تقرير الاقلية: مزيج مستقبلي بين الحقيقة التكنولوجية والخيال العلمي

القاهرة - من إيهاب سلطان
قفازات قادرة على فعل كل شيء

ما يزال الخيال العلمي هو مفتاح الكثير من الاختراعات خاصة ما يستخدم في الروايات السينمائية التي تنتجها هوليود والذي ظهر جليا في الفيلم الأخير للمخرج ستيفن سبيلبيرج "مينوريتي ريبورت" أو "تقرير الأقلية" المأخوذ عن رواية للقاص فيليب كي دك.
وبعيدا عن قصة الفيلم التي تدور حول التوقعات المستقبلية لأطفال "موتانت" الروحانيين أو طريقة التمثيل، فإن الأدوات التي أستخدمها الممثلون في التصوير تعتبر من الخيال العلمي المطلق التي تعكس احتياج الحياة البشرية لمزيد من التطور التقني.
ويبدأ الفيلم بمشهد لجون أندرتون كرئيس وحدة الجريمة في واشنطن وهو يدقق في الصور الرقمية بحالة من التوتر والعصبية تبدو جلية كلما شاهد صور المجرمين والبيانات الخاصة بهم.
وقد استخدم أندرتون قفازات سوداء "بي 5" بكشافات ضوئية صغيرة مثبته بأصابع اليد كبديل عن لوحة مفاتيح الكمبيوتر أو الفأرة التي يراهما أندرتون أدوات تضييع الوقت في تصفح الصور والبيانات الرقمية.
وتعتبر قفازات "أندرتون" أدوات حسية غير مرئية في اليد لها القدرة على تصفح الصور الرقمية والمعلومات من خلال توجيه بيانات لاسلكيا كما يوجه قائد الأوركسترا فرقته الموسيقية.
كما إبتكر توم كروز، المصمم المساعد للأزياء الخيالية في ملابس الفيلم، تصميم أزرار للملابس مشابه للقفازات يمكنها أن تبعث بأشعة تحت الحمراء لتتعقب حركة المجرمين وتسجلها في صورة مجسمة ثلاثية الأبعاد.
كما يمكن للقفازات أن تصبح جهاز تحكم عن بعد في الألعاب الرقمية أو يمكن إستخدامها مع معدات اخرى بديلة لإبتكار طرق جديدة للسيطرة على الاجهزة المختلفة والتي تلبي كافة الرغبات.
ويرى يوئيل بولاك رئيس قسم التسويق في شركة شارب العالمية المتخصصة في الإلكترونيات الدقيقة أن قفازات "بي 5" يمكنها عرض الصور على الشاشة بدرجة من الوضوح العالية وبألوان غنية كما لها العديد من الفوائد منها أن هذه الشاشة يمكن أن تعكس وتبعثر الضوء لأكثر من 180 درجة كما يمكن أن ترسم صورة واضحة ثلاثية الأبعاد يسهل مشاهدتها من أي زاوية.
وقد إستخدمت شاشة أندرتون نفس التقنية التي استخدمت في الطائرات والتي تمكن الطيار من الرؤية في الظروف الجوية السيئة حيث تعرض صور واضحة للتضاريس الخارجية بالإضافة إلى رسم منحنيات بيانية للظروف البيئية على ستارة زجاجية مغلفة بمادة تستطيع عرض صور مجسمة عن طريق عاكس يعمل بمجرد تسليط ضوء بطول موجة معينة وزاوية دقيقة جداً.
ويضيف بولاك أن التقنية المستخدمة في تصنيع شاشات العرض رخيصة نسبيا بما يشجع على تصنيع شاشات بقطر أكبر من 40 بوصة بالإضافة إلى إمكانية استخدام البلور السائل أو البلازما في تصنيع شاشات متطورة.
ولسوء الحظ فأن تقنية عارض الصور لا تسجل بالفيديو كما أن تطوير شاشات العرض ضعفت في السنوات الأخيرة ولم تحظ باهتمام المبتكرين.
وترى سيدني روزنبلات في شركة العرض العالمي أن الشاشات التي تعرض الصور بحجم الحائط تستخدم تقنية مشابهة للبلور السائل تقسم الشاشة إلى نقاط نشطة بالكهرباء لعرض الصورة.
وتتوقع سيدني أن تفتح مادة "أو إل إي دي"، التي تماثل البلور السائل في الخصائص الاساسية لكنها تتفوق عليه بمرونتها، آفاق جديدة أمام المبتكرين لتصنيع شاشات محمولة أو شاشات دائرية كما يمكن أن تستخدم في تصنيع ورق إلكتروني من خلال كبسولات مغناطيسية ملونة تستخدم في المجلات الإلكترونية والنشر الرقمي خاصة وأنها تقسم الشاشة إلى طبقة صغيرة السمك جداً أقل حجما من شعر الإنسان.
ويرى مارك كريدر نائب رئيس البحث في صناعة القرص الصلب سيجات أن الشاشات ثلاثية الأبعاد تعتبر من التقنيات المتطورة التي تعرض كافة البيانات كما أن إستخدامها في الأفلام السينمائية يتطلب تيرابيات "مليون جيجابايت" من الصور ورغم ذلك فإن فيلم "تقرير الاقلية" عرضها بشكل سهل جداً من خلال عرض الصور على أقراص زجاجية صغيرة لعدم تعرضه لتفاصيل التقنية.
ويرى كريدر وبعض الخبراء أن التصوير المجسم "ثلاثي الأبعاد" يحتاج إلى وسائل عملية عديدة ليتم تعميمها على كافة أدوات النشر الموسيقي والسينمائي حيث ما يزال قراصنة الإنترنت يمارسون إختراقاتهم للحصول على الإنتاج الرقمي بطرق غير شرعية بالإضافة إلى عدم التزام العديد من الموزعين بحقوق النشر والتوزيع حتى الآن.
وتزداد تحديات التقنية في المستقبل مع ظهور القفازات الإلكترونية كبديل فعال لعمل لوحة المفاتيح والفأرة بالإضافة إلى ابتكار طرق جديدة لشاشات ثلاثية الأبعاد وثنائية الأبعاد خاصة مع تراجع استخدام اسطوانات التيرابايت الصلبة والقادرة على أرشفة بضع من رسائل البريد إلكترونية.
فقد تكون الحاجة أم الإختراع ولكننا في حاجة لإستيعاب التقنية وتخيل الطرق الجديدة في العمل وإختيار أفضل الأفكار في المستقبل والتي توصل العلماء إليها عن طريق الخيال العلمي وليس عن طريق العلم والمعرفة.