتمل أن تحتضنه القاهرة، موضحاً أنهم ناقشوا مع القيادة المصرية إمكانية حث عبدالفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو "حميدتي" على اللقاء في القاهرة من أجل إيقاف الحرب، “ورحبوا بالأمر.. فاستقرار السودان من استقرار مصر، وانهيار السودان، كارثة أمنية كبرى لمصر”، مشددا على أنهم لن يتوقفوا في التواصل مع البرهان وحميدتي من أجل إنهاء الحرب.

وفشلت حتى الآن الجهود الدولية الرامية لوقف الحرب، التي تمثلت في ثلاث جولات تفاوض في جدة وقمتان للهيئة الدولية المعنية بالتنمية في إفريقيا "'إيغاد"، فضلا عن مفاوضات جرت في يناير الماضي في المنامة.

 كما عطل الجيش الهدنة التي دعت إليها الأطراف المتعددة في شهر رمضان، ووضع أربع شروط لتنفيذ الهدنة، حيث أكد ياسر العطا مساعد قائد الجيش على تلك الشروط وطالب قوات الدعم السريع بالخروج من جميع المناطق التي تسيطر عليها في العاصمة الخرطوم وإقليمي دارفور وكردفان، إضافة إلى ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض في وسط البلاد. فيما طالبت الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي بفعل المزيد من أجل إنهاء معاناة السودانيين، لكن كل هذه المطالب لم تلقى أذنا صاغية من الجيش.

أهم ثلاثة محاور تمت مناقشتها في مصر هي إيقاف الحرب والعون الإنساني وأوضاع السودانيين في مصر.

وأفاد حمدوك أن مصر تقوم بأدوار فاعلة في حل أزمة السودان، مبينا أن لقاءات المنامة بين نائب القائد العام للجيش شمس الدين الكباشي وقائد ثاني الدعم السريع عبد الرحيم دقلو شكلت اختراقاً كبيراً، كونه أدخل مصر في التفاوض المباشر، وقال إن تقدم ضد تعدد المنابر وإن كان هناك (جدة 2) يجب أن تكون المنامة مرتكزاً، مؤكدا أن “تقدم” لن تتوقف عن التواصل مع البرهان وحميدتي من أجل إنهاء الحرب.

ونفى أن تكون تنسيقية تقدم منحازة لصالح الدعم السريع، موضحا أن “التنسيقية كتبت رؤية وقدمتها للجيش وللدعم السريع، الدعم السريع قبل التباحث وحضر هل نرفضه؟”.

وقال “البرهان في الأول كان يبدو أنه غير موافق على اللقاء، وكان مصراً على أن يتم اللقاء في بورتسودان، اتفقنا على الجلوس في أديس أبابا قلت له دعنا نتكلم بوضوح، جلوسك في بورتسودان وضع غير طبيعي، يجب أن تنتهي هذه الحرب، هل تريد أن يكتب التاريخ أنك آخر حاكم للسودان، وانتهى في عهدك وتفكك وتدمر للأبد؟ البرهان بدأ يستجيب. أنا لا أعتقد أن البرهان يريد هذه النهاية للسودان، ويمكن أن يتم عقد اللقاء في القاهرة، وتكون اتفاقات المنامة منصة ارتكاز”.

وكانت تنسيقية تقدم برئاسة حمدوك قد التقت حميدتي بأديس أبابا مطلع يناير الماضي وطرحت عليه خارطة طريق لإيقاف الحرب وكان من المأمول أن تعقد تقدم لقاءا مماثلا مع البرهان الذي اشترط اللقاء في بورتسودان.

وذكر حمدوك أن الدعم السريع هو الذي تجاوب مع موقف تقدم السياسي، لكن عدم تنفيذ الاتفاق يقدح في مصداقيته، مشيرا إلى أن الدعم السريع يرفع شعارات سياسية صحيحة لكن غير موجودة على الأرض، مضيفا أن “الجيش لم يطرح خطاباً سياسياً، وقياداته تقول (بل بس) والحرب لن تنتهي إلا بانتهاء الدعم، وهذا سياسياً غير جيد، ويزيد من معاناة السودانيين”.

ووصف حمدوك زيارة تنسيقية تقدم إلى مصر بـ”المفتاحية”، وأوضح أنها أتت من الحكومة المصرية، ولمسوا من كل الجهات العليا في مصر تفهمهم للأزمة السودانية، حيث أتت الرؤى متطابقة، بأنه لا يوجد حل عسكري للحرب في السودان ولا مخرج منها سوى الحوار السياسي والجيش الواحد الذي يحفظ وحدة السودان واستقراره. وأضاف أن أهم ثلاثة محاور تمت مناقشتها في مصر هي إيقاف الحرب والعون الإنساني وأوضاع السودانيين في مصر.

وذكرت مصادر مطلعة أن موقف قادة الجيش يبدو موحدا، حينما يتحدثون عن المعارك وعن خيار الحسم العسكري، لكن مواقفهم تتباعد نوعا ما حينما يكون الحديث عن التفاوض، أو العملية السياسية، إذ أنه لأول مرة منذ اندلاع الحرب يصدر بيان منفصل من مساعد القائد العام للجيش ياسر العطا، مع أن البيانات تصدر دائما من الناطق باسم الجيش، أو من مكتب الإعلام بمجلس السيادة.

وأضافت المصادر أن البرهان أعطي موافقة مبدئية مشروطة عن الهدنة التي دعا لها مجلس الأمن، بينما أظهر العطا موقفا رافضا بالكلية، ما يُفهم منه وجود تباين في مواقف الرجلين.

وكان مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس، قال إن "قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أكد عبر رسالة رسمية موافقته على دعوة أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش لوقف القتال خلال شهر رمضان".

وكان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة دعا الجمعة، إلى وقف إطلاق النار في السودان خلال شهر رمضان، مع تدهور الأوضاع في البلاد. وأيدت 14 دولة نصا اقترحته بريطانيا، امتنعت روسيا عن التصويت عليه، يدعو "كل أطراف النزاع للسعي إلى حل مستدام للنزاع عبر الحوار".

وانعقدت جلسة مجلس الأمن عقب يوم واحد من دعوات أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الخميس، لطرفي النزاع في السودان إلى "وقف إطلاق النار خلال شهر رمضان"، بينما تتخذ الأزمة الإنسانية "أبعادا هائلة".

وفي سياق متصل قال الجيش السوداني اليوم الثلاثاء إنه استعاد السيطرة على مقر الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون من قوات الدعم السريع شبه العسكرية التي سيطرت عليه مع بداية الحرب قبل 11 شهرا.

ويقع مقر الهيئة في أم درمان المطلة على نهر النيل قبالة الخرطوم، وهي جزء من منطقة العاصمة الكبرى وشهدت قتالا عنيفا حول القواعد العسكرية والجسور وطرق الإمداد.

وقد يوسع استيلاء الجيش على مقر الإذاعة والتلفزيون الحكومي سيطرته من الشمال عبر "أم درمان القديمة"، على الرغم من احتفاظ قوات الدعم السريع بالمناطق الجنوبية والغربية من المدينة.

وقال شهود إن الجيش، الذي اعتمد على القوة الجوية والمدفعية الثقيلة في محاولة لمواجهة تقدم قوات الدعم السريع، نشر طائرات مسيرة في أم درمان لاستعادة الأرض.

وسيطرت قوات الدعم السريع على مبنى البث الحكومي مع اندلاع القتال في منتصف أبريل/نيسان 2023، واستخدمته مع مرافق عامة أخرى في خدمة العمليات العسكرية.

وأظهر مقطع مصور نشره الجيش مجموعة من جنود الجيش في محيط كيلومتر من مبنى الإذاعة والتلفزيون وهم يهتفون بعد الاستيلاء على مركبات وأسلحة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، هتف أنصار الجيش لما أسموه تحرير "صوت الأمة".